بقلم : ساندى إدوارد 
     قبل عامين تقريبا على موعد حلول الانتخابات الرئاسية بدأت تتعالى أصوات - النخبة - في سماوات الإعلام بين مؤيد ومعارض لترشح الرئيس السيسي لفترة رئاسية ثانية، وفي الحقيقة إن كنا نتفهم منطق وفكر الداعين للترشح فإننا لا نفهم كيف يمكن الاعتراض على عملية الترشح ذاتها . فالترشح حق دستوري كفله الدستور لمن تتوافر فيه شروط ومتطلبات ذلك المنصب الرفيع ثم بعدها يكون الحكم للشعب من خلال صناديق الانتخابات ، أن الداعين لعدم ترشح السيسي لفترة ثانية هم لا يحجرون على الرأي العام للشعب فحسب بل يريدون - بخبث وعلى غير الحقيقة - توصيل رسالة مفادها فقدان الرئيس أهليتة للترشح من الأساس.
وطبيعي ان تصل تلك الأصوات بالتأييد أوالمعارضة للقيادة السياسية التي أرادت توصيل رسائل هامة لجمهور الشعب عبر لقاء الرئيس برؤساء تحرير الصحف القومية وبعيدا عما دار في هذا اللقاء تراودني مشاعر القلق على مستقبل بلادي لإحساسي بأن الرئيس السيسي يفرط في ثقته في الشعب إفراطا لا يتناسب والواقع وقد يكون هذا ناتج عن عدم توضيح الرؤية للرئيس من قبل العاملين معه فيسمعون الرئيس مايحب ويحجبون عنه ما يكره ولا سيما وان الرئيس لم يلتق الشعب في لقاء جماهيري حاشد منذ انتخابه .
وبين الشعب والقيادة قوة تأثير متبادلة ، فإن كان الشعب له التأثير الكبير في تحديد واختيار من يحكمه فالقيادة بما تملكة من مقومات السلطة والقدرة على اتخاذ قرارات تصب في صالح الشعب وترعي مصالحه لها تأثيرها السحري على توجيه الناخب لاختيار القيادة التي تخدمه .
ولكن من وجهة نظري المتواضعة أرى أنه على الرئيس السيسي أن يكون حذرا من ثقته المفرطة في جماهير الشعب المصري الذي لا تهتم غالبيته إلا بما يسد رمقها ويكفيها من العوذ والحاجة ، فالشعب المصري الفقير من ذوى الدخل المحدود أو (الدخل المعدوم) يتنفس كل يوم دخان الغلاء وتكتوي ضلوعه بنار الأسعار ويلهث وراء زجاجة زيت في طابور التموين ، يرى كل شئ حوله يرتفع إلا دخله ، لا تهمه العاصمة الإدارية الجديدة بقدر ما يهمه الآن ان يجد مكانا في الشارع ليسير فيه من فوضى التجار وسماسرة السوق، لا تهمه قناة السويس الجديدة طالما انها لم تؤت اكلها وتصنع له رخاءا ، لا تهمه المليارات التى توضع في الصحراء في شكل مدن جديدة طالما أنه يسبح في بركة من المجاري يوما وتنقطع عنه المياه أياما ، لايهمه انشاء مفاعل نووي بقدرما يهمه ألا تلسع فاتورة الكهرباء ظهره المقصوم ، لاتهمه الميسترال أو الرافال بقدر مايهمه ان يشعر بالأمن من بلطجية الشوارع ومنتهكي الحرمات ، لا تهمه ميزانيات الصحة - التي تذهب إلى جيوب كبار موظفيها -  بقدر ما يهمه ان يجد وحدته الصحية مفتوحة وبها طبيب يسعفة عند الحاجة.
   نعرف ان التحديات كبيرة ولكن من أهم تلك التحديات هو  شعور الشعب بالإحباط ، فيسأل الشعب  نفسه كل ساعة متى يأتي الفرج إذا كانت الحكومة تخرج كل يوم بنبأ الغاء الدعم في السنوات القادمة عن الكهرباء والمحروقات والمياه والغاز؟  أي أمل نطبعه في عقول غالبية الشعب بهذه التصريحات ؟ اى تأييد نرجوه من شعب نفقره كل يوم عن اليوم السابق له ؟ أي مناصرة نهدف إليها من شعب هزمناه أمام الطماطم والخضار وجعلناه يتمنى الفاكهة في احلامه ؟ أي دعم ننتظره من شعب يرى الطبقية تضرب ربوع مصر كلها ؟ فالطبقة العليا تزداد ثراءا والطبقى الوسطى - وهي الغالبية الساحقة - تتآكل. ليس من المنطقي أن نطلب من الشعب ان ينتظر أجلا غير مسمى لتتحسن ظروفه . وليس من المنطقي ان نطلب من الشعب ان يصبر وهو يرى بأم عينية الفساد يستشري ويشعر أن ثورتين متتاليتين حدثتا كانتا حلما من احلام اليقظة . أي مباركة ننتظرها من شعب يبحث عن العدالة في توزيع الدخول فلا يجدها ؟ أي صوت انتخابي نرجوه من عاطل عن العمل ؟ 
سيدي الرئيس لا يدخل إلى قلبي أدنى شك أنك رجل وطني تحب مصر أكثر من حياتك وتريد لها ان تكون في مصاف الدول المتقدمة ونواياك طيبة وأهدافك نبيلة وتقدر شعب مصر وتجله ، لكن الثقة في الشعب لها شروطها .
سيدي الرئيس .. الشعب حينما يجوع .. يكفر .