ماجد سوس
ما يحدث لأقباط مصر في القرن الحادي و العشرون بعد ثورتين شعبيتين مجيدتين أطاحت بنظامين فاشيين لهو أمر مخجل يَنْدَىلهالجبين في مشهدٍ أقل ما يوصف بالعنصرية المقيتة التي انتهت بزوال الإستعمار عن بلاد الدنيا في اواسط القرن الفائت .
تساءلت يوما ماذا لو اطاح الجيش المصري بقيادة الرئيس السيسي بكل الإجراءات والقرارات و السبل العفنة التي استخدمت و تستخدم في معالجة الملف القبطي من التفرقة في المعاملة من التهجير و المصالحة و هم صاغرون مع وقف البناء او الترميم للكنائس و إفلات الجاني من العقوبة و كانت على حد السواء المتهم سيبرأ إما بكونه مخبولا و مريضاً نفسياً أو لعيب في الدليل المقدم للمحكمة و هي نفس الأساليب التي عرفها الأقباط منذ ثورة 1952
كنت أتصور أن الرئيس السيسي و الجيش سيصران على دستور مدني حديث يماثل أكثر الدساتير تقدماً في العالم و يفصل بكل وضوح وقوة بين الدين و السياسة بلا المادة الثانية العنصرية التي تفرض شريعة دينية بعينها لتكون هي المصدر الوحيد للتشريع بل عودة مصادر التشريع المتنوعة مع حل جميع الأحزاب التي تتستر وراء الدين كحزب النور السلفي و غيره . كان من الممكن ان يحذر الجيش المصر يجميع الأطراف بالعبث بمدنية الدولة كما فعل مصطفى كمال أتاتورك في بناء تركيا الحديثة الذي ألغى الخلافة الإسلامية و أعلن علمانية الدولة وان فعل السيسي هذا لصار اشهر منه إن فعلها في دولة عريقة كالدولة المصرية .
السلفيون يعبثون بالوطن بلا رادع و هو أمر غامض و مريب وإن بدى مفسراً لما قاله عمر التلمساني ، المرشد الثالث لجماعة الإخوان المسلمين ، يوما حينما علق قائلا لا تضربوا و لا تهاجموا الشرطة بل دعوا شرطة معنا في نفس الخندق لتحار أعداء الدين معنا ، فإن صحة هذه العبارة يكون التيار الإسلامي المتشدد إستطاع ان يجعل الشرطة تقف في صفة فتطرد المجني عليه من داره و تتستر على خطف القاصرات و دائماً تأتي متأخرة بعد ان ينقض المتهم على فريسته الضعيفة و يحرق ممتلكاته ثم تعطى له الفرصة للهرب و تنتهي الجريمة بجلسة صلح كما أسلفنا لا لتعيد الحقوق المسلوبة بل على العكس تقضي على ما تبقى من امل في شعور القبطي لا بأنه مصرياً فحسب بل بأنه إنساناً.
هل القيادة السياسية تعي بكل تللك الأمور ، الإجابة بالطبع تعلم بمقتضى مناصب الرئيس الهامة التي تبوءها سواء في المخابرات او في الجيش ثم السلطة التنفيذية . هل الرئيس السيسي في مقدوره إنهاء العنصرية البغيضة التي انتشرت كالسرطان في جسد الوطن . نعم يستطيع و ان بدى الأمر أكثر صعوبة بعد ان نشأت أجيال لا تعرف سوى التحرش الديني و التحرش الجنسي فتجد شاباً فظاً يفعل كل الموبئات و لايحترم كبيره و لا يصلي لكنه ينتفض لنصرة دينه إذا اراد قبطي ان يصلي في مكان بسيط يعده لعبادة الله فيظهر كره و بغضة لا تمت للإنسانية بشدة .
الرئيس يستطيع أن يتحرك في عدة إتجاهات اولها سن القوانين الرادعة التي تسمح للقبطي ان يبني كنيسته دون ان يعترضه أحد و يعليها بالقبب و الصلبان كما يفعل شركاءهم في الوطن في بناء مساجدهم ثم الأهم و هم القائمون على تطبيق القانون و هو أمر شائك لأن الديانة و ليس التدين يأخذ أكبر حجم و حيز في التعامل بين الناس في مصر فحينما يكون الجاني مسلم و جهة التحقيق مسلمة و جهة الإتهام مسلمة و جهة التقاضي مسلمة فستجد نفسك في مأزق و لا سيما ان الغالبية التس نشأت او تربت في الأربعين سنة الماضية شربت الكثير جدا علم العنصرية و التشدد الذي ملأ المدارس و الإعلام و بيوت العبادة .
الحل هنا قد يبدو صعباً و لكنه مهما للغاية فعلى رئيس الجمهورية إن كان جاداً في رغبته إنهاء الصراع الطائفي أن يعلن او لا يعلن عن خطة خمسية مثلا لتعيين الأقباط في المناصب و الوظائف التي تتصل مباشرة بحياة الناس فيتم تعيين ضباط مباحث سواء في الأمن الوطني او المباحث الجنائية من الأقباط و يزيد عدد الأقباط في النيابة العامة و القضاء و ان يكون لكل محافظ او عمدة مساعد له صلاحيات قبطي حتى امناء الشرطة ، فيقف القبطي و المسلم معاً ضد الإرهاب حتى يتم القضاء على التمييز الديني.
أما الأمر الثاني فهو ان تحذو مصر حذو الأردن في إلغاء خانة الديانة من الهوية و هو أمر ليس صعباً و يسهل تطبيقه و قد قدمتُ إقتراحاً في مقالاتي عدة مرات عن الحل في حالة إن ظهر على السطح من سيقف ضد هذا الإقتراح بحجة انه سيترتب عليه مشاكل في مجال الأحوال الشخصية و لا سيما في الزواج و الميراث ، فإقترحت عمل شهاجة كشهادة الميلاد او الوفاة او التجنيد تقدم عند طلبها فقط و تسمى شهادة الديانة و هي تقدم امام الموثق في عقد الزواج او للمحكمة في إعلام الوراثة لكن في غير ذلك لا يحتاجها الإنسان كي يعلن ديانته لأحد سواء عند البيع او الشراء او التوظف .
تعبنا و أنهكنا من تكرار الحديث عن ذات الموضوع مراراً و مراراً لكنا لن نيأس و لن نمل و لن نتوقف عن المطالبة بحقوقنا المسلوبة بل و المفقودة طالما نقدمها و نحن نقدم كل ما نملك فداءاً للوطن و مازالت جدران كنائسنا المحروقة تشهد بهذا و مازال الأمل داخلنا يملأ نفوسنا و ان كنا نتألم لألم اخواتنا في المنيا و العامرية و غيرهما من بقاع وطننا الحبيب إلا انه مازالنا نأمل خيراً في الرئيس الذي أحببناه و صدقناه و ووقفنا خلفه و تملكنا شعوراً انه يعمل من أجل مستقبل مشرق لنا و لأولادنا و قد راهنا على الرجل حين تخلى عنه البعض و مازلنا نراهن عليه و ان تسرب بعض اليأس لبعضنا الا اننا ننظر للأيام القادمة بعين الترقب عل القادم خيراً بإذن الله.