الأقباط متحدون - جرجس
أخر تحديث ٠٤:٢٠ | الثلاثاء ٢٣ اغسطس ٢٠١٦ | مسري ١٧٣٢ش ١٧ | العدد ٤٠٢٩ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

جرجس

الارشيدياكون حبيب جرجس
الارشيدياكون حبيب جرجس

عصام نسيم
ونحن نحتفل في هذه الايام  بعيد نياحة القديس الارشيدياكون حبيب جرجس  احد اهم معلمين الكنيسة في العصر الحديث , وباعث النهضة في الكنيسة في تاريخها المعاصر ومنشئ مدارس الاحد والاكليركية .

ورغم الظروف الصعبة التي كانت تمر بالكنيسة القبطية لكنه لم ييأس ابدا ولكن امن بالاصلاح والبناء الجاد والتغيير للافضل وكان دافعه الاول والاخير محبته للكنيسة وغيرته المقدسة !

امن بالإصلاح وكان اصلاحه من قلب غيور محب لكنيسة اصلاح بغرض البناء والتجديد اصلاح يبني ويعيد امجاد الكنيسة العريقة ويزيل التراب الذي علق بها لترجع الكنيسة مضيئة كما كانت وتأخذ مكانتها بين كنائس العالم ويخرج لنا اجيال وأجيال يحملون شعلة التنوير في الكنيسة وينهضون بالكنيسة اكبر نهضة في العصر التاريخ !

ولد القديس حبيب جرجس سنة 1876 ونشأ في الكنيسة القبطية احبها واخلص لها من كل قلبه وسعى طوال حياته في خدمتها وخصوصا خدمة التعليم والوعظ .

كانت الظروف التي تمر بها الكنيسة وقت نشأة الشاب حبيب جرجس ظروف غاية في السوء والاضطرابات

كان هناك اضطرابات في الكنيسة بين البابا والمجلس الملي كان هناك نقص في التعليم ونقص في الرعاية ونقص في الوعظ !

وفي هذا الوقت بدا البابا كيرلس الخامس في انشأ الكلية الاكليركية عام 1992 وقد وكل مديرها وقتها منير بك منقريوس  وكان الشاب حبيب جرجس وقتها من ضمن الاثنى عشر شابا الذين تم قبولهم في الكلية لدراسة اللاهوت وكانت اول دفعة تتخرج من الكلية بعد اعادة انشائها !

والعجيب انه لم يكن هناك مدرس لمادة الدين بالكلية ومن المؤسف ان بعض الجمعيات عرضت على  المعلم عياد مرزوق وهو شخص بروتستانتي للتدريس ولكنه اعتذر ! ثم عرضت على الخواجا تادرس حنا الموظف شيخا عند الامريكان ولكن قداسة البابا رفض ذلك !

وهكذا يتضح لنا مدى الحالة الصعبة التي كانت تمر بها الكنيسة في ذلك الوقت فالكنيسة لم تجد وقتها مدرس دين مسيحي بين الاقباط  !

ثم قام الشاب حبيب جرجس بتدريس مادة الدين في الكلية وهو مازال طالبا في السنة الثالثة !

كانت بداية العلاقة القوية بين الاستاذ حبيب جرجس والبابا كيرلس الخامس بعد القاء عظه له في كنيسة حارة السقايين وكان يسمعها قداسة البابا كيرلس الخامس وقتها وكان من شدة فرحه بوعظ حبيب ظل واقفا طوال العظة ويقوم برشم علامة الصليب على الحاضرين ثم احضره بعد هذه العظة وجعله شماسه الخاص ومن وقتها اصبح حبيب جرجس شماس ومساعد البابا كيرلس الخامس .

و بعد تخرج الشاب حبيب جرجس اصبح مدرس في كلية اللاهوت ثم مديرا للكلية  لينهض بالكلية نهضة كبيرة  و

لتتحول الي كلية تليق بمكانة وعظمة الكنيسة القبطية ولذلك يعتبر الارشيدياكون حبيب جرجس هو المؤسس الحقيقي للكلية الاكليريكية

فقام بشراء ارض جديدة للكلية بمهمشة وبدأ في جمع التبرعات وتخصيص الاوقاف لها وبالفعل نجح في البناء وتم انشاء المبنى ولم يكتفي بالبناء فقط ولكنه سعى بكل طاقته وجهده في ادخال الكهرباء لها ورغم اعتراض شركة الكهرباء وقتها ورغم قبوله تحمل النفقات التي وصلت ل 400 جنيه وقتها لم ييأس ولكنه دعى مدير شركة الكهرباء لزيارة الكلية وبالفعل عندما زار مدير شركة الكهرباء المبنى انبهر به ووافق على دخول الكهرباء للكلية وبسببه دخلت الكهرباء الحي بأكمله !

وهكذا كانت الكلية سبب في اضاءة العقول وإضاءة البيوت !

ولم يكتفي الارشيدياكون حبيب جرجس بذلك ولكنه نهض بمناهج الكلية وادخل مواد جديدة اليها كاليونانية والعبرية والفلسلفة وعلم النفس ومواد اخرى !
ولم يكتفي القديس حبيب جرجس بتعليم الكبار ولكن كانت رغبته في تعليم الصغار ايضا وكانت فكرة مدارس الاحد التي اسسها الارشيدياكون حبيب جرجس عام 1900 بدأ بها في منزله ثم توسعت الفكرة وانتشرت بعد ذلك في الكرازة كلها !

ووضع لها المناهج وكان يعد ويطبع الصور التي توزع في الخدمات المختلفة والترانيم التي تقال فيها

وهكذا كان شغل القديس الشاغل هو العلم والمعرفة للكبير والصغير وقد نجحت مدارس الاحد وأخرجت لنا اجيال حملت التنوير والعلم للكنيسة كلها وأخرجت لنا بطاركة وأساقفة ورهبان وكهنة وخدام وخادمات !

ولم يكتفي القديس بكل ذلك بل سعي بتدريس مادة الدين المسيحي في المدارس وكان ذلك في عهد وزير المعارف سعد زغلول في عام 1907 وبالفعل تم الموافقة على تدريس الدين المسيحي وقام الارشيدياكون حبيب جرجس بإعداد المناهج الخاصة بها !

اصدر حبيب جرجس مجلة الكرمة التي استمرت 17 عام كما اصدر العديد من الكتب التي وصلت الي 30 كتاب منها الروحي والعقيدي تاريخ الكنيسة والإصلاح الكنسي  والترانيم وقام بكتابة كتابين هامين وهم الصخرة الارثوذكسية واسرار الكنيسة وكانت عبارة عن شرح عقيدة الكنيسة القبطية والرد على البدع التي بدأت وقتها تنتشر خصوصا مع دخول الارساليات الاجنبية الي مصر .

وقد رشح الارشيدياكون حبيب جرجس مطرانا للجيزة  عام 1948  ولكن رفض البابا يوساب سيامته   نظرا لكونه علماني وليس راهب

كان هدفه وشغله الشاغل هو البناء والإصلاح والتجديد والتنوير

كان ابن مخلص ومحب لكنيسته لم ينتقدها يوما لم يسئ اليها يوما لم يتطاول عليها يوما ولكن كان يرى الضعف ويسعى في علاجه كان يرى الخطأ ويعمل بكل جهده في تصويبه وكان يرى ما يحتاج الي اصلاح فيسعى بنفسه في الاصلاح دون ضجيج ودون تشهير ودون اساءة !

وهكذا وضع لنا القديس المنهج الروحي المسيحي في الاصلاح والبناء المغلف بحب الكنيسة والرغبة في نهضتها .

وبعد حياة حافلة بالعطاء والخدمة والتعليم تنيح الارشيدياكون بسلام في 21 اغسطس عام 1951 يوم عشية عيد السيدة العذراء التي احبها وكان دائم التشفع بها  . وقد تم اعلان قداسته في عهد قداسة البابا تواضروس الثاني في عام 20013

ونحن نتذكر قديسنا في هذه الايام التي كثر الذين يسيئون الي الكنيسة ويتطاولون عليها ويرفضون عقيدتها وتعليمها بحجة الاصلاح وفي الحقيقة هم انفسهم من بحاجة الي اصلاح

فتاريخ كنيستنا يخبرنا انه في كل فترة ضعف كان هناك كواكب تضئ الظلمة وتنشر النور قديسون اناروا لنا الطريق احبوا الكنيسة من كل قلبهم وسعوا بكل طاقتهم في نهضتها وبذلوا حياتهم في خدمتها بكل امانة وحب ! وكان قديسنا حبيب جرجس احد هذه الكواكب التي انارت كنيستنا وكانت سبب نهضة نهضة سيكتبها التاريخ بحروف من نور .

نصلي الي الرب ان يحافظ على كنيسته وان يرسل لها دائما خدام امناء انقياء محبين ليحافظوا على الوديعة كما تسلموها .


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع