الأقباط متحدون - مفهوم الأمة القبطية عند القديس حبيب جرجس (1876-1951م)
أخر تحديث ٠٣:٥٦ | الأحد ٢١ اغسطس ٢٠١٦ | مسري ١٧٣٢ش ١٥ | العدد ٤٠٢٧ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

مفهوم الأمة القبطية عند القديس حبيب جرجس (1876-1951م)

مفهوم الأمة القبطية عند القديس حبيب جرجس
مفهوم الأمة القبطية عند القديس حبيب جرجس

 د.ماجد عزت إسرائيل

   القديس حبيب جرجس هو أحد العلامات المضيئة فى تاريخ الكنيسة القبطية،وُلد بحى الظاهر بالقاهرة فى عام 1876م، كان والده موظفاً بسيطاً بوزارة الداخلية،وبعد نياحته فى عام 1882م تولت أمه تربيته، حيث تلقى تعليمه بالمدارس المصرية بذات الحى، إلى أن تخرج فى المدرسة الثانوية للأقباط فى عام 1892م،ثم التحق بالكلية الإكليريكية التى افتتحها قداسة البابا "كيرلس الخامس" البطريرك رقم (112) (1874-1927م) فى نوفمبرعام 1893م، وكان من باكورة الدارسين، وتلقى تعليمه على يد القمص "فيلوثاؤس" الذى كان ناظراً لها. وبعد تخرجه بفترة وجيزة أصدر قداسة البابا  قراراً فى عام 1918م بتعيينه مديراً للمدرسة الإكليريكية (1918-1951م).
 
     ولعب القديس حبيب جرجس دوراً بارزاً فى نهضة الكنيسة القبطية،فنذكر على سبيل المثال وليس الحصر ساهم بأفكاره البنائه فى بناء العديد من المدارس، وقام بإعداد نظام علمي منهجي لمدارس الأحد،كان من الأعضاء البارزين بالمجمع الملى، ترك لنا العديد من المؤلفات العلمية التى تعد نبع من ينابيع التراث الثقافى القبطى،من تلاميذه قداسة البابا شنودة الثالث البطريرك رقم (117) المتنيح فى17 مارس2012م،والأب متى المسكين المتنيح فى عام 2006م، والأنبا غريغوريوس أسقف البحث العلالمتنيح 2001م،وظل يكافح فى نشر الثقافة والتعليم حتى نياحته فى 21 أغسطس1951م عن عمر يناهز نحو 75 عاماُ،وفى20 يونية 2013م اعترف المجمع المقدس به كأحد قديسى الكنيسة المتبتلين العلمانيين،وكلف البابا تواضروس الثانى الحالى، كل من نيافة الحبر الجليل الأنبا"مكاريوس" والأنبا"مارتيروس"بنقل جسده الطاهرة إلى كنيسة السيدة العذراء بمهمشة بحى الشرابية  بمدينة القاهرة،  بعد مرور 62 عاماً على نياحته، وبناء على هذا يمكن بناء الكنائس على اسمه، بالإضافة إلى إمكانية ذكره في المجمع المقدس أثناء صلاة القداس.
 
    كان القديس حبيب جرجس يدرك قيمة التراث الثقافى القبطى،والكنيسة المصرية التى كانت طرفاً فى تحديد إطار العالم المسيحى فى العالم اجمع، وكان قداسته يعرف مدى التحديات لإعادة دور الكنيسة القبطية لمكانته الطبيعة ،سواء من المبشرين الأجانب أو الإسلامين المتشددين وخاصة بعد نشأة الحزب الوطنة 1907م، وتعاطفه مع الخلافة العثمانية،ولذلك سعى للحداثه والتنوير وخاصة ما يخص أقباط مصر، وإليه يرجع الفضل فى استخدام مفهوم الأمة القبطية ،وقدر ذكر الكاتب الراحل محمد حسنين هيكل قائلاً :" كان جرجس أول من استعمل هذا التعبير الخطير ـ الأمة القبطية ـ الذى كان يعنى به شيئا أكبر من الكنيسة ورعايا".
 
 على أية حال ،من أجل الأمة القبطية سعى القديس حبيب جرجس إلى تطوير هذه المؤسسة الكنسية التى علمت العالم أصول المسيحية،فبدأ ببعث تعلم اللغة القبطية فى المدارس التابعة للكنيسة القبطية، وأيضًا التأكيد على تعلمها للشمامسه والكهنة قراءة وكتابة،وكذلك تعليم أبناء الأقباط بمدارس الأحد بالكنائس،خلاصته أن هذا القديس لجاء للتطوير الهرم الكنسى الذى يأتى على رأسه البطريرك وفى قاعدته أبناء الكنيسة وشعبها،وبالفعل بعد مضى وقت من الزمن  تحققت أحلامه التى كان يريد تحقيقها من نهضة الأمة القبطية.
 
   وفى سبيل تحقيق أمانى وطموحات الأمة القبطية، شجع القديس حبيب جرجس الأراخنة على تقديم العطايا عن طريق وقف العقارات والأراضى من أجل نهضة الكنيسة، كما وجه إلى ضرورة نشأة الجمعيات الخيرية والملاجىء والمستشفيات الخاصة وأنشاء المدارس للتدريب المهنى، وتعلم الحرف لأبناء مصر جمعيا مسلمين وأقباط، ولعب دوراً فى إنشاء الكلية لإكليريكية التى كانت تعبر عن الشكل التعليمى الدينى الخاص برجال الدين (الإكليروس)، والتى بدأت عند إنشائها فى الفجالة 1893 م ثم نقلت للدار البطريركية 1894م،ثم إلى مهمشة 1904م فالبطريركية ما بين(1905-1911م) وأخيراً استقرت فى مهمشة ما بين (1912 حتى 1953م) ثم إلى مقرها الحالى بالأنبا رويس بالعباسية (1954-2016م)، وكان من شروط القبول بها موافقة الأب البطريرك،وبدأت كمدرسة علمية فى مناهج دراستها بالإضافة للألحان،أما الآن فمناهجها تهتم باللاهوت الطقسى والألحان والطقوس والكتاب المقدس،والوعظ وتاريخ وجغرافية الكتاب المقدس واللغة القبطية والعبرية والعربية ويرجع الفضل لهذا القديس فى إنشاء القسم المسائى للكلية الإكليريكية 1945م،وكذلك تأليف وكتابة الكتب الخاصة بها. 
      
  وأصبحت الأمة القبطية  فى الثلاثينات والاربعينات، وحتى بزوغ شمس ثورة 23 يوليو 1952م، ذات فعاليه ونشاط ليس على المستوى الدينى فقط، بل أمتد تأثيرها فى شتى مناحى الحياة ،ففى الجانب الدينى وصلت الكنيسة لمكانة متميزه عما كانت عليه فى السابق،أما فى الجانب الاقتصادى فاحتل الشعب القبطى أكثر من ثلث الموارد الاقتصادية، وأصبح لدى العديد من الأراخنة وأبناء الكنيسة العديد من الشركات والمصانع التى ساهمنت فى الاقتصاد القومى،وعلى الجانب السياسى تبوأ الاقباط مكانة كبرى فى البرلمان المصرى، والأحزاب السياسية والمناصب السيادية بالدولة،ومع نياحة القديس حبيب جرجس  صاحب مصطلح الأمة القبطية كانت الكنيسة وشعبها فى مكانة متميزة.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter