وزعم مقدم بلاغ تكفير الدكتور القمنى، أن الدكتور القمنى قال: «أنا محدش يقدر يحبسنى عشان أنا ليا تلاميذ وأصدقاء فى مناصب مرموقة بالدولة»، عجبا وهو لو القمنى مسنود وله ظهر وتلاميذ وأصدقاء فى مناصب مرموقة كان ده بقى حاله، يكفر فى بلاغات، ويجرجر على الأقسام، ويستجوب فى النيابات، ويحاكم فى الجنايات.
عجبا، القمنى مسنود، طيب بأمارة إيه، بأمارة تكفيره صحفياً وفضائياً وفيسبوكياً بنشر صيغة عريضة التكفير بنصها دون علامة تعجب أو استنكار، الغبطة الصحفية بإحالة النائب العام البلاغ إلى أمن الدولة العليا والتشيير والتغريد والقلش عليه، والتجويد فى العناوين بشبق وشهوة، والتكفير الصريح فى المتون، وفتح الصفحات لاغتيال الرجل بدم بارد، دم القمنى غرّق الصفحات.
محدش يقدر يحبسنى، يزعمون جزافا «فتوة» القمنى، والرجل لا يقوى على المشى دون عصاه، وَهِن العظم منه واشتعل الرأس شيبا، بأمارة إيه، القمنى أصلاً محبوس بين جدران منزله منذ زمن، يقضى عقوبة السجن انفرادى كرهاً، وكل يوم يفتش صفيحة القمامة خوفا حتى لا يدس أحدهم شركاً خداعياً يقتله، أو يتخفى أحدهم خلف جدار فيغتال ما تبقى من عمره، ويخشى على أهل بيته خشية أب صالح على أولاده.. حذر الغدر.
القمنى أصلاً محبوس، السجن لن يغير من سجنه، لا يضير الشاة سلخها بعد ذبحها، أفكاره محبوسة، ممنوعة من الصرف، وكتبه مصادرة بلا قرار، كم مكتبة تعرض كتب القمنى، تحت الرف، وكأنها ممنوعات، أو وردت فى جداول الحظر، كتب سيد قطب معروضة على الرصيف، وكتب سيد القمنى ممنوعة، كم برنامجا فضائيا استقبل القمنى وأفكاره؟!، آخرة القمنى مداخلة هاتفية للتسخين، مداخلة يتبعها أذى من جمهور جرى تسميم أفكاره ضد الرجل، اسمه يذكر مصحوباً بالعياذ بالله.
القمنى له تلاميذ وأصدقاء مرموقون، بأمارة إيه، القمنى يغرّد وحيداً، المفكرون يعانون انفضاضا، فضاء تام، هواء من حول القمنى، وللأسف سيواجه الاتهام بالازدراء وحيداً، وسيقف فى المحكمة وحيداً، وسنكتفى جميعا بالمقالات والبيانات، ذراً للرماد فى العيون، غسل أيدى، قمنا بالواجب، ونحسب مستنيرين، وكفى المحررين شر القتال.
القمنى أُكل يوم أُكل إسلام بحيرى، ومحرقة التكفير فاغرة فاها، التهمت إسلام وأحمد ناجى وفاطمة ناعوت وتتلمظ لطحن عظام نوال السعداوى، الوحش يتحرش بالدكتورة نوال، والبقية تأتى، وهم السابقون ونحن اللاحقون، أُكلنا يوم أُكل الثور الأبيض، يوم اغتالوا بيننا فرج فودة وحاولوا اغتيال نجيب محفوظ، وعندما أهدروا دماء نصر أبوزيد، وعد الجروح يا ألم.
المفكرون فى مصر يغردون فرادى، لا جبهة تجمعهم، ولا رباط بينهم، تتخطفهم الطير من أعلى الجبل، تنقر رؤوسهم، تعطل مراكز التفكير، لا كرامة لمفكر فى وطنه، يشكر «الحزب العلمانى» على إصدار بيان وحيد يتيم لمساندة القمنى، فى مواجهة جبهة عريضة للتكفير والتفسيق واستحلال دماء المفكرين، جبهة تضم أحزابا وجماعات وقطعانا هائجة، جبهة بعرض وطول الوطن تسيطر على العقل الجمعى، وتمكن من الرقاب.
الوصفة سهلة ومجربة، اغتيال المفكر ببلاغ، يكفى بلاغ، عريضة تضم إلى عرائض النائب العام، عجباً.. القمنى لا خرج على الناس شاهراً سيفه، ولا حمل متفجرات، ولا هدد العُزّل الآمنين، ولا أفتى بقطع الرقاب، ولا استحل أموال المسلمين ولا دماءهم، جريمة القمنى أنه يفكر بصوت عالٍ، وجُلّنا نفكر بصوت خفيض، إذا فكرت فَكّر فى سرك، لا تكن أحمق، لا صوت يعلو فوق صوت ياسر برهامى!.
أتعرفون من هو المسنود، لو المفكر مسنود وله ظهر فى هذا البلد كان بقى ده حال المفكرين، آخر حاجة تفكر فيها البلد الفكر، بلاد تعطلت فيها مراكز الفكر، وآخر حاجة تحميها الفكر، الفكر مستباح، مجتمع يحسب كل مفكر مريضا، عنده فكر، والفكر مثل المس، شيطانى، القمنى عنده فكر، يعالجونه بالسجن.
نقلا عن المصري اليوم