الأقباط متحدون - إشاعات ... إشاعات ...إشاعات !!
أخر تحديث ٠٥:٠٠ | الجمعة ١٩ اغسطس ٢٠١٦ | مسري ١٧٣٢ش ١٣ | العدد ٤٠٢٥ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

إشاعات ... إشاعات ...إشاعات !!

إشاعات ... إشاعات ...إشاعات !!
إشاعات ... إشاعات ...إشاعات !!
مهندس نبيل المقدس ‏
 
اشاعات .. اشاعات .. اشاعات
بيقولوا فيه عصابات .. بتخطف في الستات
اشاعات اشاعات..... وَقَفَتْ حالنا الاشاعات 
 
طبعا كلنا عارفين هذه الأغنية وهي مُقتبسة من مسرحية ريا وسكينة .. فكرتني هذه الكلمات بقصة حقيقية قرأتها : حيث يقول كاتبها : لاحظت سٌعــاد التلميذة , أن زميلاتها أخذن يبتعدن عنها ويتهامسن وينظرن إليها نظرة مريبة. فتوجهت سُعـــاد إلى أعزّ صديقاتها التي حكت لها بأنَّ إشاعة انتشرت في المدرسة مفادها أنها سرقت قلادة ذهبية من إحدى بنات الصف. انفجرت سُعــــاد باكية ولم تدرِ ماذا تفعل وكيف تتصرّف .. في النهاية توجّهت إلى مربية الصف وحكت لها عن الإشاعة التي إنتشرت في المدرسة وادّعت بأنَّ هناك في المدرسة من يريد تشويه سمعتها وهي لا تعرف سببا لذلك .
 
 استدعت مربية الصف الطالبة التي ادّعت بأنَّ سعــــاد سرقت قلادتها. روت هذه الطالبة لمربية الصف بأنها اكتشفت في درس الرياضة البدنية بأنَّ قلادتها غير موجودة حيث وضعتها في حقيبتها. شكّت هذه الطالبة في سعـــاد لأنها كانت تقف بالقرب من الحقيبة. سألت مربية الصف الطالبة أين كانت تضع حقيبتها. قالت الطالبة بأنَّ الحقيبة كانت في الساحة تحت شجرة الرمان. طلبت مربية الصف من الطالبة أن ترافقها إلى المكان الذي كانت فيه الحقيبة للبحث عن القلادة تحت شجرة الرمان فربما تكون القلادة قد سقطت منها ولا شأن لسعـــاد بها. اعترضت الطالبة بشدة . وعادت إلى اتهام سعـــاد. في هذه الحال شكّت مربية الصف في تصرف الطالبة واعتقدت بوجود شيء ما ليس على ما يرام في العلاقة بين الطالبتين.              أخذت مربية الصف في التحقيق مع هذه الطالبة بجديةٍ. انتقلت بعدها إلى التحقيق مع بعض صديقاتها وسرعان ما اتضحت لها الصورة: الطالبة التي اتهمت سعـــاد تحب طالبا معيّنا والذي هو بدوره يحب سعـــاد , ولذلك فهي تغار منها وقد خططت للانتقام من سعـــاد وتشويه سمعتها ليبتعد ذلك الطالب عنها ويخلو لها الجو ..! 
 
    بسبب الاستخدام السيئ لوسائل الإعلام ومنظومات الاتصال والتواصل المعلوماتية انتشرت شبكة الإشاعات لتشمل مجالات واسعة من الحياة، والإشاعة حينما تصل لشخص ما لا تقف عند حالها، بل كثيرًا ما يقوم مُتلقوها بنشرها بشكل أوسع بعد إضافة معلومات زائفة أخرى إليها بنية سيئة، مما يجعلها أكثر خطورة وخصوصا لفئة المُتلقين غير المثقفين . 
 
   الإشاعة هي خبر أو معلومة غير صحيحة يتم تزييف معناها الأصلي وإطلاقها لتحقيق هدفٍ ما، ومن مقاصد هذا العمل الدنيء هو زعزعة الأمن وإثارة الفوضي في البلاد وتشتيت الوحدة الوطنية للمواطنين، والمسخرة بهيبة الدولة والاعتداء على  مؤسساتها , وإسقاط قراراتها، والتهميش بفئة اجتماعية أو عرقية أو دينية معينة. 
 
  تقوم الإشاعات على أساس نشر واقع أو واقعة لم تحدث ، مستندة على أخبار كاذبة واهية متعمدة، أو ليّ معلومات من الأخبار أو جزء منها، أو تضخيم واقع حصل فعلا ، كل هذا من أجل تحقيق نوايا دنيئة , من مجموعات تريدهدم مصر وإستردادها إلي عصور الظلام , وبهدف تضليل مُتعمد من قبل أشخاص أو منظمات إرهابية أو مجموعات تكره مصر ولا تريد أن تكون من البلدان القائدة . 
 
  بعد فشل هذه المنظمات الإرهابية وقوي الشر في إسقاط مصر , بدأت تتخذ طريق اقذر مما إتخذته من قبل .. وذلك عن طريق إلقاء الإشاعات , ختي وصلت إلي إحتلال مركز الصدارة في الأزمات السياسية واتخذت أشكالاً مريبة وبذيئة باستخدام أحدث التقنيات، بحيث تكون قادرة وصول أهدافها الهدامة بسرعة إلى الشعب . وتأخذ الإشاعة شكل طعم جذاب ليسهل ابتلاع مضمونها، وقد يسهل ابتلاعها بسبب الجهل وعدم التدقيق في مضمون ما جاء فيها من معلومات، وهو ما يُساعد على نفاذها وسرعة تحقيق أهدافها ومخططاتها. 
 
  مصر الأن تواجه مثل هذه الإشاعات .. والغريب أن هذه الإشاعات تستهدف الرئيس عبد الفتاح السيسي .. هذا الرجل الذي لم يجري وراء التمسك بالرئاسة بل كل همه هو إصلاح مصر من تراكمات أخطاء الزمن السابق .. الأن يواجه بمفرده هذه الإشاعات القذرة والتي لا يصدقها طفل في الحضانة .. فمروجوها هم عبارة عن حثالة السياسة , كل ما يهمهم أن يخطفوا مصر والذهاب بها إلي المجهول .. 
 
 أشعلت الإشاعات الكثير من الأحداث السياسية والفتن الطائفية، ومن ورائها مؤسسات خارجية وداخلية يتم تمويلها بالأموال الطائلة للترويج لها و نشرها بين صفوف الشعب المصري بجميع مستواياه . ومن أجل مواجهة هذه الحرب النفسية, ووأدها قبل تحقيق أهدافها النجسة علينا جميعًا أن نعتبرها مسؤولية وطنية بعدم تصديقها، ومحاولة متابعة المنابع الرئيسية لإطلاق هذه الإشاعات، ومحاسبة مُروجيها في شبكات التواصل الاجتماعي، ومحاسبة الميديا المرئية والمكتوبة والمسموعة على أي خبر غير صحيح .  
 
  ومن أجمل كلمات البابا شنوده  عن الشائعات , أن الضمير يؤثر عليه أيضا الشائعات إذا قبلها أو صدقها‏,‏ وهنا أذكر عبارة قالها أحد العقلاء وهي‏:‏ "إذا أردت أن تحرق إحدى المدن‏,‏ يكفي أن تلقي فيها شائعة‏,‏ وتتركها تشتعل وتنتشر‏."
 
ويكمل البابا شنودة مقاله : ان هناك نوع آخر من صانعي الشائعات, له خطورته: وهو الذي يهدف إلي إحداث فتنة طائفية, بما يؤلفه ويتحدث عنه من أخبار مثيرة تحدث مثلا خلافًا بين المسلمين والمسيحيين. وربما يؤدي الأمر إلي صراع أو قتال, تكون من نتائجه بعض الضحايا, ويضيع الهدوء والسلام من المكان. ويتحدث الناس عن مشكلة قد حدثت! ويتدخل العقلاء لفض الإشكال! وإذا هي مجرد شائعة لم تكن تستدعي كل ما حدث. وربما مُلقي الشائعة لم يكن يتوقع كل ما حدث, أو كان يقصد ذلك, وفي قلبه ما فيه! ويختم سيادته مقاله ببعض الأيات من امير الشعراء  أحمد شوقي بقوله : 
قد صادفوا أذنًا صغواء لينة        فأسمَعوها الذي لم يُسْمِعوا أحدًا
 
وما أجمل قوله عن مثل الذي يقبل الشائعات ويصدقها:
 
أثَّر البهتانُ فيهِ.. وانطوي الزور عليهِ        يا لهٌ من ببغاءٍ.. عقلهُ في أذنيهِ
 
وينهي مقاله : لذلك يا أخي القارئ نصيحتي لك: لا تصدق كل ما يقال أو كل ما ينشر.. فنحن لسنا في عالم من الملائكة, كلامهم صدق مطلق, إنما نحن نعيش وسط أجواء من الناس, يختلفون في مدي تمسكهم بالحق. فالحكمة إذن تقتضي أن تدقق وتحقق, قبل أن تصدق.. وبهذا يمكن أن تتقي شر الشائعات وقاك الله منها.. 
كنت فعلا ابا حكيما .. وراعيا امينا .. ومصري اصيلا . نعم افتقدناك يا سيدنـــا . 

 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter