الأقباط متحدون - المخزنجي يفضح وحشية الإنسان ويناقش أزمة التخلص من الآخر في مجموعته فندق الثعالب
أخر تحديث ٠٢:٥٤ | الاثنين ١٣ ديسمبر ٢٠١٠ | ٤ كيهك ١٧٢٧ ش | العدد ٢٢٣٥ السنة السادسة
إغلاق تصغير

"المخزنجي" يفضح وحشية الإنسان ويناقش أزمة "التخلص من الآخر" في مجموعته "فندق الثعالب"


* د. "محمد المخزنجي" يفضح المجتمعات البشرية عبر (33) حكاية، ويوظِّف "الحيوانات" كرواة لمجموعته.
* المؤلف يستنكر إراقة دماء البشر في الحروف الأهلية، ويتساءل: هل يخجل البشر من إشعال حروب أهلية أخرى؟!
بقلم: محمد بربر
 
أن يجتمع قلم يتسم ببراعة وإبداع، مثل قلم "محمد المخزنجي" مع ريشة الفنان "وليد طاهر" ورسوماته التي تحرِّك الكلمات. فنحن- قطعًا- أمام عمل إبداعي مختلف، اختار مؤلفه أن يسميه "فندق الثعالب".. هو إذن عالم الحيوان الذى يعشقه "المخزنجي" ويدافع- باستماتة- عن أفراد مجتمعه. وقد صنَّفه الكاتب تصنيفًا بليغًا حين كتب يقول: "هذا الكتاب إلى الصغار الكبار".

"المخزنجي" يفضح وحشية الإنسان ويناقش أزمة "التخلص من الآخر" في مجموعته "فندق الثعالب"

 
(33) حكاية قدَّمها "المخزنجي" عبر أسلوبه السهل الممتنع، أبطالها من عالم الحيوان الذي يراه الكاتب أكثر براءة وجمالاً من عوالم البشر المتداخلة. حيث تحدَّث المؤلف عن "الآخر" في حكاية بديعة، وظَّف فيها العصافير التي هي ميزان الطبيعة-كما يراها- ليقدِّم من خلال تلك الكائنات الجميلة، رسالة بالغة الأهمية مفادها أن الله وضعنا جنبًا إلى جنب، ولا نستطيع العيش دون هذه المخلوقات التي تسبِّب إزعاجًا للبعض، فيصطادونها دون أدنى شفقة. مشيرًا إلى أنه إذا حاول أحد التخلّص من الآخر، لاختلّ الميزان الكوني البديع، وضاع سرّ الله في أرضه. كما يفضح "المخزنجي" وحشية الإنسان في حكاية "وحيد القرن"؛ فيقتلع قرون هذا الحيوان أملاً في قوة وفحولة قد يبلغها، وبعوادمه واشعاعاته الذرية تسبَّبت في ثقب الأوزون ونفاذ الأشعة فوق البنفسجية التي أحالت الجليد لمستنقع يُسقط الدِّبَبَة القطبية من شدة الإنهاك والجوع. ولعل الصراع الإنساني- الحيواني، ظهر بالصورة الكاملة على لسان "نيمو"، تلك السمكة الصغيرة وهي تقول: "نجوت؟ نعم؛ لكنني أهيم في المحيط، أبحث عن سرب أسماك من نوعي، أعيش آمنًا وسط جموعه. وعندما أجد هذا السرب سأخبر أفراده بأن هناك ظاهرة أشدّ ضررًا من النينو وأخته نينا، هي الإنسان عندما يتوحش."
 
وكان للإسقاطات السياسية في كتاب "المخزنجي" رسائل مختلفة؛ ففي حكاية "فندق الثعالب" اعترض المؤلف على سياسة الملكة "فيكتوريا" وحروبها في "الصين" و"جنوب أفريقيا". ثم رفض معاناة البشر من الحروب الأهلية، متساءلًا: هل يخجل البشر من إشعال حروب أهلية أخرى؟ كما قدَّم رسالته الأكثر أهمية في هذا الكتاب مؤكدًا أن الحياة الفطرية فيها من الجمال والسلام وسلامة العالم ما تحتاجه شعوب الأرض.

القاص محمد المخزنجيإن الحكمة في "فندق الثعالب" حاضرة وبقوة كعادة "المخزنجي في معظم قصصه، فهو يقدِّم النعامة البرّية التي ترفض اتهامها بالجبن، وتشرح لنا كيف إنها تُقلّب بيضها تقليبًا مستمرًا بمنقارها وبجانب رأسها، وعندما رأى البعض ذلك ظنّوه هربًا، واعتادوه مضربًا للمثل في هذه العادة الذميمة. ثم قدَّم قصة "الغزال والشلال"، وقال على لسان الغزال: "ما دَخَل العنف في شيء إلا شانه، وما دخل الرفق في شيء إلا زانه". وعندما استوضحت السلحفاة عن مغزى ما يقول، أردف الغزال في عمق: "إنه يعيّرني بأنني هش وآكل العشب؛ لكنه لا يدري أنه بعنفه يأكل نفسه".
 
الصورة المثالية التي رسمها الأديب في هذه المجموعة- خاصة في قصة "البطريق الأب يُرضع ابنه"- تختلف كثيرًا عن رسم المؤلف للشخصيات في الفترات الزمنية الحالية والسابقة في مجموعته "حيوانات أيامنا"، والتي صدرت قبل عدة سنوات. بالإضافة إلى توظيفه "الحيوانات" لتحل محل الراوي، وتكشف الزيف الذي تعيشه المجتمعات البشرية.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter