الأقباط متحدون | نجاحات في البيولوجيا الجزيئية تُـنعش الآمـال في علاج مرض ألزهايمر
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٦:٢٦ | الاثنين ١٣ ديسمبر ٢٠١٠ | ٤ كيهك ١٧٢٧ ش | العدد ٢٢٣٥ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

نجاحات في البيولوجيا الجزيئية تُـنعش الآمـال في علاج مرض ألزهايمر

swissinfo.ch | الاثنين ١٣ ديسمبر ٢٠١٠ - ٠٢: ٠٩ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

ما أن انتهت موجة الذّعر التي اجتاحت العالم في التسعينات بسبب مرض جنون البقر، الذي يعرف طبيا باسم اعتلال الدماغ الإسفنجي البقري، لم يعُـد أحد يتكلّـم عن حقيقة المرض ولا عن البريونات، أي جزيئات البروتين، التي اتهمت بأنها وراء إصابة البقر بالجنون وأنها السبب في انتقال هذا المرض. لكن، مِن الباحثين مَن بقي منشغلا بالأمر واستمر في الدراسة والبحث، ومنهم الأستاذ أغوزي.

لم يتوقّـف البروفسور أدريانو أغوزي، أستاذ ومدير معهد دراسات أمراض الأعصاب في جامعة زيورخ، عن الاهتمام بمرض جنون البقر، وقد وَجد بأن لتلك الجزيئات المعدية سلوكا، غير تقليدي، وأنه مماثل لتلك التي عُـثر عليها في الأمراض الأكثر انتشارا، مثل مرض ألزهايمر ومرض باركنسون.

swissinfo.ch: أستاذ أدريانو أغوزي، أنتم واحدٌ من كبار المتخصصين في مرض جنون البقر على مستوى العالم، ولخِـبرتكم في المجال، أطلـِق عليكم في سويسرا لقب "مِـستر بريون"، نسبة إلى البريونات المسؤولة عن الإصابة بالمرض. فهل لكم أن توضِّـحوا لنا ما هي البريونات وما هي طريقة عملها؟
أدريانو أغوزي: البريونات كائنات غريبة، تتسبَّـب بمرض مُـعدٍ، أي أنه ينتقِـل من إنسان إلى آخر أو من حيوان إلى آخر، وهي تختلف عن غيرها من مسبِّـبات الأمراض المُـعدية الأخرى، بعدم احتوائها على الحمض النَّـووي (DNA أو RNA)، أي لا توجد فيها المادة الجينية المتضمّـنة للشِّـفرة الوراثية المحدِّدة لبناء البروتينات داخل سلاسل الأحماض الأمينية، التي تحدِّد التركيب البنائي لنفس الجُسَيم، المسبّـب والناقل للمرض.
 
هذا الأمر كان معروفا منذ السبعينات وشكَّـل تناقضا محيِّـرا بالنسبة للتصوّرات التي آمنت بها البيولوجيا الجزيئية والتي تعتبِـر أن الأحماض النووية هي المسؤولة المباشرة عن تكوين البروتينات أو بمعنى آخر، هي التي لديْـها المخطّـط الذي بموجبه يتِـم إنتاج البروتينات.

في البداية، أصاب مرض جنون البقر وسائل الإعلام بحالة أشبَـه بالهِـستيريا ولعدّة سنوات، ولكننا لم نعُـد نسمع مَـن يتكلَّـم عن هذا المرض ولا عن مدى خطورته على البشر. فهل هذا سببه الإعلام أم أن المرض تراجَـع؟
أدريانو أغوزي: ما مِـن شك في أن حالات اعتلال الدّماغ الإسفنجي عند البقر، أصبح نادرا جدا، وذلك عائد – أيضا - إلى حقيقةٍ مفادُها أن العلماء فهِـموا بسرعة كوْن المرض من النَـوع البريوني وأن البريونات لا يمكِـن تعقيمها بالطُّـرق التقليدية، التي تعتمِـد في الأساس على مبدإ تفكيك الأحماض النووية للفَـيروسات أو للبَـكتيريا، فيما تخلو البريونات من هذه الأحماض، وبالتالي، لا يمكن معاملتها بنفس الأساليب.
 
ثم أمكن في وقت مبكّـر وفي سنوات قليلة، التعرف على طُـرق انتقال المرض والتي كان من أهمّـها اعتماد تغذية الأبقار على أعلاف بروتينية حيوانية مُنتَجة ممّـا يتبقى لدى الجزّارين من مخلّـفات اللحوم وخلافها. فبمجرّد أن تمّ حظْـر استخدام أعلاف التّـسمين، حيوانية المنشأ، أمكن القضاء على حمّـى جنون البقر. وأنا أعتبِـر أن السيْـطرة على مرض جنون البقر، هو نجاح كبير للبيولوجيا الجزيئية الحديثة. ويمكن القول بصورة أو بأخرى، بأن عِـلم البريونات "استهدَف نفسه" وقد كسب الجولة، وبفضل هذا الانتصار، انتهى القِـيل والقال.

متى كانت آخر حالة شهِـدتها سويسرا لمَـرض جنون البقر؟
أدريانو أغوزي: يجدُر التذكير بأن اعتلال الدماغ الإسفنجي البقري يوجد منه نوْعان. نوع مُـعد، وهو الذي فجّر الأزمة. ونوع فرادي. وعموما، من النادر أن تظهر الأمراض ذات الطبيعة البريونية عند المواشي وعند البشر.
 
ويسمّـى النمط البشري من المرض "كروتزفيلد جاكوب"، الذي يوصف بأنه فرادي ونسبة حدوثه بمعدّل حالة واحدة لكل مليون شخص سنويا، وهو موجود في سويسرا بمعدّل سنوي من 7 إلى 10 حالات أو 15 حالة على الأكثر، وقد أمكن لنا من خلال المركز الوطني السويسري للأمراض البريونية - الذي أضطـلع بإدارته - الإطلاع على جميع الحالات المؤكّـدة والمُـحتملة لمرض "كروتزفيلد جاكوب" في سويسرا.
 
وبالنسبة للماشية، لم يكن المرض معروفا، ولكن مع كسْـب الخِـبرة وإجراء التجارب، تمّ التعرّف على المرض بنمَـطه الحيواني، ثم بالرّغم من أنه تمّ القضاء على الوباء، إلا أننا ما زِلنا حتى اليوم نرصُـد حالات نادرة جدّا وفرادية متفرِّقة لأبقار تُـصاب بمرض جنون البقر.
 
ويرجع السّبب إلى وجود قابلية لدى البروتين البريوني للتحوّل بشكل تلقائي إلى بريون ممرض، وهو، وإن كان أمرا نادرا جدا بمعدّل واحد على مليون، إلا أنه ممكن الحدوث وبشكل عفوي أو عَـرَضي تماما، هذا يؤكِّـد لنا أنه ليس بالإمكان القضاء التام على مرض جنون البقر وعلى مرض "كروتزفيلد جاكوب"، وبالتالي، من المهِـم أن نسيْـطر على انتِـقال المرض وأن نحُـول دون اتِّـساع رُقعة انتِـشاره وأن نؤمِّـن الحماية للأفراد المُـستهدَفين.

ما مدى خطورة مرض "كروتزفيلد جاكوب"، وهل هناك خوْف من انتِـشاره؟
أدريانو أغوزي: هذا مرض مُـرعب، يُفقِـد المريض قُـدراته الذِّهنِـية في غضون أشهر قليلة. ولا يزال يُـعتبر حتى الوقت الرّاهن قاتلا وفتاكا، وهذا ما يجعله مرضا خطيرا جدا، فضلا عن كونه مُـعديا.
 
ونذكر، أن حالات عدوى حصلت هنا في زيورخ أعوام السبعينات، يوم لم تكن طريقة انتقال المرض معروفة بشكل واضح. حينها، أجريت عمليات جراحة أعصاب باستِـخدام أدَوات خَـضعت للتّـعقيم بالطُّـرق التقليدية أدّت إلى إصابة هؤلاء الأبرياء بهذا المرض.
 
وعليه، فإن خطَـر انتقال العدْوى عن طريق العمليات الجراحية، أمرُ وارِد جدا ومن الواجب أن يكون معروفا، كما يجب اتِّـخاذ الاحتياطات والتدابير اللاّزمة، مثل التحريز على الأدوات الجراحية.

هل توجد حاليا وسائل وأجهزة يُـمكن بواسطتها الكشْـف السريع عن وجود جزيْـئات مُـعدية؟
أدريانو أغوزي: يجدُر التنبيه إلى أنه خلال الـ 40 سنة الماضية، حصرت البيولوجيا الجزيئية اهتِـمامها في عِـلم الأحماض النووية، ولم تُـولي البروتينات اهتماما كافيا، في الوقت الذي اعتنت فيه بتَـتابعات أو نظام الجزيْـئات في الحِـمض النووي.
 
وبفضل التوصّـل إلى تقَـنية "تفاعُـل البلمرة المتسلسل"، وهي طريقة يُـمكن بواسطتها تكثير أو مضاعفة جزيئات الحِـمض النووي "DNA"، أصبح الآن في الإمكان تحديد التَّـسلسل الكامل للجينوم البشري في غضون أيام قليلة وبتكاليف معقولة إلى حدٍّ ما، إلا أن تحديد التركيب البنائي للبروتين لا يزال لُـغْـزا مُـحيِّـرا، بل مُـستعصِـيا في غالب الأحيان.
 
وفي حالة البريونات، يصبح هذا الأمر أكثر تعقيدا بسبب وجود نوعيْـن مختلفيْـن منها. أحدهما طبيعي موجود لدى جميع البشر ويُـعرف بـ "بروتين البريون الخلوي". أما النوع الآخر، فهو مرضي ويطلق عليه تسمية "التطوي السيِّـئ" باعتبار أنه تكوُّن غيْـر سليم لتكتّـل بريوني خلوي.
 
وهنالك طريقة أخرى يُـمكن بواسطتها الكشف عن البروتين في الجِـسم، وذلك باستخدام الأجسام المضادّة المنتَجَة من الفِـئران أو الأرانب، وهي كواشف ذات قُـدرة عالية على تحديد وجود البروتين. ولكن المشكلة هنا، هي أن بروتيني البريون، سواء الطبيعي أم المرضي، لهما إلى حدٍّ بعيد نفس التركيب البنائي، ممّـا يُعسّـر كثيرا إمكانية تحضير أجسام مضادّة قادِرة على التمييز بينهما.
 
وبالرغم من وجود تلك العقبات، إلا أن تشخيص مرض جنون البقر أمْـر ممكن وفي وقت قصير، ولكن يبقى دون المستوى المطلوب، حتى مع استخدام تقنية "تفاعل البلمرة المتسلسل". وبالنسبة لمسألة نقل الدم على سبيل المثال، نحن ما زلنا حتى هذه الساعة لم نصِـل إلى المستوى الكافي في التعرّف على الجراثيم المُـعدية المحتمل وجودها في وحدات الدّم، وهذا يعني أنه من الصّـعب علينا الجَـزْم بخلو هذه الوحدات من البريونات.

أستاذ أغوزي، أأنتم مهتمّـون فقط بالبريونات أم لديْـكم أبحاث في مجالات أخرى؟
أدريانو أغوزي: منذ سنوات وأنا مهتَـم بالبريونات، وبرأيي أن أسلوب النطنطة أو الانتقال من بحث - قبل استيفائه - إلى آخر، لا يمكن أن يأتي بالنتائج المرجُـوّة، وبرأيي أنه لابدّ من تحديد الموضوع ودراسته بتعمُّـق. ومن أجل ذلك، ظللتُ وفيا لأبحاث البريونات، رغم خروجها من دائرة الاهتمام الإعلامي وانتهاء حالة الطوارئ، التي أعقبت ظهور المرض.
 
وعليه، فإنني مستمرّ، أنا وفريقي، بدراسة البريونات، إلا أننا أدركْـنا، خلال سيْـر الأبحاث، وجود أمراض أخرى أكثر شيوعا تستنِـد إلى أسُـس مماثلة، كمرض ألزهايمر ومرض باركنسون وغيرهما من الأمراض، والتي من بينها أيضا مرض السكري من النوع (2)، وكلها أمراض تستنِـد إلى فكرة البناء غيْـر السليم للبروتين، كما في "التطوي السيئ" لبروتين بريون المَرضي، وبالتالي، نحن عاكِـفون حاليا على محاولة فهْـم ما إذا كان بالإمكان استخلاص المبادِئ التي تعلَّـمناها من خلال دراسة الأمراض البريونية وتطبيقها على هذه الأمراض، وهو ما يمكن اعتباره بشكل أو بآخر توسيع لنِـطاق عمل مؤسستنا
 




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.
تقييم الموضوع :