مجلس الشعب الوطنى!!
قراءة في ملف الأمور المسكوت عنها " 326"
بقلم يوسف سيدهم
انتهت انتخابات مجلس الشعب وأصبح لمصر مجلس شعب جديد لخمس سنوات مقبلة – 2010/2015 - إذا أكمل هذا المجلس مدته التشريعية...الواضح أننا أمام مجلس يسيطر الحزب الوطنى على تشكيله بأغلبية كاسحة حتى يكاد يصلح أن نطلق عليه»مجلس الشعب الوطنى«...أما عن كيف حدث ذلك وهل هذه الأغلبية الكاسحة مستحقة لتفوق الحزب الوطنى ومرشحيه على سائر الأحزاب والمستقلين المرشحين، فهذه مسألة ينبغى التروى فى بحثها انتظاراً لسيل من تقارير المنظمات والمجموعات التى قامت بمتابعة ومراقبة الانتخابات وهى الآن عاكفة على تجميع وتحليل ما رصدته من وقائع تمهيداً لإصدار تقاريرها عن العملية الانتخابية برمتها...لذلك أؤجل الخوض فيما حدث لأسابيع مقبلة يستقيم عندها هذا الحديث.
أتصور أن أروقة الحزب الوطنى الديموقراطى الآن تفيض زهواً بالنتيجة التى حققها الحزب وبسيطرته الكاملة على البرلمان، لكن وسط أفراح الانتصار ومشاعر الاطمئنان بالسيادة الكاملة على الحياة التشريعية، هل توجد أصوات حكيمة عاقلة تتولى تقييم ما حدث وتبحث عن التوازن المفقود فى مجلس الشعب بين الأغلبية والمعارضة؟!!...هنا ينبغى مناقشة الفكر السياسى الذى يحكم حزب الأغلبية ومحاولة ترويض هذا الفكر وتطويع أو تطوير الآليات التى تحكم العملية الانتخابية للخروج من مأزق البرلمان ذى الحزب الواحد والذى يذكرنا بالمسرح التجريدى-أو مسرح اللامعقول-الذى يقدم الأعمال المسرحية ذات الممثل الواحد!!
لست أتعرض للتشكيك فى تميز الحزب الوطنى، كما أننى لا أستسلم لما يشاع عن ضعف الأحزاب وعدم قدرتها على منافسة الوطنى، لكنى أفتقد فى هذا المشهد الخيال السياسى الناضج الذى يؤمن بضرورة توفير حد أدنى من التمثيل المتنوع فى المجالس المنتخبة ضماناً للتمثيل الواقعى العادل لشتى فئات الشعب ومختلف التيارات السياسية وسعياً نحو عملية ديموقراطية تعكس الرأى والرأى الآخر ويتسع صدرها لسجالات راقية شفافة بينهما حتى يمكن تأمين رقابة حقيقية فعالة على السلطة التنفيذية من قبل السلطة التشريعية، وحتى يتسنى إفراز مناقشات جادة مستفيضة داخل المطبخ البرلمانى إزاء عملية إعداد وطهى التشريعات والقوانين.
لذلك لايمكن اختزال ما يقال عن التفوق الساحق للحزب الوطنى وما يتردد على لسان مسئوليه عن التقاعس الغريب لباقى الأحزاب والمستقلين فى أنه نجاح باهر بكل المقاييس- لأنه ليس كذلك- فالحكم على التجربة الانتخابية وعلى حصول الحزب الوطنى على ما يتجاوز كثيراً جداً، أى أغلبية برلمانية مطمئنة لايمكن أن يؤخذ بمنطق تلميذ امتحان الثانوية العامة الذى لايهمه سوى الحصول على مجموع٠ 100% بشتى السبل، ليؤمن لنفسه مكاناً فى الكلية الجامعية التى يرغب فى الالتحاق بها!!! فالإيمان بحياة برلمانية صحية عفية يستلزم فكراً سياسياً يسعى للفوز بأغلبية مطمئنة تضمن استقرار المسار التشريعى وتوفر المناخ الهادئ لتنفيذ الخطط والبرامج التى تحقق أهداف الحزب فى العمل الوطنى والتنموى، وفى الوقت نفسه تترك هامشاً معقولاً يتسع لمشاركة الآخرين ويسمح بالمنافسة الحزبية المعبرة عن التعددية ويغامر مغامرة محسوبة بإتاحة معارضة ناضجة، لأن كل ذلك يصب فى النهاية فى صالح حزب الأغلبية وفى صالح العمل الوطنى إذ يؤكد أن الحصيلة التشريعية الناتجة عن ذلك المناخ قد مرت خلال قنوات التفنيد والدراسة والتمحيص ونجحت فى الصمود أمام المعارضة والتشكيك فخرجت فى النهاية قوية بلا نقاط ضعف أو بواطن خلل.
كذلك رقابة البرلمان على الحكومة وتقييم أدائها أولاً بأول، كيف يمكن أن يطمئن الشعب إلى تفعيل ذلك بشكل جاد لا تشوبه مجاملات أو تساهلات من جانب السيطرة الكاملة للحزب الحاكم-حزب الحكومة- على تشكيل البرلمان؟!...إن أفضل المتفائلين بالنتيجة التى انطوت عليها الانتخابات باتوا يتحدثون عن المسئولية الخطيرة الملقاة على عاتق نواب الحزب الوطنى حيث بات عليهم أن يقوموا بدور المعارضة -بعد أن تم إقصاؤها- فى رقابة عمل الحكومة....وهل ينجحون فى ذلك أم يتغلب عليهم التزامهم الحزبى وما سبق أن عايشناه من تلافى إحراج الحكومة والتزام الرقة فى مساءلتها؟!!
وأخيراً...وهو أشد ما يقلقنى...هل ما حدث وما وصلنا إليه زاد من قناعة المصريين بضرورة المشاركة فى العملية السياسية وبأن صوتهم مهم جداً فى حكم بلدهم؟، أيضاً أتمهل فى الإجابة على هذا السؤال انتظاراً للتقارير والدراسات التى ستفرزها المراكز الحقوقية ومراصد العملية الانتخابية...لكن بالقطع نحن نواجه تحديات تشريعية خطيرة تنتظر مجلس الشعب الجديد، بدءاً من إعادة النظر فى نظامنا الانتخابى لعلاج القصور والعوار اللذين يكتنفانه بالإصرار على النظام الفردى وعدم إقرار نظام القائمة النسبية ومروراً على أجندة تشريعية تعالج الخلل فى حقوق المواطنة بين المصريين...وهذا حديث يتواصل لحتميته وإلحاحه مع بدء الدورة البرلمانية.
----------
عتاب لرئاسة تحرير»الأهرام«
المقال المنشور فى الصفحة الثانية من»أهرام« ٦ديسمبر الجارى مذيلاً بتوقيع الأستاذ عبد الناصر سلامة ويحمل عنوان»أقباط 2010« يزخر بلغة هجومية تحريضية على الأقباط والكنيسة وقداسة البابا شنودة علاوة على حشده لمعلومات ظاهرها أنها تاريخية بينما حقيقتها أنها عارية عن الصحة وبلا أدلة وتنتمى إلى خيال الكاتب...عتاب موجه إلى رئاسة تحرير وديسك »الأهرام« اللذين سمحا بنشر هذا المقال الهدام، فنحن فى»وطنى« نتعرض لمثل هذه المواقف ونتدخل لضبطها وإلا أصبحت »وطنى« مرتعاً غير مسئول للأهواء والمغامرات.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :