بقلم : أسامة كمال | الثلاثاء ٩ اغسطس ٢٠١٦ -
٢٧:
٠٦ م +02:00 EET
أسامة كمال
نقلت «المصرى اليوم» إعلان وزارة الرى حالة طوارئ قصوى لاستقبال فيضان النيل، الذى يصل مصر خلال أسبوعين، ضمن حصة مصر والسودان من مياه النيل، التى تقدر بـ84 مليار متر مكعب من المياه، حيث قالت مصادر بالوزارة إن الكمية المنتظر وصولها خلال الفيضان من المقرر الاستفادة منها كاحتياطى استراتيجى فى بحيرة ناصر لمواجهة نقص المياه المتوقع بعد انتهاء إنشاءات سد النهضة، وبدء عمليات التخزين التى تستمر لسنوات، متوقعة أن تكون سنوات عجافاً على مصر. وفى نفس الوقت أعلنت السودان أن منسوب نهر النيل خلال الفيضان الجارى تجاوز مستويات عامى 1946 و1988 اللذين شهدا أعتى فيضانات، وكان الثانى مدمراً، مؤكدة أن منسوب النيل تجاوز العام الماضى نسبة 88%، ويرفع من تقييمه لأعلى من المتوسط.
منذ أيام قمت بإذاعة تقرير أهداه لبرنامج «القاهرة 360» الصديق هيثم التابعى من قلب سد النهضة، حيث كان ضمن بعثة ضمت صحفيين مصريين وسودانيين للسد لطمأنة شعبى البلدين أن السد لن تكون له آثار سلبية، بل كما قال كبير مهندسى سد النهضة «سيساعد شعوبنا فى التغلب على عدونا الأول وهو الفقر».. قال المهندس إن إثيوبيا أتمت بناء 55% من السد، بينما الصورة خلفه تظهر أن أكثر من 90% من جسم السد قد اكتمل، وهو ما يعنى أن إثيوبيا مازالت تحاول تخديرنا حتى تنتهى تماما من كافة الأعمال ونصبح أمام الأمر الواقع.
كانت الصحف والمواقع فى فترة ما تنشر كل يوم أخبار المفاوضات الجارية بين البلدان الثلاثة، وأحيانا مع باقى دول حوض النيل، ثم بدأت الأخبار فى التناقص حتى اختفت تماما، ولا أعلم سبب اختفائها.. هل توقفت كل الجهود والمفاوضات، وهل تراجعت الشركات الأوروبية التى كانت ستقدم تقارير عن تأثير أعمال السد على مصر والسودان وبالأخص مصر؟ أم أن شهية الصحف والمواقع لقضية مياه النيل الحيوية تراجعت؟ فى الحالتين لم يعد هناك من يسأل عن أخبار سد النهضة وكأننا ارتضينا ما يحدث ورضخنا للأمر الواقع أو أن الموضوع كان موضة فى الحديث عن السد كغيره من الموضوعات المثيرة كفتاة المول وفتاة المطار وفتاة كل شىء آخر.
لو انشغل الناس عن قضية النيل بهمومهم اليومية من غلاء المعيشة والضرائب الجديدة والخوف من قرض صندوق النقد الدولى، ألا يوجد برلمان به أعضاء لا تشغلهم نفس الأمور عن شريان الحياة الأهم فى ماضى وحاضر ومستقبل مصر؟ ألا تجد الحكومة أنه واجب عليها اطلاع الشعب بالمستجدات- إن كانت هناك مستجدات- وإن لم يكن، فمعنى هذا أن الأمور محلك سر وعلينا أن نجد سبيلاً آخر لنسلكه، ولا يمكننى تصور ما هو هذا البديل؟
عندما بدأ العمل فى السد فى إبريل 2011 كنا منشغلين بالثورة وما بعد الثورة، وهو ما حفز أديس أبابا على أن تبدأ إجراءات فعلية على الأرض لتنفيذ السد، والمصريون منشغلون بأمور أخرى عن ضياع نهر النيل، فكان من يردد مثل هذه المقولة- وأنا منهم- يعتبر خائناً يحاول تخويف الناس لإلهائهم عما هو أهم.. الثورة مهمة والنيل أيضا مهم.. فلا يمكنك مثلا أن تحرس حدودك الشرقية وتترك الحدود الغربية مرتعاً بدعوى أن الأولى أهم.
الوقت ليس ملائماً للوم، ولكن النيل يذكرنا بنفسه بفيضانه الذى قد يكون الأخير لو لم يجد جديد فى الموضوع.. النيل يتذكر، فلا تنسوا.. النيل يريد أن يفيض على أرضنا، فلا تخذلوه.. لقد خلقه الله يفيض على أرض مصر، فلنتوحد خلف إرادة الله ولو بالإرادة وعدم النسيان والسؤال عنه.
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع