الأقباط متحدون - كاتدرائية و جامع
أخر تحديث ٠٧:٣٠ | الثلاثاء ٩ اغسطس ٢٠١٦ | مسرى ١٧٣٢ش ٣ | العدد ٤٠١٥ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

كاتدرائية و جامع

كاتدرائية و جامع
كاتدرائية و جامع

بقلم: ليديا يؤانس
صرح أثري ضخم عجيب،  عجيب في تصميمه،  عجيب في بناؤه المعماري،  عجيب في هويته،  عجيب حتي في الأسماء التي أطلقت عليه.

أطلقوا عليه هذه الأسماء،   "كاتدرائية – جامع قرطبه"   و  "مسجد الكاتدرائية"  و  "الكنيسة المسجد".

حينما تدخُل المبني،  يختلط الأمر عليك،  هل انت داخل كنيسة  ولا  جامع!
الفن المعماري للمبني يجعلك تتشكك،   وذلك لتداخُل فن العمارة المسيحية مع الإسلامية،  ولذا يُعتبر هذا الصرح من أشهر المعالم الأثرية بأسبانيا،   أو بمعني أدق بقرطبة. 

مدينة قرطبة  تقع علي ضفة نهر الوادي الكبير،   في جنوب أسبانيا،  وأسبانيا تقع في جنوب غرب أوروبا.
مدينة قرطبة،    إشتهرت أيام الحُكم الإسلامي لأسبانيا،   حيث أنها كانت عاصمة الدولة الأموية،  وهذا الصرح الديني الأثري الضخم العجيب،  يُعتبر من أهم معالمها،   وتم إدراجه في قائمة مواقع التراث العالمي،   كما تصدر سنة 2007  قائمة كنوز أسبانيا الأثني عشر.

علي مر الزمن تأرجح هذا الصرح الأثري،   ما بين الكاتدرائية والجامع،  في حين أن الموقع في الأصل،   كان معبدًا وثنيًا،  ثم تحول إلي كنيسة مسيحية في زمن القوط الغربيين،   ثم تحول إلي مسجد أثناء الحكم الأموي في الأندلس،  ثم تم بناء مسجد جديد في الموقع.

وبعد حروب الإسترداد،  حول الأسبان المسجد إلي كاتدرائية تتبع الكنيسة الكاثوليكية الرومانية،  وتسمي بكاتدرائية سيدة الإنتقال،  وتُعرف من قِبل أهل قرطبة بإسم  كاتدرائية  مِسكيتا.
كلمة "مِسكيتا"  باللغة الأسبانية "Mezquita"  وتعني مسجد باللغة الأسبانية.

في عصر الخلافة الأموية بالأندلس،  إتخذ  المُسلمون قرطبة مقراُ للخلافة.

تطلع الوالي من فوق كرسي الخلافه،  ليُمتع نظرة بمقر الخلافه، وإذ به يُشاهد مبني ضخم،   جميل بتصميمه  الهندسي والمعماري،   فسأل عنه،  قالوا،  أنه مبني  لعبادة الأخوة المسيحيين،   يُطلقون عليه كنيسة في أغلب الأحيان،   ولكن عندما يكون المبني كبيرًا وضخمًا بهذا الشكل يُطلقون عليه كاتدرائية،  وضع في إعتبارك يا سيادة الوالي أن هذه الكاتدرائية مقر مطران أبرشية قرطبة.

إبتسم الوالي إبتسامة ذات مغزي،  وهز رأسه مُفكرًا،  وقال: بينا علي كاتدرائية قرطبة.

دخل الوالي الكاتدرائية، فأنبهر وأندهش من عظمة وفخامة هذا المبني الضخم،  وتخيل نفسه كل يوم،   ذاهبًا يُصلي في الكاتدرائية،  آسفة  ذاهبًا يُصلي في الجامع،  فصمم علي أنه سوف لا يخرج من الكاتدرائية،   قبل أن يُشاطر المسيحيين في كنيستهم العظيمة،  أي يستولي علي جزء ويعطيهم جزء يتعبدون فيه.

كما أن هذا الوالي كان يحلم بالذهاب إلي الكاتدرائية أقصد الجامع،  جاء من بعده حُكام،   حلموا نفس الحلم،  فبعد أن تم توسيع المسجد في عهد الأمير الأموي الأندلسي،  عبد الرحمن الأوسط،،  أضاف المحراب والقنطرة الموجودة فوق الشارع الرئيسي،   الذي يمر غرب الجامع،   لإنتقال الأمير من قصره إلي المسجد مُباشرة، دون المرور بالشارع.
 
بدأ المُسلمين في تأسيس المسجد بمبني الكاتدرائية،  حوالي سنة 92 هجرية،  وتم بناؤه  في قرنين ونصف،   بنوا في شطرهم وتركوا الشطر الآخر للروم.

وبمرور السنوات،   تزايد عدد المُسلمين،  وضاقت المدينة بهم  وبجيوشهم، فقام الوالي عبد الرحمن الداخل،  بشراء شطر كنيسة المسيحيين الروم،    مُقابل أن يقوم ببناء  ما تم هدمه من كنائسهم وقت الغزو.

ولم يكتف عبد الرحمن الداخل،  بذلك بل قام بإنشاء مسجد جديد عام 785 م  وكانت مساحته آنذاك 4875 متراً مربعاً،  وكان المسجد قديماً يُسمي بجامع الحضرة،   أي جامع الخليفة،  أما اليوم فيُسمي ب"مسجد الكاتدرائية".

أهم ما يُميز هذا  الجامع،  ويجعله فريدًا في تاريخ الفن المعماري،  أن كل التعديلات وأعمال الزينة والإضافات كانت تسير في إتجاه واحد،  وعلي وتيرة واحدة،  بحيث يتفق مع شكله الأساسي.

كان الشكل الأصلي لمسجد عبد الرحمن عام 170 هجرية،  يتكون من حرم عرضه  73.5 متراً،   وعمقه 36.8 متراً،  مُقسم إلي 11 رواقاً بواسطة 10 صفوف من الأقواس،  هذه الصفوف تتألف من طبقتين من الأقواس،  الأقواس السفلي علي شكل حدوة فرس،  والعليا  تنقص قليلا عن نصف دائرة،   وهي تحمل سقفًا  مُنبسطًا يرتفع مقدار 9.8 متراً،   عن الأرض وفوقها 11 سقفاً جمالونيا متوازياً.

للجامع باب غربي وباب شمالي وعلي الأرجح كان له أيضاً باب شرقي،  أما واجهة المحراب فهي مُزينة بآيات قرآنية.

طبعاً حرص الولاة علي الإهتمام بالمسجد وعمل أعمال تجعله محط الأنظار،   وأداه لجذب السائحين،  فقاموا بمد قنوات المياه إلي السقايات والميضات،   وقد وصل الماء إلي المسجد،   عبر قناة  تم مدها مُباشرة من سفح  جبل العروس قرب قرطبة.

بالفعل يُعد صحن المسجد الكبير،   قطعة فنية إسلامية رائعة،   فهو مُحاط بسور تتخلله سبعة أبواب ،  وفي جهته الشمالية توجد المئذنة،  وقد سمحوا ببناء جزء من الكاتدرائية كمكان لعبادة المسيحيين،   أما المسجد الكبير الذي يحمله أكثر من 800 عمود،  فأصبح متحفًا  يزوره السياح،   وقد زرع الناس أشجار النارنج والليمون فيه،   ولهذا أطلقوا عليه " صحن النارنج".

قام الحُكام أيضًا،   بإنشاء عددًا من المقصورات،   منها مقصورة "دار الصدقة"  وموقعها غربي الجامع،   وجعلوها مركزًا  لتوزيع الصدقات،    ومقصورة أخري أمام الباب الغربي كان الفقراء يتخذونها مسكنًا لهُمْ.

في سنه 951 أنشأ عبد الرحمن الناصر،   مئذنة جديدة،   في أقصي صحن الجامع  جهة الشمال،  وتصميمها علي هيئة برج،   ثم تم إضافة شرفتان للآذان،   يصعد إليهما المؤذن بسلم داخلي،   وهذه المئذنة لا تزال قائمة وقد تحولت إلي برج أجراس.

وفي عهد محمد بن أبي عامر المنصور،   في عصر الأمير هاشم المؤيد سنة 987  تم توسيع مساحة الجامع،   فأصبحت مساحته 22500 مترًا مُربعًا أي خمسة أفدنة.

أنا شخصياً أتمني زيارة هذا الصرح الأثري الرائع،   وأشاهد كيف تم الإندماج الديني من خلال فن البناء المعماري،  ولكن عندي بعض التساؤلات لم أجد لهم إجابات واضحة في المراجع التي إطلعت عليها:

هل هذا الصرح الأثري الآن،   كاتدرائية وجامع معًا،   ولا كاتدرائية فقط،   ولا جامع فقط؟

وإذا كان المبني كاتدرائية وجامع معًا .. كيف يؤدي المُصلين (المسيحيين والمسلمين) العبادة وخصوصًا إذا كانت مواعيد العبادة  واحدة؟

علي ما أعتقد أنه ستكون هُناك غلوشة وضوضاء من كل طرف تجاة الطرف الآخر!

 المراجع:
https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%83%D8%A7%D8%AA%D8%AF%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D8%A9_-_%D8%AC%D8%A7%D9%85%D8%B9_%D9%82%D8%B1%D8%B7%D8%A8%D8%A9


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع