الأقباط متحدون - في مثل هذا اليوم.. نشبت حرب بحرية طاحنة في مضيق هرمز بالخليج العربي بين الأسطولين العثماني والبرتغالي
أخر تحديث ١٧:٢٤ | الثلاثاء ٩ اغسطس ٢٠١٦ | مسرى ١٧٣٢ش ٣ | العدد ٤٠١٥ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

في مثل هذا اليوم.. نشبت حرب بحرية طاحنة في مضيق هرمز بالخليج العربي بين الأسطولين العثماني والبرتغالي

نشبت حرب بحرية طاحنة في مضيق هرمز بالخليج العربي بين الأسطولين العثماني والبرتغالي
نشبت حرب بحرية طاحنة في مضيق هرمز بالخليج العربي بين الأسطولين العثماني والبرتغالي

في مثل هذا اليوم 9 من أغسطس 1554م ..
سامح جميل
نشبت حرب بحرية طاحنة في مضيق هرمز بالخليج العربي بين الأسطولين العثماني والبرتغالي استمرت 18 ساعة بدون توقف، لم تؤد إلى نصر كامل لأحد الفريقين..

بعد أن تمكن العثمانيون من فرض الحكم المباشر على البصرة في عام 1546 وطرد حاكمها من آل مغامس الذي استعان بالبرتغاليين ووعدهم بمنح أحد حصون البصرة لهم فأرسلوا له عدة سفن هاجمت القطيف ثم توجهت إلى البصرة، ولكن الحملة البرتغالية فشلت بفضل الإجراءات التي اتخذها باشا البصرة العثماني. وبعد الاستيلاء العثماني على البصرة أقام العثمانيون قاعدة بحرية فيها للدفاع عن منطقة الخليج العربي ضد السيطرة البرتغالية التي سبقت الحكم العثماني وتمكنت من توطيد مركزها في هرمز والتي كانت المركز الرئيسي لحركة التجارة من الهند وإليها والمحور الرئيسي للتجارة البحرية في الخليج العربي.

ويبدو أن العثمانيين حاولوا في بادئ الأمر التفاهم مع السلطات البرتغالية في هرمز لانعاش التجارة في بصرة وإعادة تدفق السلع التجارية بين حلب والخليج العربي فأرسل وإلى البصرة محمد باشا في عام 1547 أحد التجار العرب (الحاج فياض) إلى الحاكم البرتغالي في هرمز ليعرض عليه رغبة السلطات البرتغالية في البصرة في إقامة علاقات تجارية سلمية مع البرتغاليين. وردت السلطات البرتغالية في جاوز بإرسال أحد موظفيها لرعاية مصالحها التجارية في البصرة.

وعلى الرغم من ذلك رأى البرتغاليون في استيلاء العثمانيون على البصرة وتأسيس دار لصناعة السفن فيها تهديداً قوياً لهم، ولذلك كانوا على أهبة الاستعداد لمواجهة التحركات العثمانية البحرية والبرية في الخليج العربي .

وعلى الرغم من رغبة العثمانيين في تحقيق فوائد عسكرية في الخليج العربي بإرسال مساعدات بحرية إلى البصرة كلمات دعت الحاجة إليها من موانئ البحر والأحمر فإنهم لم يتمكنوا من ذلك وفشلوا في إنشاء قاعدة بحرية قوية لهم في ميناء البصرة كلما دعت الحاجة إليها من موانئ البحر الأحمر فإنهم لم يتمكنوا من ذلك وفشلوا في إنشاء قاعدة بحرية قوية لهم في ميناء البصرة لعد أسباب، منها مقاومة الفرس لهم واستمرار الحروب بين العثمانيين والصفويين ومقاومة العصبيات المحلية بالإضافة إلى مقاومة السلطات البرتغالية في الخليج العربي للتوسع العثماني الذي شمل القطيف وإجزاء أخرى من الاحساء والتي أعلن شيوخها الولاء للسلطان العثماني سليمان القانوني في عام 1534.

ورد البرتغاليون في عام 1550 على استيلاء العثمانيين على البصرة بحملة قام بها الأسطول البرتغالي وضمت سبع سفن كبيرة 1200 برتغالي بقيادة انطاو دي نورونها يساعدهم 3000 من أتباع ملك هرمز بقيادة الرئيس شرف الدين مستشار ملك هرمز ومعهم حوالى ثلاث عشرة سفينة للاستيلاء على القطيف لتنازل سكانها عن حصتها للعثمانيين, وكان سكان القطيف قد تمردوا على حكم ملك هرمز بمساعدة شيخ الحسا وطردوا الحاكم الهرمزي وطلبوا المساعدة من السلطات العثمانية في البصرة، فاحتل العثمانيين ميناء القطيف في عام 1550 ووضعوا حامية في حصنها، مما أثار فزع السلطات البرتغالية في هرمز فاستجابت لطلب ملك هرمز باستعادة القطيف من العثمانيين.

كما حاولت السلطات البرتغالية الاستفادة من طلب المساعدة الذي تقدمت به قبائل البصرة إليها ضد الحكم العثماني كما هو شأنها من قبل، وتمكن الأسطول البرتغالي والهرمزي من تدمير حصن القطيف بعد استسلام الحامية العثمانية فيه وعددها حوإلى 400 رجل، ومن القطيف قرر انطاوي دي نورونها الخدعة إلا بعد عودته إلى هرمز.

وردت الدولة العثمانية على سقوط حصن القطيف في قبضة البرتغاليين وعلى مساعدة الأسطول البرتغالي للمتمردين في منطقة البصرة بإرسال حمة بحرية بقيادة بيري رئيس للانتقام منهم، وكان بيري رئيس قد نمكن من استرداد عدن مرة أخرى في عام 1550 بعد استيلاء البرتغاليين عليها. فرضي السلطات سليمان القانوني عنه وجعل له زعامة البحر الأحمر "قبطان بحر القلزم".

وبعد أن تم بناء الأسطول العثماني الذي أمر السلطان سليمان القانوني بإعداده وتجهيزه في ميناء السويس وضم ثلاثين سفينة أبحر الأسطول في ابريل 1552 بقيادة بيري رئيس.

وكانت تعليمات السلطان سليمان القانوني تقضي بأن يقوم بيري رئيس بالطواف حول ساحل الجزيرة العربية لتنظيم إدارة موانئها واستعادة الأماكن التي استولى عليها البرتغاليون عليها.

وفي نوفمبر 1552 أرسل السلطان سليمان القانوني تعليمات أخرى إلى باشا البصرة لإبلاغها إلى بيري رئيس تقضي باحتلال هرمز والاستيلاء على البحرين، وبعد أن وصل الأسطول العثماني ميناء جدة توجه إلى باب المندب ومر في طريقه إلى البصرة بموانئ عدن وشحر وظفار .وتمكن محمد بك ابن بيري رئيس من الوصول إلى مسقط ومعه خمس سفن كبيرة ثم لحق به والده بيري رئيس حيث تمكن من احتلال قلعة مسقط وأسر حاميتها التي ضمت ستين برتغالياً بعد مقاومة استمرت ثمانية عشر يوما.

وبعد أن قام بيري رئيس بنهب مسقط ورفع العلم العثماني على قلعتها شحن غنائمها والمدافع البرتغالية التي استولى عليها على ظهر سفنه

وأبحر نحو جزيرة هرمز فوصلها في 19 سبتبمر 1552. ولكن البرتغاليين كانوا على علم بنشاط الأسطول العثماني في البحر الأحمر وخططه للاستيلاء على قلعة هرمز التي تتحكم في الملاحة من الهند وإليها، وإذا ما خسر البرتغاليون هرمز فإن مركزهم العسكري في الخليج العربي والمحيط الهندي يصبح في خطر ولذلك اتخذوا الاحتياطات اللازمة لمقاومة الهجوم العثماني المرتقب على هرمز وتمكنت حامية هرمز البرتغالية التي ضمت سبعمائة رجل من الدفاع عن القلعة ولكنها لم تغامر بالخروج منها ومهاجمة الأسطول العثماني الذي فرض حصاره عليها عشرين يوما بعد أن استولى على مدينة هرمز, واضطر بيري رئيس إلى رفع الحصار والتوجه إلى جزيرة قشم بعد أن علم برفاهية وغني تجار هرمز الذين هربوا بأموالهم إليها بالإضافة إلى ثراء سكانها. حيث تمكن من الحصول على أموال كثيرة منها، وبعد أن جمع ثروة طائلة أبحر إلى البصرة في نهاية نوفمبر 1552 محملاً بالغنائم الوفيرة من عملياته البحرية في الخليج العربي خوفاً من أن يقطع الأسطول البرتغالي الطريق عليه.

وكان نائب ملك البرتغال في الهند الفونسو دي نوروها قد قرر التوجه إلى هرمز على رأس أسطول ضم أكثر من ثمانين سفينة بعد أن علم بالخطر العثماني الذي تهددها, وبينما كان في طريقه إلى ديو علم بمغادرة الأسطول العثماني إلى البصرة فغير رأيه وعاد إلى جاوه وبعض بدلا منه ابن عمه انطاو دي نورونها على رأس أسطول ضم أربعين سفينة فوصل هرمز في نهاية تشرين الثاني 1552 بعد أن زال الخطر العثماني عنها حيث ابتعد الأسطول العثماني قاصدا البصرة. وعندما وصل بيري رئيس إلى البصرة بعث وإليها تقريرا إلى السلطان سليمان القانوني عن نشاط الأسطول العثماني في منطقة الخليج العربي، وعندما علم بيري رئيس أن التقرير في غير صالحه ترك معظم أسطوله في البصرة وأبحر إلى السويس ومعه الغنائم التي استولى عليها والأسري البرتغاليون في ثلاث سفن كبيرة.

وفي طريق العودة إلى السويس غرقت إحدي سفنه بعد أن تحطمت على صخور البحرين المرجانية. وبعد وصوله إلى السويس استدعاه السلطان سليمان القانوني إلى الآستانة للرد على التهم المتعلقة بعدم كفايته وبخاصة في عملياته الحربية ضد البرتغاليين في منطقة الخليج العربي، وصدر أمر السلطان بإعدامه في عام 1553 ومصادرة أمواله الطائلة بتهمة الخيانة.

وبعد فشل بيري رئيس في الاستيلاء على هرمز اهتمت الدولة العثمانية بتأكيد سيطرتها على الساحل الشرقي للجزيرة العربية بخاصة البحرين وتأمين مرور أسطولها في مضيق هرمز، ولكن تحقيق هذا الهدف يعتمد أساساً على القوات العثمانية في البصرة والحسا، وعلى إمكانيات دار صناعة السفن العثمانية في البصرة والتي ظلت تخشي من قيام السلطات البرتغالية في هرمز بإجراءات انتقالية ضدها.

وبعد مرور بيري رئيس إلى السويس عهدت الدولة العثمانية بقيادة أسطولها في البصرة إلى مراد بك حاكم القطيف السابق الذي طرده أهلها بعد ثورتهم عليه، وصدرت التعليمات في عام 1553 إلى مراد رئيس لإعادة الأسطول العثماني إلى السويس مع إبقاء قسم منه في البصرة للدفاع عنها.

فوصل البصرة براً قادما من مصر ليقود بقايا الأسطول العثماني الذي ضم خمس عشرة سفينة إلى السويس. ولما كان مراد رئيس حريصا على إعادة الاعتبار لنفسه وإنقاذ سمعته بعد فشله السابق في القطيف فقد أبحر بجرأة إلى مضيق هرمز حيث وجد الأسطول البرتغالي بانتظاره، وكان على علم بتحركات الأسطول العثماني فاشتبك الأسطولان في أغسطس 1553 وفقد مراد رئيس اثنين من القادة – رجب رئيس وسليما رئيس – وبعد أن تابع سيره بالقرب من موانئ مسقط وصور وقلهات التقي ثانية بالأسطول البرتغالي فاضطر إلى العودة الأسطول إلى البصرة مرة أخرى بعد أن خسر عدداً من سفنه إلى الشمال من مسقط ، ومن البصرة توجه مراد رئيس إلى الآستانة، وهكذا فشلت الجهود العثمانية ضد البرتغاليين الذي نجحوا في إغلاق مضيق هرمز في وجه الأسطول العثماني مما عزز هيبتهم وقوي مركزهم في منطقة الخليج العربي.

وبعد فشل مراد رئيس عهد السلطان سليمان القانوني بقيادة الأسطول العثماني في البصرة إلى سيدي على رئيس افضل القادة العثمانيين شهرة في عصره لإعادة الأسطول العثماني من البصرة إلى البحر الأحمر.

وبناء على تعليمات السلطان توجه سيدي على رئيس إلى البصرة فوصلها براً في فبراير 1554 وبدأ على الفور في إعداد الأسطول العثماني للحرب. وبعد أن أمضي خمسة أشهر فيها أقلع بأسطوله الذي ضم خمس عشرة سفينة من البصرة في 2 يوليو 1554 قاصدا موانئ الساحل الفارسي عبادان وديزفول وشستر ثم إلى جزيرة خرج ومنها إلى بوشهر وبعد ذلك توجه إلى القطيف ثم قصد البحرين حيث رحب به حاكمها ولكنه لم يستطع أن يقدم له شيئاً من المعلومات النافعة عن تحركات الأسطول البرتغالي. ويبدو أن سيدي على رئيس قد علم أثناء وجوده في البحرين بخلو مياه الخليج العربي من البرتغاليين باستثناء أربع سفن برتغالية في مسقط.

ولذلك توجه إلى جزيرة قيس (هرمز القديمة) لعله يتمكن من الحصول على أخبار عن تحركات الأسطول البرتغالي ثم قصد جلفار "رأس الخيمة".
وبعد أن وثق على رئيس من طلائعه بخلو الخليج من السفن البرتغالية أبحر باتجاه هرمز، ولكنه عندما بلغ خورفكان على الساحل العماني وبعد أربعين يوما من مغادرته البصرة التقي فجأة بالأسطول البرتغالي الذي ضم خمساً وعشرين قطعة بحرية.

وعندما تقدم الأسطول البرتغالي نحوه أمر بإعداد المدافع وقرر خوض القتال ضد البرتغاليين ووقعت معركة عنيفة بين الأسطولين البرتغالي والعثماني في 9 أغسطس 1554 ودام القتال طوال النهار ثم انسحب الأسطول البرتغالي في الليل نحو هرمز واعتبر سيدي رئيس هذه المعركة في صالحه. ولذلك تابع الأسطول العثماني سيره نحو مسقط وقلهات. وأثناء تجواله في مياه الخليج العربي فوجئ مرة بالأسطول البرتغالي في 25 أغسطس 1554. اشتبك سيد على رئيس مع البرتغاليين في معركة أخرى واجه فيها الأسطول البرتغالي بعد إعادة تجهيزه زيادة عدد سفنه التي بلغت اثنتين وثلاثين سفينة بقيادة فرناندو دي نورونها الذي علم بتحركات الأسطول العثماني فاستعد لها وجاء بأسطول برتغالي من الهند كما نقل مجموعة من السفن الحربية إلى مسقط وترك مجموعة أخرى لمراقبة الأسطول العثماني في مياه الخليج العربي.وعندما وصل سيدي على رئيس إلى صحار انطلق الأسطول البرتغالي من مسقط بالقرب من ساحل عمان الصخري وعلى بعد أميال من مسقط استسلمت ست سفن عثمانية للأسطول البرتغالي ولذلك اضطر سيدي على رئيس للفرار ببقية سفن الأسطول بعد أن لحقت به خسائر جسيمة، ووصف المعركة بأنها من أعنف المعارك التي حاربها في حياته وكان نيته التوجه إلى اليمن، ولكن بينما كان الأسطول العثماني يقترب من مضيق هرمز هبت رياح قوية أرغمته على الابتعاد عن الساحل وجرفت سفنه إلى عرض الخليج فوصل إلى ميناء بندر شاهبور الفارسي على ساحل مكران, وبعد أن تزود بالماء العذب قصد سواحل اليمن ولكن الرياح قذفت به مرة أخرى إلى ساحل الهند فوصل ميناء ديو البرتغالي، ولكنه بادر إلى تغيير اتجاه سفنه فوصل كجرات ومكث فيها بعض الوقت أنجز خلاله تأليف كتابه "المحيط" وهو دليل للملاحة في البحار الشرقية.

وأثناء إقامته في كجرات تفرق عنه رجاله في خدمة أمراء الهند وعاد أكثرهم إلى بلادهم براً، ثم باع سيدي رئيس سفنه الست الباقية ومدافعه وذخائره إلى حاكم سورات الهندي وعاد براً إلى الآستانة عن طريق بغداد فوصلها في مايو 1557 بعد ثلاث سنوات من بداية حملته في الخليج العربي. وفي الآستانة ألف كتاب "مرآة الممالك" ذكر فيه ما جري له من أهوال وتفرق رجاله واضطراره إلى بيع سفنه وإرسال ثمنها إلى السلطان سليمان القانوني.

وكان السلطان سليمان القانوني قد أرسل صفر رئيس ومعه ثلاث سفن للبحث عن الأسطول العثماني الذي يقوده سيدي على رئيس، ولكنه لم يتمكن من العثور على أي أثر له فأكتفي بأسر بعض السفن البرتغالية التي كانت في طريقها بين ديو وهرمز.

وهكذا كانت هزيمة الأسطول العثماني بقيادة سيدي على رئيس ضربة قوية ومؤثرة على القوة البحرية العثمانية في الخليج العربي ولم يستطع العثمانيون مقاومة الأسطول البرتغالي بعد خسارتهم لأسطولهم، على الرغم من توطيد نفوذهم أكثر من ذي قبل في منطقة الأحساء.

وبقي البرتغاليين سادة الخليج العربي ونجحوا في قفل مضيق هرمز في وجه الملاحة العثمانية وعملوا على مساعدة زعماء قبائل البصرة ضد الحكم العثماني، ففي عام 1556 وصل الأسطول البرتغالي إلى البصرة، وعندما اقترب من شط العرب هبت عليه عاصفة أرغمته على العودة إلى قاعدته في هرمز دون أن يتمكن من تحقيق هدفه بمساعدة قبائل البصرة ضد الحكم العثماني، وفي المقابل قدم العثمانيون مساعداتهم إلى إتباع ملك هرمز للثورة على الحكم البرتغالي...!!


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter