الأقباط متحدون - نجيب ساويرس يرد على هدى عبدالناصر: رُبّ صُدفة
أخر تحديث ٠٣:٣٤ | الاثنين ٨ اغسطس ٢٠١٦ | مسرى ١٧٣٢ش ٢ | العدد ٤٠١٤ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

نجيب ساويرس يرد على هدى عبدالناصر: رُبّ صُدفة

نجيب ساويرس
نجيب ساويرس

أعود إلى مقالى السابق الذى ذكرت فيه أن التمثيل القبطى فى الحكومات المتتالية التى أعقبت ثورة 23 يوليو قد تدهور، وأرجعت ذلك لوجود تنسيق وتحالف بين الضباط الأحرار وجماعة الإخوان للقيام بالثورة، وذكرت أنه ليس من الصدفة عدم وجود ضابط مسيحى واحد فى مجموعة الضباط الأحرار.. ولم أكن أنوى فى مقال اليوم استكمال الحديث فى هذا الموضوع لأن مجرد فتح موضوع الطائفية يعرض صاحب الرأى إلى حملات الهجوم والتشكيك فى النوايا والاتهام بتأجيج المشاعر والنفخ فى النار لإشعال الموقف، وكلها اتهامات فارغة أصبحت لا تؤثر فى، وأصبحت معتادا على التعرض لها لأن شعارى فى الحياة هو: العدالة حق لكل مواطن وإنصاف المظلوم أيا كانت طائفته أو دينه واجب على الدولة والمجتمع. ولكن ما دفعنى للكتابة مرة أخرى فى هذا الموضوع هو بعض الردود والتعقيبات على مقالى وجدت فيها طمسا وإنكارا لحقائق ووقائع حدثت بالفعل وشهد عليها شهود، ومجرد إنكارها والسكوت عنها يعتبر تزييفا للتاريخ. إن الأمم التى تزيف تاريخها ولا تواجه واقعها لا تتعلم من أخطائها ولا يمكنها بأى حال أن تتطلع إلى مكانة لائقة بين مصاف الدول الكبرى التى يسود فيها العدل والقانون.

وقد وصلتنى رسالة رقيقة ومهذبة من السيدة هدى عبدالناصر قالت فيها: «أعتبر أن لك صفتين: رأسمالى كبير- وإن كنت أعدك رأسماليا وطنيا- والصفة الثانية أنك مسيحى مصرى. بخصوص الرأسمالية قل ما تشاء فوالدى حارب الرأسمالية المستغلة والاحتكار والإقطاع، وتلك كانت من مبادئ الثورة. أما أنك تقطع بمقولة تمس إخواننا الأقباط فهو مما لا أقبله لأنه غير حقيقى ويتنافى مع مبادئ جمال عبدالناصر التى تربينا عليها». وأكدت السيدة هدى فى رسالتها أن الطائفية قد بدأت بعد ناصر، وأن الأقباط فى عهده قد استراحوا من تعصب الإخوان وإثارتهم المصطنعة للفتن. وقد رددت عليها قائلا: «أولا أنا أقدر حضرتك جدا وأنا على علاقة صداقة واحترام مع العائلة.. الخلاف كما قلت أنى رأسمالى مؤمن بالاقتصاد الحر ولكن فى المسألة الطائفية التاريخ يؤكد على تحالف الضباط الأحرار مع الإخوان فى التحضير للثورة وهم كانوا بالفعل يعادون الأقلية القبطية».

وردا على مقالى، نشر السيد سامى شرف سكرتير الرئيس الراحل عبدالناصر مقالا عنوانه «الأحرار الأقباط». وقد تعودنا أن ينبرى سيادته كعادته كلما ذكر اسم ناصر أو الضباط الأحرار للدفاع عن هذه الحقبة منكرا لأى سلبية قد شابتها ومصورا إياها كيوتوبيا العدالة والحريات متناسيا ومتجاهلا ما وقع فيها من تعذيب وتنكيل وانتهاكات جسيمة لحقوق ولآدمية المعارضين والمخالفين فى الرأى ولن أتطرق إلى كبت الحريات وتركيز الإعلام فى يد شخص واحد صاحب حظوة وصديق لناصر. ذكر سامى شرف فى مقاله أن الضباط الأحرار كان من بينهم قبطى هو الملازم أول واصف لطفى حنين فى الكتيبة 13 كتيبة الثورة وكان دوره ليلة الثورة هو تأمين البوابة رقم 6 المواجهة لكلية البوليس بالعباسية.. كما عدد سيادته الوزراء الأقباط الذين تولوا وزارات سيادية فى حكومات حقبة عبدالناصر أمثال كمال رمزى استينو وزير التموين.

وتعقيبا على ذلك فإن وجهة نظرى واضحة وتحالف الضباط الأحرار والإخوان فى التحضير لثورة 23 يوليو حقيقة لا ينكرها إلا ساذج أو مكابر. أما الملازم أول واصف لطفى حنين فهو طبقا لما ذكره سامى شرف يعتبر شاهد ما شافش حاجة لأنه قد تواجد بالصدفة فى الأوتوبيس يوم 23 يوليو وتم ضمه صدفة لتواجده فى الموقع ولم يشترك بأى حال فى التخطيط لثورة 23 يوليو ولم يكن يعلم عنها قبلها، وبالتالى لم يكن فعليا هناك أى ضابط قبطى فى تنظيم الضباط الأحرار.

وبالنسبة لمن خانتهم ذاكرتهم ومن ينكرون علاقة ناصر بالإخوان فأحب أن أذكرهم بالفريق طيار عبدالمنعم عبدالرؤوف، وهو أحد مؤسسى تنظيم الضباط الأحرار وكان ينتمى إلى الإخوان المسلمين وهو الذى جند جمال وضمه للجمعية السرية لضباط الجيش. وقد حلف جمال قسم الولاء للإخوان أمام مرشدهم البنا وأكد على ذلك كثيرون من ضمنهم خالد محيى الدين وهذه حقائق تاريخية لا يمكن إنكارها.

ويتفاخر السيد شرف فى مقاله بالمناصب العليا والحساسة التى تولاها الأقباط فى عهد ناصر مستشهدا بتولى رمزى استينو لوزارة التموين (التى سماها وزارة سيادية) أو اللواء فؤاد عزيز غالى آخر لواء مسيحى عامل منذ السبعينات دلالة على الإشراك العادل للأقباط فى الحياة السياسية والمناصب السيادية بعد 23 يوليو. وأقول لسيادته إن ما ذكرته هو ثمرة وحصاد وآخر ملامح ما تم غرسه قبل عصر يوليو.. إن نظرة واحدة إلى المواقع السيادية التى تولاها الأقباط فى حكومات ما قبل يوليو توضح أنهم قد تولوا أعلى المناصب والوظائف العامة مثل منصب رئيس وزراء مصر ورئيس البرلمان وغيرها لا يسع المكان لذكرها، أما اليوم فيتم تخصيص حقائب وزارية بعينها للأقباط كنوع من ذر الرماد فى العيون.

وأخيرا.. فلا أحد يريد إلا العدل والمساواة بين أبناء وطن واحد.
نقلا عن المصري اليوم


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع