أثبتت محاولة الاغتيال الآثمة للشيخ د. على جمعة أنه لا يوجد ما يسمى بهامش الاختلاف مع الخوارج الإخوان أو السلفية الجهادية التكفيرية، فالشيخ على جمعة برغم هجومه الشديد على كثير من الليبراليين وأحياناً بألفاظ قاسية إلا أن هذا الهجوم والنقد لم يجعل مثقفاً ليبرالياً واحداً يفكر فى اغتيال الشيخ الجليل، كل الخلاف
انحصر فى نطاق السجال الفكرى ولم يتجاوز ذلك أبداً ولا حتى لساحات المحاكم، أما الخلاف مع تيار الإسلام السياسى حتى ولو فى الفروع والتفاصيل والتفسيرات، فيبدأ من عتبة الاغتيال المعنوى والسب بالأم والأب وبأقذع الألفاظ وأكثرها سفالة، وينتهى بالاغتيال كما رأينا يوم الجمعة، وأين؟! أمام المسجد، ومتى؟، فى صلاة الجمعة!!، يعنى لا تخبرنى ولا تحدثنى عن دين ولا أخلاق ولا ضمير، مروراً بما شاهدناه فى كلية دار العلوم عندما تعدى الإخوان باللفظ
وبالضرب على الشيخ على جمعة أثناء مناقشة رسالة جامعية هناك، قفزوا كالضباع على الشيخ المسن، لم يحترموا مكانة أو سناً أو حالة صحية، إنما هى الهستيريا والعصاب والهلاوس والضلالات التى تحركهم، وهذا يبعث برسالة للجميع وعلى رأسها الدولة والشيوخ أنفسهم، العدو الرئيسى لكم ليس المثقفون أبداً حتى ولو اشتبكوا معكم وانتقدوكم، فسلاحهم الأول والأخير هو القلم، وأقصى ما سيفعلونه هو كتابة مقال، لن يحملوا كلاشينكوف، لن يضربوا على شيخ تجاوز الثمانين طلقات بعدد سنين عمره للتشفى والتمزيق وليس للقتل فقط!!، لن يذبحوا أو يسحلوا أو يمثلوا بالجثث أو يفجروا أنفسهم فى تجمعات الغلابة.. إلخ، العدو الحقيقى هو هؤلاء الخوارج ممن سميتهم يا شيخنا الفاضل «كلاب النار»، قاتلك الحقيقى يا شيخ جمعة هو الشيخ السلفى الذى حرّض عليك فى إحدى القنوات الفضائية واتهمك بالجهل، وشحن تلامذته ومريديه من مزيفى الوعى سقيمى الوجدان مغيبى العقل، شحن أمخاخهم بالفكرة فشحنوا رشاشاتهم بالرصاص، لكننا للأسف نطارد من أطلق الرصاص وندلل من أطلق الفكرة، لم نتعلم منذ حادث اغتيال على بن أبى طالب بيد من كانت وظيفته أن يعلم المصريين قراءة القرآن!،
القاتل «ابن ملجم» كان بمقاييس السلفيين الشكلية هو رمز التقى والورع والإيمان، لكنه ظل عشرات الأيام يسن سيفه وينقعه فى السم لكى يتأكد من أن قتله لإمام المتقين على بن أبى طالب تذكرة رحيل بلا عودة!، توسل إلى «الحسن» ألا يقطع لسانه لكى لا يُحرم دقيقة من قراءة القرآن!!، متى نفهم أن هؤلاء هم الأعداء والقتلة الحقيقيون، ليس إسلام بحيرى الذى حُبس، ولا سيد القمنى الذى طورد، ولا نصر أبوزيد الذى نُفى، ولا فرج فوده الذى قُتل.. إلخ، هم الأعداء أو مكمن الخطر، ولكنه هؤلاء الخوارج من سماسرة الدين، أعداء الحياة والإنسانية والحضارة، تتار العصر الحديث، برابرة العالم الجدد، حولوا سيكوباتيتهم اللعينة الشريرة إلى طاقة هدم لكل المعبد الوطنى، لديهم إصرار معجز على هدم كل جدار وكل طوبة حتى ولو نزلت على أم رؤوسهم.. أرجوكِ يا بلد لما تنشنى نشنى صح.
نقلا عن الوطن