جديد الموقع
لماذا يبكي الشرق؟
بقلم: نوري إيشوع
((وباطلا يعبدونني وهم يعلمون تعاليم هي وصايا الناس.)) مت9:15 شرقنا حزين, كئيب, منهك القوى, يبكي و ينزف دمًا, جروحه تقرحت, و سماؤه تلبدت بغيوم داكنة, سوداء غطت كل شيْ فيه حتى عقول البشر. شرقنا يصرخ بألم كصراخ الأم المفجوعة بوليدها لما يتعرض له من محاولات تصفية و من محوٍ لتاريخه و تدميرٍ لمعالمهِ و آثارهِ.
شرقنا جريح و جرحه عميق عمق جذور أوابده التي تلفظ أنفاسها الأخيرة. شرقنا قٌطعت أوصاله نتيجة المجازر التي يتعرض لها أبناء صانعيه من إبادة جماعية و انتهاكات لا إنسانية. شرقنا انتابته شائبات الزمان, فلطخت جنائنه بدماءٍ بريئة و شوهت حدائقه المعلقة أعشاب غريبة, ضارة تحاول خنق ما تبقى من أريجها.
شرقنا ملوث و عُكرت مياه أنهاره الرقراقة بالقمامة الممزوجة بدماء أبية. شرقنا يتألم نتيجة الضربات الموجعة التي يتلقاها كل يوم و أصابته بعاهة دائمة أحنت ظهره, و أصبحت جباله (أعشاش النسور), أوكاراً للثعلب و مسرحاً دموياً للذئاب. شرقنا مريض بمرضٍ عُضال نتيجة الأفكار البائدة و العقائد السائدة التي كل ما فيها مخالف للقيم و المفاهيم الإنسانية, شرقنا يٌقاد بمعتقدات تحارب كل ما هو إلهي و سامي. شرقنا مثقل كاهله بعادات و تقاليد لا تصلح حتى للعصور الحجرية, عادات و تقاليد و معتقدات تحرض على القتل و التمييز العرقي و الديني وتمارس من خلالها كل أنواع الاضطهاد بحقِ أناس أبرياء. دولٌ من الشرق, تمارس الاضطهاد العلني و تفرق بين مواطنيها و تضع البعض منهم في مراتب دنيا من البشر، لأنهم لا يؤمنون بما تؤمن, و لا يفكرون بما تفكر, دول تستحق و بجدارة أن تكون الراعي الأمين للإرهاب و المنظمات الإرهابية، و أصبحت بحق الغطاء القانوني و العقائدي و الديني لتلك المنظمات التي أباحت دماءً بريئة, وانتهكت و لا زالت تنتهك حقوق الإنسان دون وازع من ضمير و على العلن.
و لكن الذي يُثير السخرية ويضع وصمة عار على جبين المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة, كمنظمة حقوق الإنسان و منظمة"اليونيسكو", هو قبولهما دول و كيانات أعضاء دائمين بينها و من تلك الدول :"ليبيا","السودان","مصر", "السعودية", العراق, باكستان, الصومال و غيرها من الدولة التي لا تستحق إلا أن تكون أعضاءً على القوائم السوداء، نتيجةً للجرائم التي ترتكبها ضد الإنسانية. فمن العار أن تضم منظمة اليونيسكو (منظمة التربية و العلم و الثقافة و الاتصال) في عضويتها دولاً تنتهك قوانينها بشكلٍ يومي, و هي التي من أول أهدافها : بناء حصون السلام في عقول البشر, وتضمن الاحترام الشامل للعدالة والقانون وحقوق الإنسان والحريات الأساسية. و لنقف على حقيقة مدى نزاهة و صدق هذه المنظمة يجب علينا التعريف بها : اليونيسكو, من هي؟ و ماذا تفعل؟ ولدت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) يوم 16 نوفمبر/تشرين الثاني 1945. ولا يتمثل أهم شيء بالنسبة لهذه الوكالة المتخصصة من وكالات الأمم المتحدة، في بناء قاعات الدراسة في البلدان المُخرّبة، أو في ترميم مواقع التراث العالمي. بل إن الهدف الذي حددته المنظمة لنفسها هو هدف كبير وطموح وهو: بناء حصون السلام في عقول البشر عن طريق التربية والعلم والثقافة والاتصال.
الميثاق التأسيسي لليونسكو ينص الميثاق التأسيسي لليونسكو في ديباجته على ما يلي: \"لما كانت الحروب تتولد في عقول البشر، ففي عقولهم يجب أن تبنى حصون السلام.\" ولكي تتاح إقامة سلام دائم وصادق يقبل به الجميع، تعلن الديباجة أن الدول الموقعة على الميثاق التأسيسي \" تعتزم تأمين فرص التعليم تأمينا كاملا متكافئا لجميع الناس، وضمان حرية الانصراف إلى الحقيقة الموضوعية والتبادل الحر للأفكار والمعارف\". وحُدد الهدف من إنشاء المنظمة، على النحو التالي: \"المساهمة في صون السلم والأمن بالعمل، عن طريق التربية والعلم والثقافة، على توثيق عرى التعاون بين الأمم، لضمان الاحترام الشامل للعدالة والقانون وحقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس كافة دون تمييز بسبب العنصر أو الجنس أو اللغة أو الدين، كما أقرها ميثاق الأمم المتحدة لجميع الشعوب.\" فيا منظمة اليونيسكو, منظمة التربية و العلم و الثقافة و الاتصال, قبل أن تبني حصول السلام في عقول البشر, عليك أن تدكِ حصون الشر و الأفكار و التعاليم البالية التي تعشعش في عقول هؤلاء, عليك غسل أدمغتهم من المعتقدات المتصدأة منذ دهور, عليكِ قبل أن تضمني الاحترام الشامل للعدالة والقانون وحقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس كافة دون تمييز, رفض عضوية تلك الدول التي تمارس الإرهاب المنظم و تدعم المنظمات الإرهابية و تحاول تصدير آفتها الفتاكة و مرضها العضال إلى مجتمعاتكم. عليكِ يا بانية حصون السلام, العمل بجدية و الضغط و بكل الوسائل لإلغاء المواد التدريسية التي تُدرس في مدارس تلك الدول و معاهدها و جامعاتها، و يتعلمون من خلال تعاليمها فنون الكره و الحقد و القتل , عليكِ قبل صون السلم و الأمن, وقف التحريضات و النعرات العنصرية والطائفية التي يطلقها بعض الشيوخ الأفاضل من على منابر الجوامع، و يبثون من خلالها السموم في العقول و يغيرون بها الطبيعة البشرية، و تحولها إلى طبيعة لا بشرية تطغى عليها السيادية ليمارسوا من خلالها كل أنواع الحقد على البشرية.
فيا منظمة الثقافة و السلام: أغلقي أبوابكِ و اختميها بالشمع الأحمر، لأنك فقدت مصداقيتكِ و ثُبت عليكِ حكم اللامصداقية و اللا ثقافة, لأنكِ فتحتِ و تفتحين صدركِ و أبوابكِ لمن يدفع لك حفنة من الدولارات حتى لو كان قاتلاً سفاحًا. شرقنا العزيز, كفاك بكاءً, لمم جراحك و اجمع قِواك وانهض و استقم بالرغم من الضربات الموجعة التي أحنت ظهرك و توجه إلى السماء و افرح لان مجيْ الرب أصبح قريباً و سريعاً: ((14قريب يوم الرب العظيم قريب وسريع جدا.صوت يوم الرب.يصرخ حينئذ الجبار مرّا. 15 ذلك اليوم يوم سخط يوم ضيق وشدّة يوم خراب ودمار يوم ظلام وقتام يوم سحاب وضباب 16 يوم بوق وهتاف على المدن المحصّنة وعلى الشرف الرفيعة. 17 وأضايق الناس فيمشون كالعمى لأنهم اخطئوا إلى الرب فيسفح دمهم كالتراب ولحمهم كالجلّة. 18 لا فضتهم ولا ذهبهم يستطيع إنقاذهم في يوم غضب الرب بل بنار غيرته تؤكل الأرض كلها.لأنه يصنع فناء باغتا لكل سكان الأرض)) صف1: 14-18
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :