الأقباط متحدون - زمن الأقليات
أخر تحديث ٠٨:٠٢ | الجمعة ٥ اغسطس ٢٠١٦ | أبيب١٧٣٢ش ٢٩ | العدد ٤٠١١ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

زمن الأقليات

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

كتبها Oliver
حين يبدأ الحديث عن الأقليات تختلف ردود الأفعال بحسب موقف كل طرف و مكانه من الأقلية أو الأغلبية.كذلك بحسب مستوي وعيهم بطبيعة و توصيف و مفهوم الأقليات.البعض لا يدرك سوي المدلول السياسي  لمفهوم الأقلية و البعض يجعل المعني محاصراً بالمفهوم الديني للأقلية .للأقليات تعريفات متعددة لكن المقال هنا يركز علي كيف ينظر كل طرف للأقليات .متي يقبلها و يتغني بحقوقها و متي يرفضها بل و يتهم من يدعو لها بالخيانة و بأشياء أخري.

قراءات خاطئة لمفهوم الأقليات

 أولاّ : القراءة السياسية
في الشرق الأوسط الذين يقرأون مفهوم الأقلية بعين سياسية يعتبرونه دعوة لتقسيم البلاد أو لإستعداء الغرب و طلب الحماية الغربية. هذه النظرة تغازل الفكر السلفي الوهابي المتطرف و تريد أن تربح القاعدة العريضة المتطرفة علي حساب قهر الأقباط.

و لا أدري من أين أتت عبقريتهم بهذا الربط بين التدخل الخارجي و بين مفهوم الأقليات.و علي قصر رؤيتهم لا يتورعون عن أن يتهموا من ينادي بحقوق الأقليات  بالخيانة و بإستعداء الغرب علي لأوطان.رغم أننا ببساطة نسألهم.هاتوا لنا حالة واحدة من بلاد الشرق الأوسط تدخل فيها الغرب لحماية أي أقلية؟ أو هاتوا لنا نموذجاً أو دليلاً تثبتون به أنه توجد أقلية طلبت الحماية الأجنبية؟  لقد أبيد الأكراد بالكيماوي في العراق و لم يتدخل الغرب.لقد أبيد الأرمن في بلادهم و علي حدود تركيا بأيدي تركية إسلامية قاتلة و لم يتدخل العالم رغم مصرع أكثر من مليوني شهيد مسيحي أرمني .لقد أبيد االمسيحيون في الرقة في سوريا منذ شهور و فجرت الكنائس و الأديرة و لم يتدخل أحد لحمايتهم .لقد تم سبي اليزيديين و لم يتدخل أحد .لقد حدث و ما زال يحدث  للأقباط  في مصر مذابح و محارق لهم و لكنائسهم و لبيوتهم و نهبوا و هجروا قسرياً و لم يرتفع صوت  الكنيسة أو أحد من النشطاء بطلب الحماية الأجنبية للأقليات.فعن أي حماية يتكلمون؟ و المؤسف أن بعض من يقولون هذا هم أقباط يعتبرون أنفسهم مدافعين عن أقباط مصر لكنهم يكررون كالببغاوات تبريرات إسلامية تتناقض  مع حقوق الأقليات.تهاجمها و تهيج الجهلاء ضدها و تصبغها بسمعة سيئة كما حدث من قبل مع مفاهيم كثيرة منها ( مفهوم حقوق الإنسان – مفهوم الحماية الدولية- و قد كتبت عن ذلك بإستفاضة لإزالة المغالطات التي ينسبها الإسلاميون و حكوماتهم و قياداتهم و إعلامهم ضد هذه المفاهيم.السياسيون يحتفظون بالأقليات  ورقة ضمن أوراق السياسة يلهون بها الغرب و يخدرون بها الشرق و يضيع الأقليات بين الغرب و الشرق.
www.christian-dogma.com/t20632-0
mechristian.org/2011/07/03/protection/

ثانياّ القراءة الإسلامية لمصطلح حقوق الأقليات
سوف أسرد ما يعجب المسلمون.و لن يتجرأ واحد أو واحدة أن يعترض علي حقوق الأقليات ببساطة لأنها حقوق الأقليات المسلمة في البلاد الغربية و الشرقية .و لن تتفذلك كاتبة و تضع إختياران لا بديل لهما إما حقوق أقليات أو دولة مدنية .و كأن حقوق الأقليات تفرز دولة دينية ثيئوقراطية. إنهم يثبتون كل يوم عدم علم بالمعاني الحقيقية لحقوق الإنسان.و يتاجرون بكلمات يظنونها حقيقية و هي متاجرة رخيصة لو يعلمون.

للإسلام لغتان.يستخدم لغة خاصة حين يتحدث عن الأقليات المسلمة.بينما يستخدم لغة مناقضة تماماً حين يتكلم عن الأقليات المسيحية في البلاد التي تعيش في بلاد أغلبية سكانها مسلمون.

الأقليات المسلمة في الغرب و آسيا و حتي أفريقيا  هي أقليات مهاجرة ليست أبداً أصحاب وطن كالأقليات المسيحية في مصر و الشرق الأوسط.و مع هذا نجد الأقليات المسلمة و ممثليها يتحدثون بلغة لا تخلو من التبجح  فكل الحقوق مطلوبة وكل الحريات ممنوحة و لا يتهمهم أحد بأنهم يقسمون البلاد أو يطلبون حماية السعودية و باكستان و القاعدة و داعش و لا يتهمونهم  بإستعداء أحد علي أحد.حتي أن القرضاوي مفتي الإرهاب ألف كتاباً أسماه (في فقه الأقليات المسلمة) 2001أفتي فيه بالمعاملات الشرعية مع بنوك بلاد الكفار التي يعيش فيها الأقليات المسلمة.كما أفتي عن الديمقراطية و جواز الإنتخابات و أمور أخري كثيرة .بل تأسست مجالس فقهية خاصة للأقليات المسلمة تحكم التشريعات الإسلامية و تقدم الفتاوي و تعين الأقلية المسلمة علي الحياة بالشريعة الإسلامية في بلاد الكفار.

بل تم تأسيس مجلسين واحد في أوروبا من 25 عالما إسلامياً يشرعنون للأقليات في اوروبا طريقة حياتهم و يطالبون بحقوقهم كاملة و بطريقة - حسنة و أنا سيدك- .هذا المجلس إسمه (المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء) ومقره في إيرلندا، ويرأسه الشيخ الإرهابى يوسف القرضاوي.و في أمريكا مجلس آخر يرعي مصالح الأقليات الإسلامية إسمه (المجلس الفقهي لأمريكا الشمالية) ويرأسه الدكتور طه جابر العلواني.

يعيش 400 مليون مسلم في بلاد أغلبيتها غير مسلمة أي كأقليات. بينما يعيش 800 مليون آخرون في بلاد تسمي إسلامية,. الأقليات المسلمة تتوطن في 28 دولة أفريقية و 19 دولة آسيوية و عدد المسلمين في كل أوروبا 15 مليون (بإستبعاد دول الإتحاد السوفيتي الإسلامية السابقة) و عدد المسلمين في أمريكا لا يزيد عن 5 مليون مسلم.لاحظ إن الأعداد معروفة في كل دولة و يزايدون عليها بينما عدد الأقباط مثل سر بناء الأهرامات.

كل تلك البلاد الأفريقية و الآسيوية و الأوروبية و الولايات المتحدة الأمريكية و كندا أعطت صفة الأقلية للمسلمين بالمعني الصحيح الذي يطالب به الأقباط و الذي سنناقشه فيما بعد.لكن صفة الأقلية تعجب المسلمين في تلك البلاد و بدون أن يحاربوا لأجلها منحتهم تلك الدول حماية خاصة لشعائرهم و لغتهم و ثقافاتهم و طرق الزواج و الطلاق و المعاملات الخاضعة لشريعتهم.دون أن يتهمهم أحد بأنهم يريدون الإنفصال عن تلك الدول او يريدون أن يتحكموا في الأغلبية أو يفرضوا عليهم وضعاً خاصاً بهم.أما حين يطالب الأقباط بنفس الحقوق و هم أصحاب الوطن الأصلي فالتهم بالتخوين جاهزة و المستأجرين من الأقباط جاضرون لتأييد المتطرفين الذين يريدون  قهر ثم محو الأقلية من مصر.
النموذج الهندى لمعاملة الأقلية المسلمة

ويهتم بشؤون هذه الأقلية عدة جمعيات؛ أهمها:
- مجلس المشاورة.- الجماعة الإسلامية (الهند).- جمعية علماء الهند.- الجمعية التعليمية الإسلامية لعموم الهند.ولهذه الأقلية جامعات لتدريس العلوم الإسلامية، وأخرى للعلوم المدنية، ومن أهمها:

- جامعة ديوبند.- ندوة العلماء في لكنهو.- مظاهر العلوم.- مدرسة الإصلاح.- الكلية الإسلامية في فانيا آبادي.- الجامعة العثمانية في حيدر آباد.- الجامعة المِلِّية في دِهلي.

أما التعليم الأولي فتهتم بشؤونه مدارس ومكاتب منتشرة في أماكن تواجـد الأقلية،

نماذج للأقليات المسلمة في أوروبا

وفي عام ٢٠٠٣م؛ بلغ عدد الأقلية المسلمة في إيطاليا قرابة المليون مسلم، يعيشون في

استقرار، ويجتهدون في العمل والإنتاج، ويلاقَونَ معاملة حسنة من الشعب الإيطالي  حتى إن بعض الصحف الإيطالية جعلتهم عنوانا: «شكرا للمهاجرين الذين يزيدون عدد سكان  إيطاليا ، وقد زاد عددهم إلى ٧,١ مليوناً في عام ٢٠٠٩م؛ ليشكِّلوا ٣ ٪من سـكان  إيطاليا. و على النهج الإيطالي نفسه تسير إسبانيا الحديثة، في بناء نهضتها على أسس من الحرية و المساواة؛ و تشهد الأقلية المسلمة في إسبانيا حالة من الرضا والقدرة على الالتـزام بتعـاليم الإسـلام وأداء شعائرها بأريحية كاملة.

حتي في أمريكا اللاتينية الفقيرة نسبياً حالة الأقلية المسلمة في البرازيل رائعة حيث يجد أبناء الجالية المسلمة هناك مساحة واسعة من الحرية؛ فلا توجد ضـغوط علـى

ممارسة الشعائر الإسلامية، وتعمل البرازيل على تيسير السبل للأقلية المسلمة للانـدماج في المجتمع.ويظلُّ التواصل والاندماج مواتياً أمام الأقليات المسلمة في كل بلاد قـارة أميركـا اللاتينية؛نختم حديثنا عن الأقليات المسلمة المستقرة في العالم؛

حالة المسلمين في قارة أميركـا الشمالية، وبخاصة أبناء الأقلية المسلمة في كندا والولايات المتحدة الأميركية؛ حيث تحظى الأقلية المسلمة في كندا بفرص واسعة للاندماج في المجتمع الكندي ؛ وذلك لاحتياج الدولة الكندية لمساهمة المهاجرين المسلمين في قطاعات الدولة المختلفة.كذلك بالنسبة لأبناء الأقلية المسلمة في الولايات المتحدة الأميركية؛ حيـث كانـت تحظى بقدر هائل من الفرص والإمكانات؛ لتحقيق الاندماج والتواصل والتعـايش مـع المجتمع الأميركي، وذلك في ظلِّ ما كانت ما تتمتع به الأقلية  من حرية كاملة في أداء شعائر الـدين االإسلامى  - الأقلية المسلمة هناك بلغ عددها ٧ ملايين عام ٢٠٠٧م.

ليست هذه المعلومات من معرفة شخصية.بل هي منتقاة من أوراق بحثية مقدمة لمؤتمر مكة الدولي  الذي يندرج تحت رعاية رابطة العالم الإسلامي –الإدارة العامة للمؤتمرات و المنظمات . لمناقشة أوضاع الأقليات المسلمة. كما أن بعضها مقتبس من كتب تسمي فقه الأقليات عند الإسلام.إذن سنوياً يعقد مؤتمر بمكة يتدارس أوضاع الأقليات المسلمة و يضع الخطط الكفيلة بمضاعفة هذه الأقليات.و لم يعترض أحد علي مؤتمراتهم السنوية كما إعترضوا علي مؤتمر التضامن القبطي أو لقاءات إتحاد منظمات الأقباط بأعضاء الأتحاد الأوروبي .

إنهم يريدون حقوق الأقليات لو كانت لهم.و حقوق الأغلبية لو كانت لهم.فالإسلام لا يهمه الآخر.و المسلمون يريدون أن يتسيدوا العالم بالعدد لا بالحضارة و المعارف.

لم أكتب عن حقوق الأقليات المسيحية .فقط أترككم لتتأملوا كيف أن ميزان الإعلام الإسلامي متطرف و يميل للكفة التي تخدمه وحده و يدوس غيره و يتهمه دون أن يبالي بكذبه و فضائحه. و أسأل سؤال أخير : هل يعترض أحد علي حقوق الأقليات المسلمة ؟؟؟؟؟؟ و لنا لقاء مع حقوق الأقليات المسيحية و كيف لا يتعارض مع الدولة المدنية.... إن أراد الرب و عشنا.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع