الأقباط متحدون - دروس زويل غير الخصوصية
أخر تحديث ٠٩:١٠ | الجمعة ٥ اغسطس ٢٠١٦ | أبيب١٧٣٢ش ٢٩ | العدد ٤٠١١ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

دروس زويل غير الخصوصية

خالد منتصر
خالد منتصر

قصة حياة العالم الراحل أحمد زويل تعادل فى أهميتها جائزة نوبل التى حصل عليها والتى كان قريباً من تكرار اقتناصها لو أمهله القدر. لا بد من إعادة قراءة مسيرة د. زويل وفهم دلالاتها من أجل فهم أفضل للمستقبل ووضع خطة إن كانت لدينا النية للنهوض بهذا الوطن ودخوله إلى زمن الحداثة وعصر العلم بجد وحق وحقيقى.

الدرس الأول: المدارس التى تعلم فيها أحمد زويل ابن الأسرة المتوسطة من الابتدائية فى دسوق حتى الثانوية فى دمنهور هى مدارس حكومية بسيطة وليست مدارس لغات أو حتى تجريبية! مدارس المريلة ذات اللون البيج الكالح، مدارس الشنطة القماش المربوطة بأستك، مدارس تمشى إليها بالكيلومترات فى الطين والمطر بدون باص ينتظرك أمام العمارة أو الفيلا، مدارس تذهب إليها بحذاء باتا الغلبان فى زمن لم يعرف الكوتشى الأديداس أو النايكى، مدارس كانت أماكن حقيقية للعلم تذهب إليها من أول يوم إلى آخر يوم بدون دروس خصوصية أو مجموعات تقوية وليست مجرد أماكن لتسجيل الطلبة وتحصيل المعلوم!! فى هذه المدارس الفقيرة المجانية تعلم واحد من أكبر علماء الكيمياء فى العالم اسمه أحمد زويل.

الدرس الثانى: لم يتخرج أحمد زويل فى كلية من كليات القمة كما يطلق عليها المصريون المعاصرون، تخرج فى كلية العلوم التى لو قرأ طالب ثانوية عامة الآن اسمها فى ورقة التنسيق لأصيب بالسكتة الدماغية!، تخرج فى كلية علوم جامعة الإسكندرية، التى تحمل صفة وعاراً وسبة أخرى غير أنها من كليات القاع وهى أنها جامعة إقليمية!!، هذه المسميات الجاهزة والمفاهيم التى صارت من البديهيات الفجة الممجوجة هى التى تحكمنا الآن، لكنها لم تكن تحكم زويل ولا زمن زويل، الدرس هو أننا بدون كلية العلوم والاهتمام بها لن ننهض، الثورة الحقيقية سأشعر بها يوم أن أقرأ مانشيتات الجرائد بعد ظهور نتيجة الثانوية العامة مكتوباً فيها بأكبر فونت «الأول على الثانوية العامة: سألتحق بكلية العلوم»، يوم أن نفخر بعالم قسم الحشرات بدلاً من جعله أضحوكة فى مسلسلات الكوميديا، يوم أن يكون رموزنا من علماء الجيولوجيا وعلم الحيوان والنبات... الخ، يوم أن يكون يوم امتحان الفيزياء يوم بهجة لا يوم لطم وندب وعزاء، يوم أن يكون دخول المعمل فى مدارس مصر فرض عين، يوم أن يدخل مدرس العلوم الفصل مبشراً الطلبة «سنذهب اليوم فى رحلة إلى متحف الأحياء المائية أو القبة السماوية أو أكاديمية البحث العلمى»، يوم أن يحدث هذا سأقول مفتخراً ومتباهياً بأنه قد حدثت فى مصر ثورة حقيقية ولا يهم وقتها تحديد التاريخ إن كان يناير أو يونيو، المهم أن الثورة قد طالت العقل وتغلغلت فيه وتجاوزت الحناجر إلى المخ.

الدرس الثالث: علماء الهند عندما يسافرون يظل الحبل السرى بينهم وبين بلادهم موجوداً لا ينقطع ولا يبتر أبداً، أما نحن وفى حالة زويل لم نعرفه إلا عندما حصل على نوبل، وكأننا اكتشفناه فجأة، انقطع التواصل بيننا وبينه، المسئولية من الممكن أن تكون موزعة وملقاة على عاتق الباحث المصرى والحكومة المصرية، ولكنى أرى مسئولية الدولة أكبر وأعمق، وخطيئتها أفدح، لا بد من بقاء هذا الحبل السرى، لا بد من التواصل والبحث والتنقيب عن علمائنا فى الخارج حتى لا تصبح مشاريعهم وأحلامهم متأخرة فى الظهور وبعد فوات الأوان كما حدث مع زويل الذى رحل وما زال مشروع جامعته جنيناً لم يكتمل نموه بعد.
نقلا عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع