بقلم :نعيم يوسف | الاربعاء ٣ اغسطس ٢٠١٦ -
٢٦:
٠٥ م +02:00 EET
نعيم يوسف
في مشهد رائع من مشاهد مسرحية "الزعيم" للفنان الكبير عادل إمام، يحاول البطل "زينهم" أن يتملق أحد القيادات الأمنية بالدعاء للزعيم دعاءا ساخرا كوميديا مثل الجملة الشهيرة: "اللهم انفخنا وفسيهم.. اللهم جرجر الزعيم.. اللهم بطخه" إلى أن يختتم دعائه بقوله: "اللهم خدنا إحنا يا شيخ"، مشيرا إلى أن الشعب هو مشكلة الزعماء والقادة وعندما يتخلص الزعماء من الشعب تصبح حياتهم أسهل وأفضل!!!
هذا المشهد الرائع كان يضحكني بشدة، كل مرة أشاهده فيها وكأنني لم أشاهده من قبل، أما الآن فلم يعد يضحكني، خاصة بعد أن رأيته يتعدى كونه مشهدا مسرحيا كوميديا، ويصبح واقعا أليما نعاني منه، بعد أن قررت الحكومة ورجالها في الإعلام تعليق فشلها على شماعة "الشعب"، وأصبح هذا الأخير هو سبب بلاوي الحكومة والوطن.
بالطبع أتفهم كون الشعب شريكا في أي مشروع للتنمية، ولكن مشاركته تستوجب عدة شروط لا تفعلها الحكومة نهائيا أولها أن يكون الشعب شريكا في اتخاذ القرار، وهو الأمر الذي لا يحدث مطلقا وبين الحين والأخر تفاجآنا بقرار أقل ما يوصف بأنه "قرار غشيم" مثل اتفاقية تيران وصنافير، والاتجاه للاقتراض من صندوق النقد دون أن يدري الشعب شيئا، وثاني هذه الشروط هو توافر المعلومات، وهو ما تفعل الحكومة عكسه تماما، وتتعامل معنا كمواطنين على أننا جهلة لا نفهم، أو أطفالا لا ندري أين هي مصلحتنا!! وبما أن الحكومة لا تشركنا في المعلومات ولا اتخاذ القرار فلا يحق لها أن تلقي فشلها على الشعب، إلا أن هذا يحدث بكل بجاحة!!!
خلال الأزمات المتكررة لنقص السلع الغذائية من الأسواق، ما أدى إلى ارتفاع جنوني في أسعارها، مثل أزمة "البامية" و "الأرز"، كان يخرج علينا وزيرنا الهمام الدكتور خالد حنفي صاحب حقيبة "التموين" ليخبرنا أن السلع متوفرة بكثرة ولكن محاولات المواطنين لتخزينها خوفا من نقصها هو ما يؤدي لذلك!!! وبصراحة لا أجد ردا على الوزير غير جملة عادل إمام: "اللهم خدنا إحنا يا شيخ!!!"
أما في أزمة ارتفاع سعر الدولار وعدم قدرة الحكومة السيطرة عليه، ومع تصريحات محافظ البنك المركزي التي كانت ترفع سعر الدولار لا تخفضه، قرر أحد الإعلاميين إلقاء اللوم على الشعب، وتعليق شماعة الفشل عليه، ليخرج علينا ويقول إن الشعب هو السبب في الأزمة، ثم هناك تصريح وزير المالية الذي قال فيه إن هذا الارتفاع السبب فيه الشعب، ولكل هؤلاء نقول: "اللهم خدنا إحنا يا شيخ!!"
مع تزايد حدة الحوادث الطائفية، غضب الأقباط في الداخل والخارج، أقباط الداخل قرروا ولأول مرة رفض الجلسات العرفية واللجوء للقانون، وأقباط الخارج -نظرا لتمتعهم بمساحة حرية أكبر- قرروا التظاهر اعتراضا على ما يحدث لأهلهم في صعيد مصر، إلا أن هذا لم يرضي المتطرفين في المناصب المختلفة، وراحوا يطلقون الاتهامات والادعاءات الكاذبة بأن الأقباط والكنيسة هم السبب، وراحوا يطلقون صكوك وأختام التخوين للأقباط في الداخل والخارج على حد سواء!! كل هذا لأنهم فشلوا وتواطؤا في إحداث الفتن الطائفية ونرد عليهم بعبارة عادل إمام الساخرة: "اللهم خدنا إحنا يا شيخ!!"
في لقائه مع شباب البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب، الاثنين الماضي، قال الرئيس إن الإجراءات التي يتم اتخاذها لا تهم، ولكن ما يهم هو تقبل الشعب لها!!
لا شك أن الرئيس محق في كلامه هذا، ولا أجد ردا وختاما أفضل من قول الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي في قصيدته "أحزاني عادية": "إحنا ولاد الكلب الشعب.. احنا بتوع الأجمل وطريقه الصعب.. والضرب ببوز الجزمه وبسن الكعب.. والموت في الحرب.. لكن انتم خلقكم سيد الملك.. جاهزين للملك.. أيديكم نعمت من طول ما بتفتل ليالينا الحلك.. احنا الهلك وانت الترك.. سواها بحكمته صاحب الملك".
نقلا عن الطريق
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع