لمصلحة من شق وحدة الاقباط الان؟
سليمان شفيق
الاثنين ١ اغسطس ٢٠١٦
سليمان شفيق
من يتابع الشأن القبطي بعمق يجد موقفين متناقضين :
انتفاضة قبطية مصرية منذ احداث "الكرم " وحتي الان تضامن فيها المسلمين اكثر من الاقباط ، علي الجانب الاخر هناك من دفع الاقباط للتناحر بين بعضهم البعض وبين الداخل والخارج ، وبينهم وبين المقر البابوي ،تجسدت عوامل القوي في في رغبة الدولة في احتواء الغضب القبطي، ونجحت باللقاء الذي حدث بين الوفد الكنسي برئاسة قداسة البابا وبين الرئيس ، في تحويل الغضب من ضد الدولة الي ضد الكنيسة والمقر البابوي ، وخاصة الاقباط في الولايات المتحدة الامريكية اكبر تجمع للاقباط الامريكيين من أصل امريكي ،حوالي3 مليون مواطن ، ويوجد بها كبريات المنظمات للوبي القبطي وفي مقدمتها منظمة التضامن القبطي ، والتي عقدت مؤتمرها السنوي في مطلع شهر يوليو ـ تموز ـ وعلي اثر انتهاء المؤتمر أعلن الناشط والباحث القبطي مجدي خليل مدير منتدي الشرق الاوسط ،عن تنظيم مظاهرة أمام البيت الابيض يوم الثلاثاء 2 أغسطس ـ اب ـ وهنا اعربت دوائر الحكم عن قلقها من تلك التظاهرة ،لما لهؤلاء من مكانة امام دوائر الحكم الامريكية خاصة مع زيادة أعداد الأقباط في الخارج تكون ما يمكن وصفه ب"اللوبي القبطي"، ضد السلطات المصرية، ومارس أقباط المهجر ضغوطاً قوية على الأنظمة الغربية، لإتخاذ مواقف متشددة ضد مصر، أثناء الحوادث ذات الصبغة الطائفية، حتى بات نظام حسني مبارك يقيم لهم وزنًا، ويخشى من دورهم في تغيير بعض سياسات الدول الغربية وامريكا تجاة الحكم في مصر ، بل ان نظام الرئيس السيسي استعان بهم مؤخرا لمواجهة الاخوان ابان زيارتة للولايات المتحدة لالقاء كلمة مصر امام الامم المتحدة 29 سبتمبر ـ ايلول ـ 20015.
الكنيسة واقباط المهجر :
يتمسك المصري المسيحي الارثوزكسي بعقيدتة ، حيث تعد الكنيسة "هوية وطنية وعقيدية " ، وهي الكنيسة الوحيدة التي يسبق لاهوت الوطن لاهوت العقيدة في تسميتها (القبطية ـ اي المصرية ـ ثم الارثوزكسية ـ اي العقيدة ـ) ولذلك حينما يذهب المسيحي يصطحب كنيستة ووطنة الي حيثما شاء ، ورغم اندماج معظم المسيحيين ، ومنذ ستينيات القرن الماضي انتشرت الكنائس القبطية الارثوزكسية في اكثر من مائة دولة ، واصبح للكنيسة الارثوزكسية اكثر من ستين كنيسة في كل الولايات ومعظم المدن الكبري، وكان للكنيسة دورا في الدعم غير المباشر في المنظمات القبطية ضد الرئيس الاسبق السادات من احداث الخانكة ـ (اول الاحداث الطائفية1972) وحتي رحيل السادات ، وفي اول زيارة للرئيس الاسبق مبارك للولايات المتحدة الامريكية 1982 اوفدت الكنيسة الانبا موسي اسقف الشباب لكي يتحدث مع اللوبي القبطي بحسن استقبال الرئيس الجديد ، وهكذا كانت علاقة الكنيسة باللوبي القبطي في الولايات المتحدة ترتبط بعلاقة الكنيسة بالحاكم ، وربما بلغت اعلي موجاتها في الترابط في مواجهة حكم الاخوان المسلمين 2012/ 2014، ومع ثورة 30 يونيو تغير موقف الكنيسة ودعمت حكم الرئيس السيسي ، بل ووصل الامر الي مساندة اللوبي القبطي للرئيس السيسي في ديسمبر 20015،ومن المفارقات ان الذي تزعم تنظيم مظاهرات لدعم الرئيس السيسي في واشنطن هو مجدي خليل الذي ينظم الان التظاهرة امام البيت الابيض احتجاجا علي ما يجري للاقباط في مصر عامة والمنيا خاصة ؟!!
علي الجانب الاخر تحفظت الكنيسة علي المظاهرة ، وصرح المتحدث الرسمي للكنيسة الرئيس:( أكد البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، أنه خاطب أقباط المهجر وأرسل للكنائس القبطية فى أمريكا، لوقف التظاهر ضد أحداث المنيا. وقال البابا تواضروس، خلال لقائه وفد البرلمان بالمقر البابوى اليوم الاثنين، أن أقباط المهجر، حتى الآن، فى منتهى الدعم لمصر، وأرسلت لهم فى كنائسنا بأمريكا مباشرة "مفيش مظاهرات تتعمل"، وأعلم "أن مش كلهم هيسمعوا الكلام". وأضاف البابا، "فى المنيا تخرج مجموعات مؤججة بعد صلاة الجمعة وتتجه لحرق بيت، بدعوى أنه كنيسة، وهى ليست جريمة اجتماعية"، بل اعتداء مقصود، موضحاً أنه حين نسمى الأسماء بمسمياتها نبدأ العلاج، وأرجوأن يلفت ذلك نظركم، لماذا غضب الأقباط من الاعتداءات الصغيرة. وأشار البابا تواضروس إلى أننا التزمنا الصمت بعد حرق الكنائس عقب أحداث الفض، وكنا مدركين، مسلمين ومسيحيين، أننا نواجه عدواً، أما الحوادث التى تقع حاليًا فهى أقل حجمًا مما جرى من حرق الكنائس، ولكن الغضب فى الشعب القبطى أكبر بكثير، مختتما كلامه بقوله:"أرجوكم بكل محبة وإخلاص أن تتصدوا لذلك".)
هل سوف يحدث التصادم بين الكنيسة واللوبي القبطي بالمهجر؟
أم ان اللوبي القبطي الامريكي سوف يبحث عن حل وسط خاصة وان نيافة الانبا مكاريوس الاسقف العام للمنيا كان قد ابدي تساؤلة في احدي اللقاءات التلفزيونية :" ولماذا لاتتم المظاهرة امام السفارة المصرية " ؟ وفي كل الاحوال تقف الكنيسة موقف الناصح لقادات اللوبي القبطي وتتحرك من خلال الكهنة والمسئولين الكنسيين لمنع جماهير الاقباط الامريكيين من الحشد للمظاهرة في حين يصر مجدي خليل علي المظاهرة ويستخدم كل الادوات للحشد .
يبقي ان الاقباط غير قادرين علي استثمار اللحظة الراهنة لغياب الرؤية ، وعدم امتلاك الارادة ، واصرار الدولة علي ان تنوب الكنيسة عن الاقباط وينوب قداسة البابا عن الكنيسة ،ويظل المدنيين في تناحر وصراعات مصالح تدفع الاجهزة بأستخدامهم بوعي او بوعى ...