الأقباط متحدون - البقرات العجاف
أخر تحديث ٠٥:٥٦ | الاربعاء ٨ ديسمبر ٢٠١٠ | ٢٩ هاتور ١٧٢٧ ش | العدد ٢٢٣٠ السنة السادسة
إغلاق تصغير

البقرات العجاف


بقلم: أدولف موسى
لاشك ان كل منا قد سمع عن حلم السبع بقرات العجاف الذين التهموا السبع بقرات السمان فى الكتاب المقدس. عندما حاولت ان افكر فى مصداقية هذا الحلم سألت نفسى:
هل يمكن ان تحقق مثل هذه الواقعه التى فيها يستطيع
- الضعيف التهام القوى؟
- ان يتغلب الضعيف على القوى؟
- ان يدمر الضعيف القوى؟
- ان كانت هذه قصة من الماضى فهل يمكن ان يحدث هذا فى وقتنا الحالى؟
دعونى اذكر لكم كمثال ما عشته عندما جئت الى الغرب لأول مره. حدث هذا فى اواخر الخمسينات و بداية الستينات، كنت وقتها طفل قد سافر مع ابيه للولايات المتحده الامريكيه، بريطانيا و فرنسا، و بعد ذلك وحدى و انا شاب جامعى الى دول غربيه كثيره و استقريت بعد ذلك فى المانيا. كنت اجد ان هذه الدول وقتها مليئه بالرخاء، ساكنيها كانوا فى شدة الاخلاق العاليه، هدؤ الاعصاب، كرماء لدرجه كبيره، كان لهذه البلاد و شعوبها فائض مادى كبير و هذا الفائض كانوا ايضاً يستعملونه فى مساعدة ما يسموا بدول العالم الثالث. لم يكن يدقق احداً فى هذه البلاد آن ذاك ان كان لدى اى غريب اقامه فى هذه الدوله ام لا و ايضاً اذا بحث هذا الغريب عن عمل لم يسأله احداً بالضروره ان كان لديه تصريح عمل ام لا لأن الخير كان كثيراً يكفى و يزيد و عندما يكون هناك الكثير لا ينظر الشبعان الى الفتاتات التى تسقط من على مائدته. لم يكن الغش، الخداع او الكذب الذى كنا كشرقين متخصصين فيه و نجيده اجادة رهيبه فى حساب اهل هذه البلاد آن ذاك و كأن كل منا كشرقى قد ولد بهذا التوحش كفطره اساسيه فى شخصيته (اننى لا اتحدث على الشرقيين بطريقه مطلقه بل عن فئه معينه منهم قد تسببت فى ايجاد هذه الصوره عن الشرق ككل). كان الشرقى ملك الكذب و لكن الغربى لم يدقق فى ذلك آن ذاك و كان يصدق كل الاساطير التى كانت تُقَص عليه. لم تكن هذه الدول آن ذاك بقرات سمان فقط بل حقيقتاً بقرات سمان جداً.
ماذا حدث بعد ذلك والذى جعل هؤلاء يكرهوننا كشرقين و يعادونا اشد العداء؟
لقد وصل بهم الحد انهم يريدون التخلص من كل منا ككل اليوم قبل الغد و لكن قانون حريات و حقوق الانسان الذى ابتدعوه عن غير علم بوجود مثلنا ورطهم و يمنعهم عن ذلك!
الآن و بعد ان عرفنا من هم البقرات السمان و فأين هم البقرات العجاف؟
فى الوقت الذى استغله الغرب للوصول لما وصل اليه الآن اكتشف الشرق انه ليس له قدرة المتابعة التى تساعده على الاقل للقرب من ابسط و اقل المستويات التى وصل اليها الغرب.
حاول الشرق ايجاد حلاً الذى يستطيع به تخبئة فشله و تخبئه عدم قدرته لمتابعة التقدم الهائل فى الغرب. فبقدرة قادر و بدون تحذير اقنع الشرق نفسه انه قد اكتشف انه يمتلك اروع واعظم شئ عرفته البشريه. هذا الشئ يعطى له الحق ان يصل لأن يكون سيد العالم كله و قد وُجِد العالم كله لخدمتهم هم فقط لانهم القوم المختار! لم يقف الى هذا الحد، لقد اكتشف ان على العالم كله و بدون استثناء ان يتبعه لانه هو الوحيد العلاِّمه الكبرى، الذى يعرف "التايهه" الحق و باقى العالم على باطل و ضلال! لخفاء الفشل و خفاء عدم قدرته للوصول حتى لأن يوفر الطعام لنفسه، اخذ الشرق لنفسه ستار و اسماه بالعقيده المُنْزَله التى ليس بمثلها ، وضع على نفسه هذا الستار و اغلق اعينه لكى لا يرى الطريق المظلم الذى اختاره و الذى يسير فيه و الذى يذهب به الى الضياع. جاء الشرق ببدعتة و ادعى انها ليس لها مثيل و هو الوحيد الذى يمتلكها. خرج من هؤلاء مستنفعين كثيرين لم يجدوا شيئاً يكسبوا منهم قوتهم الا عن طريق التفسير و الفتوى لهذه العقيده التى يصعب على الانسان العادى فهمها وحده. قنوات فضائيه اعلاميه كثيره تخصصت لهؤلاء و اعطت الحق لكل منهم ان يفتى كما يشاء حتى و ان كان ثمن هذه السموم هو خراب البقية الباقيه للمجتمع الخربان. فأخذ كل منهم يفتى و كان لابد عليه بالاتيان بالجديد من الفتاوى الغريبه التى يقشعر لها حتى اجساد تابعيها ليعلوا ثمنهم فى سوق الفتاوى. بعض اصحاب هذه الفتاوى اصبحوا من اكبر اثرياء مجتمعاتهم و هذا على حساب تدمير باقى الشعب الذى هو بغباءه سبب ثراءهم من الذين يسيرون عمياناً وراءهم و لا يقدروا هم انفسهم على القوت اليومى. الفتاوى اصبحت كثيره و بدأت تدخل فى الدمار الشامل للمجتمع ككل. و لكن من العجيب انه من المستحيل ان تجد اثنين منهم متفقون على تفسير واحد فقط فى هذه العقيده الا على شئ واحد: الارهاب، التدمير و الخراب لكل من خالفهم و لو فى نقطة واحده، فتجد ان الكل متفق عليه! لم يستطيع الشرق العثور على طريق التقدم فقرر ان يأخذ الطريق السهل و المتوفر و هو طريق التخلف الذى هو عليه. علل هؤلاء ذلك تحت شعارالاسوة بما كانوا يعيشون منذ اكثر من الف عاماً و اصبحوا بقدرة قادر قدوتهم الاولى الان و فى عصرنا الحالى! لم يكتفى الشرق بهذا، اضاع الوقت فى البحث عن تفاسير ما كُتب فى كتاب ما كتب من اكثر من الف عاماً، اضاع الوقت فى النقاش الغبى فيه و المجادله الفارغه التى لا تؤدى الا الى ضياع الوقت و ضياع مستقبل اقليم كامل! نسى الشرق ان هناك شئ اهم اسمه العمل الايجابى و التقدم الذى يشبع به بطون الجائعين، اضاع حماة حمى هذه العقيده الوقت فى الحكم على كل من خالف رأياً واحداً مما يؤمنون به على انه كافر و لا يجوز عليه الا ان يذبح. وصل حكم التكفير الى ان اصبح ايضاً اصحاب هذه العقيده بينهم يكفرون بعضهم البعض. وصل ايضاً لدرجة انهم يقتلون اصحاب ذات العقيده عندما يحكموا عليهم بالكفر ان خالفوهم فى شئ واحد!
رغم حكم الشرق على هؤلاء كفار الغرب بالكفر و اللعنه كان الشرقى ذو قلباً كبيراً و منّ على الغرب بشرف عظيم و هو ان هؤلاء الكفره يمكنهم ان يطعموا هولاء الاولياء الصالحين و اولادهم و بلدهم كلها! لم يكتفى بهذا، بعد ان تولى الغرب الكافر بالفعل اطعام هؤلاء المؤمنين اولياء الله الصالحين و رغم ذلك لم يخلصوا من سبهم و لعناتهم الاشبه بمدفع الرش الذى لا ينتهى لأن طلقاته المسمومه هى الوحيده التى ينتجها هؤلاء الاولياء الصالحين على مستوى عالى و كميات رهيبه. هنا كان مولد البقرات العجاف.
لم تكتفى البقرات العجاف بهذا، بعد تدمير بلادهم و مجتمعاتهم قرروا السطو على البقرات السمان فى بلادهم. و بالفعل بدأت البقرات العجاف تدمر حياة و بلاد البقرات السمان. لم يتوقف التدمير على محاولة التدمير الاقتصادى فقط بل كان التوسع الى القتل بلا رحمه، تفجيرات، رعب مصحوب بالغباء و العقليه المحدودة الفكر و محدودة الذكاء فاصبح ارهاباً بكل انواعه. من المعروف ان الارهاب لم يكن جديداً على الغرب و لكن هذه النوعيه من الارهاب الآتيه من الشرق كانت نوعيه متوحشه، جديده و غريبه عنهم. انها نوعيه مستورده من حضارات غريبه على الغرب و هذا الاستيراد يريد استغلال الحريه و حقوق الانسان المطبقه هناك لتغير مسار هذه المجتمعات لتسير على منهج الدخيل الغريب الفاشل، منهج البقرات العجاف الذى اثبت فشله فى مجتمعاتهم و يريدون تطبيقه بكل انواع الارهاب فى الغرب ايضاً لكى يتساوى الغرب بالشرق فى التخلف! لم يفكر الشرق يوماً واحداً لو حدث هذا ما يسعوا اليه و اصبح الغرب متخلف مثل الشرق فمن سوف يطعم الجميع المتخلف؟ فهنا نستطيع ان نكتشف انه بالفعل يوجد مثل هذا الحلم "حلم البقرات العجاف و البقرات السمان الذى جاء فى الكتاب المقدس" و يطبق حتى فى واقعنا الحالى.
عندما نرى الآن الكميه الهائله من الاستعدادات الامنيه التى تقوم بها اى دوله من دول الغرب فى اى حادث يحدث مثل زيارة احد الرؤساء، دوره رياضيه او اى شئ آخر حتى ركوب القطار العادى للمواطن العادى و الكشف العارى لكل مسافر فى المطارات نستطيع ان نفهم مدى تأثير ارهاب التخلف الآتى من البقرات العجاف غلى العالم و كله و كذلك على انفسهم. لاشك ان البقرات العجاف قد استطاعت عن طريق الارهاب و التخلف الانتصار ليس فقط على الغرب و لكن على الانسانيه كلها.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع