"تشهد وزارة الداخلية بأن السيد: محمد حامد حسن خان، مواليد القاهرة بتاريخ 26/10/1942 قد منح الجنسية المصرية بالقرار الجمهوري رقم 92 لسنة 2014 بالتطبيق للمادة الخامسة من القانون رقم 26 لسنة 1975".. تلك هي الكلمات المدونة على وثيقة رسمية منحت محمد خان بشكل رسمي الجنسية المصرية بعدما بلغ 72 عاما ظل خلالها يطالب بهذا الحق حتى كاد يدركه الملل.
يقول خان في حوار سابق مع شبكة "BBC": "إن أصعب لحظة أواجهها هي تقديم جواز السفر البريطاني في مطار القاهرة، فساعتها يسألني موظف المطار عن جنسيتي فلا أدري ماذا أقول وأظل أستنكر بداخلي هذا السؤال فأنا مصري وُلدت وتربيت في شوارع القاهرة وأحياءها الشعبية".
لسنواتٍ طويلة، ظل محمد خان يطالب بحصوله على الجنسية حيث إنه ولد بالقاهرة عام 1942 لأم مصرية وأب باكستاني"، ومات بها أيضا في الساعات الأولى من صباح 26 يوليو 2016، عن عمرٍ ناهز الـ 74 عاما.
لكنّ خان الذي حصل على الجنسية المصرية قبل عامين فقط من وفاته، لم يكن بحاجة إلى أوراق ثبوتية تؤكد مصريته بل إن الـ 24 فيلما الذين صنعهم كمخرج وممثل كانت الوثيقة الأقوى والدليل الذي لا يناطحه دليل على أنه مصري حتى النخاع، وعلى أن الانتماء إلى وطن لا يمكن قصره على امتلاك ورقةٍ ما في خزينة منزلية مقفلة يكسوها التراب، بل قدم وطنيته على هيئة أفلام نجحت في تشريح المجتمع الذي أثبت خان أنه يعرفه أكثر من غيره دون أن يحمل جنسيته أيضا، بحيث برع من خلالها في رسم صورة بانورامية واقعية وتقديم وثيقة اجتماعية وسياسية وإنسانية تصف المجتمع المصري ببساطة ودون تقعر منذ سبعينيات القرن الماضي حتى اليوم.
وتبدأ قصة الولع بالسينما في نهاية أربعينيات القرن الماضي وبداية خمسينياته، حين بدأ الطفل محمد خان يمتلك عقله ويتحول إلى شاب يافع نشأ في حي السكاكيني الشعبي بالقاهرة، مجاورا لدار سينما يرى مقاعدها فقط ولا يرى شاشة العرض نفسها، ظل الطفل ثم الشاب يشاهد الأفلام ويستمع إليها دون أن يرغب في العمل بها، فظل متمسكا برغبته في دراسة الهندسة المعمارية التي سافر لدراستها بالفعل في إنجلترا عام 1956، وهناك تحول مسار حياته من الهندسة إلى الإخراج السينمائي حين التقى بالصدفة بشاب سويسري يدرس السينما وقررا اصطحاب بعضهما البعض إلى مدرسة الفنون، لكي يعود إلى مصر من أجل إخراج فيلم قصير تلاه فيلمه الطويل الأول "ضربة شمس" الذي لعب بطولته نور الشريف لتستمر مسيرته حتى قبل وفاته بعام واحد بفيلم "قبل زحمة الصيف" الذي أنتج في 2015.
ويعد محمد خان، أحد أبرز مخرجي السينما الواقعية في مصر، وأهم أفلامه "أحلام هند وكاميليا"، "زوجة رجل مهم"، "الحريف"، "أيام السادات"، "فتاة المصنع".
وحصد خان، عددا كبيرا من الجوائز في مهرجانات عالمية، مثل الجائزة التقديرية الذهبية عن الإخراج الأول من مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي الأول، وجائزة العمل الأول من جمعية الفيلم، وجائزة الدولة التقديرية عن فيلم "ضربة شمس"، كما حصل على جائزة لجنة التحكيم في مهرجان القارات الثلاث (نانت) بفرنسا عن فيلم "طائر علىا الطريق عام 1981،
كما حصل فيلمه "الحريف" على شهادة تقدير في مهرجان برلين الدولي عام 1983، وكذلك عرض بالمسابقة الرسمية في مهرجان موسكو الدولي عام في نفس العام.
وشارك فيمله "عودة مواطن" في مهرجان فالنسيا لدول البحر المتوسط بأسبانيا عام 1986، وعرض خارج المسابقة الرسمية في مهرجان كان الدولي عام 1987.
واستمر محمد خان في حصد الجوائز والتواجد في المهرجانات العالمية، حتى العقد الأخير من عمره، حيث حصل فيلم "في شقة مصر الجديدة" على جائزة أفضل فيلم عربي في مهرجان دمشق السينمائي عام 2007، وجائزة الخنجر الفضي والجائزة الخاصة للجنة النقاد والصحفيين في مهرجان مسقط السينمائي 2008، كما شارك في مهرجان دبي السينمائي 2007، ومهرجان بالم سبرينجز، ومهرجان سان رفايل بالولايات المتحدة 2008، بالإضافة إلى تمثيله لمصر في مسابقة الأوسكار للفيلم الأجنبي عام 2008 ولكنه لم يتم قبوله للترشح للجائزة.