بقلم : أودلف موسى
اننى اعلم ان هذا الاسم يعرفه كل انسان او على الاقل قد سمع عنه، لكننى اشك ان كل من سمع هذا الاسم يعرف مدى اهميته و كيف هز العالم و بالاخص الولايات المتحده الامريكيه و علاقتها مع دول العالم اجمع و بالاخص مع حلفاءها. لكننى شخصياً عندما سمعت ما فعله (Julian Assange ) مؤسس او مخترع هذه المنظمه من كشف ما يدعى البعض انها اسرار، استعجبت على هذا الضجيج الهائل الذى افتعله الكثير و كأن هناك شئ غريب على الانسانيه قد حدث!
لكى نفهم ما حدث لابد ان اقص عليكم فى البدايه قصتى مع المعلم "نصحى" تاجر و مليونير من وكالة البلح فى مصر. كنت فى بداية طريقى فى العمل فى التصدير لمصر، عرفت من احد معارفى "شوقى" ان المعلم نصحى مدرسه فى المعامله فى السوق المصرى و هو من القلائل الذين بأمكانهم مساعدتى فى وضع القدم على بداية هذا السوق باسراره. عندما كنت مرة فى زياره لمصر اصر شوقى ان يأخذنى للمعلم نصحى و بالفعل ذهبت معه هناك. قال لى المعلم نصحى: تعالى معى اعرفك على تجار كثيرون ممكن ان تتعامل معهم فى التجاره التى تريدها، اسمع و اتعلم و انا يا سيدى كمان هاقول لك على شخصية كل واحد و كيف تتعامل معه عن طريق خبرتى.
عندك المعلم ثروت: راجل كسلان، معفن، لا يتحرك كثير، تريد ان تصل الى رضاه؟ جيبله قرش مخدرات لأنه صاحب مزاج و اعطيه دائماً حق لان عنده نقص.
المعلم سيد: راجل جاهل لا يعرف القراءه او الكتابه، اهلاوى متعصب توصل اليه عن طريق النسوان و لابد ان تكون اهلاوى مثله او تمدح فى الاهلى حتى لو كنت زملكاوى.
و المعلم فلان و المعلم علان.
لاشك ان معرفة شخصية الشخص الذى يراد التعامل معه و ميوله له نفع كبير و يعتبر اهم عنصر لمعاملته و الوصول اليه حتى و ان كان مثل المعفن ثروت او الجاهل سيد. اهم ما لابد ان يراعى هو الصراحه المطلقه فى كل الابحاث و التى تكون للذات فقط لأن هذا الشأن لا يحتمل المجاملات و الا سوف تغش نفسك و لن تستطيع التعامل معهم. ان التحليل الصريح لهذه الشخصيات التى يراد التعامل معها يخص صاحب التقرير وحده و ليس لأحد آخر الحق فى معرفته لانه خاص بصانعه وحده. و لكن ماذا اذا ذهبت انا او شوقى الذى كان يلازمنى فى هذا التعارف الى المعلم ثروت المعفن او المعلم سيد الجاهل او احد الآخرين لنقول لهم ان المعلم نصحى يقول عليكم كذا و كذا من خلف ظهركم؟ هل يسمى هذا بالامانه، "بالجدعنه" ام بالخيانه؟ هل لأى انسان حق الخيانه او خيانة الكلمه التى سمعها من آخر؟ و الغريب عندما يسمع المعلم ثروت ان هناك من يقول عنه انه بتاع مخدرات و هو يعلم ان هذه حقيقه، يتقمص دور البرئ الذى اصاب فى كرامته الشريفه على غير حق و يقول " ليه الكدب ده"! انه يعرف الحقيقه و لكنه لا يريد ان اخراً يعرفها، و ان عرفها احداً لا يريده ان يتحدث عنها او يذكرها او يكشف عورته اما الآخرين. بصراحه هذا حقه!
كذلك من المعروف ان كل دوله و بدون استثناء عن طريق مخابراتها سفراءها فى الدول الاخرى تطبق هذا المسمى بتقيم السياسيون او اعضاء حكومات و الاقتصاد العالم كله و بالاخص المهمين منهم و الذين تتعامل معهم. تُكتب هذه التقارير بكل صراحه و بدون مجامله لان هذه التقارير فيها خطورة الطوريت الباهظ الثمن ان لم تساعد على كيفية معاملة الآخرين، بجانب هذا توضع تحت بند السريه الرهيبه و ليس لاحد حق الاطلاع عليها الا الدوله التى سعت الى عملها لتكون اهم مصدر لها لمعرفة:
- مع من تتعامل؟
- اى نوع من السيكولوجيه يتمتع بها الطرف الآخر
- ما هى خاصيه او نوعية الشخص الذى يراد التعامل معه.
- كيف اتعامل مع هذه الشخصيه التى لا يهمنى فيها الا الوصول الى مصلحة قضيتى؟ اما هذه الشخصيه لو ذهبت الى الجحيم فلتذهب اما مشكلتى الاساسيه فتكون فى هذه الحاله فقط لاغير هى بداية دراسة الشخصيه الجديده التى سوف تحل محلها.
اننى قد تعجبت كثيراً عندما رأيت ردود الفعل المصطنعه و المتشنجه لكل من ورد اسمه فى الذى نُشِرته (Wikileaks) و كانه قديس او ملاك برئ قد وقع تحت صعقة الاهانه المريره التى فى نظره لا تمت للواقع بصله! ان كل من كُتِب عنه تقيم يعلم جيداً انه يتماشى مع الحقيقه و لكن المشكله الكبرى هى ان هناك من لفظ و ذكر هذا الواقع المرير بصراحه و الكل قد قرأ عنه و عرفه. لاشك ان ما اعمله هو ملكى انا فقط و ليس من حق اى انسان تشويه سمعتى حتى وان كان ما قاله يتماشى مع الحقيقه. و السؤال هنا:
من هو المذنب؟
- هل هو الذى عمل هذا التقرير و حاول الاحتفاظ به سراً لاستعماله الشخصى فقط؟
- هل هو الذى نشر و افشى هذا السر؟
ان رأى اى انسان كان سياسياً او من نوع آخر فى شخص آخراً لابد ان يكون مقتصراً على من قال هذا الرأى فقط و ليس من حقه ان يؤثر على اراء الاخرين. و لكن من الغريب ان كل سياسى عندما قرأ ما كُتِب عنه عمل و كأن مثل هذا الفعل غريب عنه و انه لم يسمع عن شئ مثل هذا من قبل او هو شخصياً مستحيل ان يكون قد فعل مثل هذا الفعل من قبل! ان المبدأ السارى فى العالم اجمع الآن هو "افعل ما تشاء و لكن لاتعطى الفرصه لأحد ان يعرف اسرارك و كيفية تفكيرك"
السؤال الآن هو:
- هل كان من حق (Wikileaks ) عرض تقارير سريه لأى بلد؟
فلاترك كلٌ يحكم لنفسه و يحكم ايضاً ان حدث نفس الشئ له و فضح احداً احد اسراره، هل كان سوف يُسر بذلك؟
و هناك من ادهشنى حقاً، بقدرة قادر قامت البلد الحره الديمقراطيه و التى تعطى جائزه نوبل و هى السويد بعد ان اكتشفت هذا الاكتشاف الرهيب بقرار دولى بالقبض على (Julian Assange ) و الجريمه؟ اغتصاب لأمرأتين! و السؤال هو:
- هل هذا الادعاء حقيقى ام هو محاولة البحث عن طريقه للانتقام من هذا الرجل عن طريق القانون حتى و ان كان برئ؟
من المعروف ان تلفيق التهم هو من خصوصيات الدول الشرقيه التى يقال عنها المتخلفه فقط، ولكن ما لا يعلمه الكثيرون ان ايضاً الذين يسموا انفسهم بالدول الديمقراطيه و حماة حقوق الانسان يطبقون نفس اسلوب تلفيق التهم و يُستغل القانون ايضاً لديهم للانتقام من معارضيهم. اذا تعبهم شخصاً ما يضعوه تحت اكبر منظار مكبر لكى يجدوا عليه اى حجه للكيل منه، و ان لم يجدوا يلفقوا له مصيبه و هذا شئ موجود و قائم. ان القضاء الذى يقال عليه انه نزيه فى الشرق او الغرب مكون من حماة لهذا القضاء و هم القضاه، هؤلاء القضاه ليسوا ملائكه او قديسين و لكنهم ايضاً بشراً لهم الحق فى ان يؤثر فيهم و عليهم انتمائهم الوطنى، العاطفى او الشخصى. هل هناك من يعتقد ان هناك قاضياً واحداً على وجه الارض له القدره فى التحكم فى عدالة قراره دائماً؟ ان اعتقد احداً بهذا فيكون فقط انسان لا يعيش فى الواقع!
و لكن ان اردنا الحق، فأن (Wikileaks ) قد نجحت فى تحريك العالم كله و ازدياده كرهاً للولايات المتحده الامريكيه و نجح (Julian Assange ) ان يأخذ مكانة اسامه بن لادن كاكثر انسان مطلوب ميتاً افضل من حياً. سيادتك سيدى القارئ و القارئه، هل لم يحدث فى حياتك و لو مره واحده ان قلت على انسان من وراء ظهره و لو شئ واحد غير ما تعامله؟ لكى يجيب اى انسان على هذا السؤال فليحاول اولاً ان يكون صريحاً مع نفسه و ليس افاقاً. هل كنت سوف تكون سعيداً اذا افشى سرك شخصاً آخراً؟ المشكله هنا ان الولايات المتحده وقعت تحت بطش خونه من صفها توصلوا الو مستندات كانت لابد ان تكون بعيده عن امثالهم و اعطوها لآخرين و هم يعلموا ان هذه سوف تكون خيانه غالية الثمن و لن ترضى احداً حتى الذى يدعى الاهانه فيها. الخيانه هى الخيانه و ليس هناك ما يعطى الخيانه حق التجميل او حق التعليل! من الحقاره ان يستأمن احداً على شئ يخونه يوماً ما مهما كانت الاسباب.