الأقباط متحدون - أحرقوا الفتنة فى المنيا
أخر تحديث ٠٠:٥٢ | الخميس ٢١ يوليو ٢٠١٦ | ١٤ أبيب ١٧٣٢ش | العدد ٣٩٩٦ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

أحرقوا الفتنة فى المنيا

محمد الدسوقى رشدى
محمد الدسوقى رشدى

لن أكذب عليكم وأقول إن ما حدث ويحدث فى المنيا نتيجة لتطرف سلفى أو دينى أو جهل شعبى بخطر الفتنة الطائفية على الوطن، هذا ليس وقت أكاذيب أو عمليات تجميل، الوقت الآن وقت فتح الجروح ومعالجتها أو تركها تنزف حتى الموت.

ربما المشاهد الرائعة التى عشناها على مدار تاريخنا وتجلت فى أوقات الشدة سواء ٢٥ يناير أو ٣٠ يونيو أو حروب الدولة المصرية من قبل ذلك، وشاهدنا الهلال يحتضن الصليب، والمسلم يصلى بجوار المسيحى والعكس والمسيحى يحاكى وقت صلاته فى المسيحى والعكس.

ربما كان كل هذا سبباً فى التعامل مع أزمات الفتنة الحادثة بروح الحوادث الفردية وهى ليست كذلك، هى خلية سرطانية فى جسد هذه الأمة يغذيها التطرف والجهل والخطاب الدينى الأعرج فكرياً، وقبل ذلك غياب القانون ووجود مسئولين على شاكلة من يديرون الأمر فى محافظة المنيا، محافظ يطوف الشوارع احتفاظاً ببيضة عليها لفظ الجلالة لا تنتظر منه سوى مثل هذا الأداء الذى يعلى من الجلسات العرفية ويهزأ بالقانون وبالتالى يؤجج نار الفتنة ويشجع المتطرفين على الانتقام من المسيحيين فى المنيا كما هو حادث.

ما حدث فى المنيا بقايا شاردة من عصر الجهل والتخلف والتعصب، لن تختفى بسهولة، ولن تزول بين ليلة وضحاها، فالذين يهدمون ويحرقون منازل الأقباط بسبب شائعات نسائية أو شائعات عن بناء كنيسة يستحقون أن تهدم منازلهم فوق رؤوسهم التى امتلأت بتعاليم الجهل ووعظ التطرف طوال الأعوام الماضية، لا بد أن ندرك ذلك حتى ترتاح ضمائرنا وتهدأ عقولنا، ولا بد أن يتقدم العقلاء من أبناء هذا الوطن فى طريق التهدئة ونشر الوعى وإعادة ترتيب الأولويات التى تأخذ بيد هذا الوطن من تلك المحنة، لا بد أن يعلم طلاب الجامعات وأصحاب المطالب الفئوية الأخرى والأقباط والسلفيون وكل صاحب غرض فئوى أو شخصى أن مصلحة مصر أهم.

لا تأخذكم بهؤلاء الذين أشعلوا الفتنة فى المنيا أى رحمة، فلا شىء قد يصلح للخلاص من بعبع الفتنة الطائفية الذى يطل علينا «كل شوية» ويزرع فى قلوبنا خوفاً ورعباً سوى الحرق بجاز، ويفضل أن يكون «وسخ» أو غير نظيف إن كانت تلك الكلمة العامية لا تعجبك، نجمع كل الذين يثبت مشاركتهم فى إشعال الفتنة من الطرفين المسلم والمسيحى سواء بالتحريض أو العنف ونضعهم فى حفرة كبيرة ونولع فيهم لعل تلك النار تطهر قلوبهم مما علق بها من شوائب التعصب والتخلف.

تلك استعارة يا سيدى تعبر لك عن رغبة حارة فى تطبيق القانون بشدة لا اللجوء إلى جلسات الصلح، والتهدئة، أعلم جيداً أن فكرة الحرق هذه قاسية وبشعة وغير إنسانية بالمرة، ولكنهم يستحقونها، هؤلاء الذين يحرقون الوطن بتعصبهم وتطرفهم يستحقون الحرق، هؤلاء الذين تهون عليهم العشرة والتاريخ المشترك يستحقون الحرق بجاز أسود من السواد الذى يعشش فى أرواحهم، هؤلاء الذين يسفكون الدماء وينشرون الخوف والرعب ويشوهون الملامح الجميلة لهذا البلد العظيم، من أجل سور هنا أو قطعة أرض هناك أو فتاة «مومس» هنا أو فتاة مش مظبوطة هناك، لا يستحقون سوى الحرق بالجاز أو البنزين إن لم يكن خسارة فيهم سعره. هل يمكن أن أكون رؤوفاً أو إنسانياً مع هؤلاء الذين طحنوا بعضهم وأسالوا دماء بعضهم فى المنيا ومن قبلها أسيوط ومن قبل قبلها أطفيح والمقطم؟ هل يمكن أكون رحيماً وأنا أتكلم عن ناس فضلت الحجارة والأسمنت على دماء البشر؟ هل يمكن أن أكون هيّن الكلمات، وأنا أكتب عن وحوش يسهل عليها حصد الأرواح والتخريب والتدمير بسبب «فتاة أو سور كنيسة»؟

هل يمكن أن أكون منطقياً إذا طالبت بشىء غير الحرق لهؤلاء الذين يستغلون الدين لإشباع شهواتهم المتطرفة وأنا أثق تماماً فى أنهم لا يزورون الكنيسة ولا يسجدون فى الجامع؟ ليس هذا موضع الرحمة إن شئنا الخير لهذا البلد، العبرة هنا ستكون الحل الذى يخمد الفتنة للأبد، عقاب سريع وحاسم وحازم وصارم لكل من يشارك فى إيقاظ الفتنة، عقاب واحد يفرض من فرط قسوته على الجميع التفكير ألف مرة، قبل أن يفكر أحدهم فى أن يرفع يده على أخيه فى الوطن بسبب سور كنيسة أو غيره، عقاب قوى لا يلين أمام حسابات التهدئة وتدخلات السياسة.. هذا هو الحل السريع لوأد تلك الفتنة، صحيح أن العقل يقول إن الفتنة لن تموت إلا إذا ساد مصر خطاب دينى جديد مستنير ومحترم، ولكن لن يسود مثل هذا الخطاب ولن يجد فرصة للانتشار إلا إذا سبقه عقاب صادم يلفت الأنظار لخطورة الجريمة ووحشيتها. اعترفوا بالأزمة يا سادة.. اعترفوا بالخطر الذى يحيط بمصر حتى تقتنعوا بضرورة قسوة العقاب، لا تفعلوا مثل الدولة أو المؤسسة الدينية الإسلامية أو المؤسسة الدينية المسيحية وتنفون وجود الأزمة بقبلات مصورة وأحضان غير صادقة، اعترفوا بأن هناك أزمة ترقد تحت رمادها فتنة طائفية غاضبة وكارهة تنتظر شرارة الاندلاع، أزمة تسجلها ميكروفونات المساجد التى تعلو أصوات الخاطبين فيها بالدعاء على النصارى وتكفير غير المسلمين، مع أن الداعى يعلم يقيناً أنا بالشقة التى تعلو المسجد هناك أسرة مسيحية تسكن، أزمة تسجلها تلك العظات التى تتضمن المزيد من الغمز واللمز فى حق المسلمين، كما تتضمن نفس عبارات التكفير لهم... اعترفوا بالأزمة وعاقبوا مشعلى الفتنة بقسوة ولا تأخذكم بهم رحمة أو شفقة وإلا فسوف يأتى يوم أقرب مما تتخيلون لتأكلنا جميعاً نار فتنة موقدة.
نقلا عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع