الأقباط متحدون - «الأسمرات»: الناس اللى معاها فلوس فرحانة.. لكنهم «قلقانين»
أخر تحديث ٠٥:٢١ | الخميس ٢١ يوليو ٢٠١٦ | ١٤ أبيب ١٧٣٢ش | العدد ٣٩٩٦ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

«الأسمرات»: الناس اللى معاها فلوس فرحانة.. لكنهم «قلقانين»

ارشيفية
ارشيفية

 فرحة عارمة بعد افتتاح رئيس الجمهورية المرحلتين الأولى والثانية من مشروع تسكين أهالى العشوائيات بحى الأسمرات بالمقطم.. فرحة لم تقتصر على سكان المناطق العشوائية فحسب، بل امتدت لتصل إلى المناطق السكنية المجاورة لها، التى لا علاقة لها بالعشوائية من قريب أو بعيد سوى القرب الجغرافى، فرحة للمكان الذى سيتغير شكله للأفضل بعدما تقوم الدولة بتطويره ليتماشى مع الأحياء الراقية من حوله، وفرحة لخلوّ المكان من البلطجية الذين اندسوا وسط الأهالى المغلوبين على أمرهم وسكنوا العشش تحت ظروف صعبة.

 
  سكان أحياء ما حول الدويقة: «فرحانين بنقل الناس دى لأنهم استحملوا كتير».. وأهل المقطم: «خايفين يندس وسطهم بلطجية»
وقلق آخر ينتاب سكان المقطم الذين سيستقبلون إلى جوارهم السكان الجدد بحى الأسمرات.. قلق من أناس صورتهم النمطية لدى الناس كبلطجية وتجار مخدرات على شاكلة المناطق العشوائية، التى صورتها الأفلام مرتعاً لكل إجرام، وعنواناً لكل بلطجة.
 
البنايات مختلفة تطاول السحاب، والشوارع ممهدة، والحياة آدمية تليق بأى مواطن، على النقيض من المنطقة المقابلة. «والله فرحنا لما عرفنا بنقلهم، يمكن الدولة تقدر تطور المكان وتخلى منظره أحسن من كده وتستفيد بيه، بدل ما كان عبارة عن عشش».. يقولها أحمد يوسف، محاسب يقطن بعمارات المهندسين التى تقع إلى الناحية المقابلة لمنطقة الدويقة، لا يفصل بينهما سوى طريق الأوتوستراد، مشيراً إلى أن المكان سيصبح أفضل بعد أن تخلو المنطقة من العشوائية التى بها.
 
وقال: «المنطقة كلها عشوائية ولا تتماشى مع الأماكن حولها ومنظرها صعب، ولى أصدقاء ممكن يرفضوا ييجولى زيارة باعتبارى قريب من الدويقة، وبصراحة بعد ما يمشوا حاجات كتير هتتغير، على الأقل فى سمعة المكان». وتتفق معه فى هذا الرأى هبة محمود، إحدى الساكنات بالمقاولين العرب بالقرب من الدويقة، التى أكدت عدم اقترابها من المنطقة العشوائية رغم سكنها جنبها منذ 20 عاماً: «مبسوطة جداً بنقل الناس دى، لأن حياتهم كانت صعبة ومعاناتهم كانت شديدة، وماكنتش بشوفهم غير فى التليفزيون والأخبار لأنى بخاف أدخل المنطقة بتاعتهم». 
 
«سماسرة»: «بنطلّع إشاعات وأسعار الشقق هنا هتزيد.. ولو فيه حد خايف كان باع سكنه ومشى»
السيدة الخمسينية فرحت بحى الأسمرات المقرر نقل العشوائيات إليه: «كان فيه ناس بيستغلوا زحمة الدويقة وإنها عشوائية واستغلوا المكان فى تجارة المواد الممنوعة، وكتير منهم كانوا بييجو بالليل المنطقة بتاعتنا يمارسوا بلطجتهم هنا، لكن بعد نقلهم أظن الحكومة هتنضّف المكان من البؤر الإجرامية اللى ممكن ماترضاش تتنقل»، وتضيف ساخرة: «الشقق اللى هياخدوها شكلها نضيف وتفتح النفس والله، ياريتنى كنت معاهم».
 
الدويقة ضمت عدداً من البلطجية استغلوا عشوائيتها فى ممارسة أعمال السرقة والاتجار بالمخدرات، الأمر الذى كان يزعج سكان الأماكن القريبة منها.. «كانوا أحياناً يبقوا مسطولين وشاربين وييجو هنا يتخانقوا مع أى حد، وساعات كانوا ييجو يبيعوا مخدرات هنا عشان زباينهم ممكن يكونوا ناس نضيفة شوية ومايرضوش يخشولهم الدويقة فيقابلوهم فى منطقتنا».. هكذا عبّر أحمد علاء، طالب الهندسة، مشيراً إلى أن نقل العشوائيات سيعطى الدولة ميزة تفرقة الساكن المغلوب على أمره الذى لم يجد سوى تلك الأماكن للعيش، عن هؤلاء الذين استغلوا المكان فى تجارة الممنوعات، ويضيف: «فرحانين للغلابة اللى هيتنقلوا وفرحانين عشان المكان هينضف من كافة أشكال العنف والبلطجة والسرقة بالإكراه اللى كانت بتتم هنا بسبب بعضهم». وفى أحد المتاجر يجلس محمد عبدالحميد، الذى قضى 12 عاماً فى منطقة «العشر عماير» المقابلة لمنشية ناصر، ويتابع أخبار الحى الجديد الذى يفترض أن ينتقل سكان منشية ناصر إليه، قائلاً: «بصراحة أنا فرحان وفى نفس الوقت خايف، فرحان عشان المكان هيبقى أحسن وهيتطور وعشان الناس دى أخيراً هتعيش فى أماكن تليق بآدميتها، وفى نفس الوقت خايف البلطجية اللى كانوا بيستغلوا حاجة الناس دى واتحشروا فى وسطهم يفضلوا قاعدين، ساعتها هتبقى منطقة خراب خالص». وأشار محمد إلى أن الدولة يجب أن تقوم بفحص كافة الأفراد المنتقلين من منشية ناصر إلى الأحياء الجديدة وعدم السماح لأحد بأن يظل فى المكان بعد خروج الناس منه: «ساعة ثورة يناير كنا خايفين جداً على بضاعتنا وحياتنا، ومع كل قلق بيحصل فى البلد بنكون مرعوبين، لكن دلوقتى بأتمنى الدنيا تبقى أمان لينا وليهم».
 
وعلى أحد الكراسى جلس سيد أحمد أمام محله المتخصص فى بيع السلع الإلكترونية، ممسكاً إحدى الجرائد، يقرأ باهتمام ما نُشر حول المناطق الجديدة التى ستستقبل سكان العشوائيات: «أنا ضد الأماكن العشوائية بشكل مطلق، لأنها بتخلق مشاكل وبتكون مصدر جاذب للعناصر الخارجة على القانون، وبالتالى أنا مبسوط بنقلهم الحقيقة، وبأتمنى من الرئيس السيسى إنه يستمر فى أدائه المعنى بالعشوائيات، لأنه بقضائنا عليها فاحنا بنقضى على الجريمة فى ذات الوقت، وهنطور الأماكن دى للأحسن». الأمر يختلف بعض الشىء فى مكان آخر، فعلى الناحية الأخرى، تحديداً فى المناطق المجاورة لحى الأسمرات بالمقطم، رهبة تنتاب المواطنين وترقُّب لما ستسفر الأحداث عنه، فالمنطقة التى عُرف سكانها بأنهم فى مناطق راقية يصل سعر المنزل فيها إلى المليونى جنيه أحياناً، فى انتظار السكان الجدد الذين جاءوا من أكثر المناطق عشوائية.. أحمد مرزوق، أحد سكان المقطم، عبّر عن قلقه بقوله: «خايف بصراحة لما الناس دى تنقل هنا يبقى فيه معاهم بلطجية وبتوع مخدرات وإحنا منطقة نضيفة فيأثروا علينا بالسلب»، مشيراً إلى أنه أصبح يخشى على نفسه وعلى أولاده مع اقتراب موعد قدومهم: «خايف ينتشروا فى المناطق المجاورة للحى بتاعهم وينزلوا عندنا ويمارسوا بلطجتهم هنا، وعلى قد ما هكون مبسوط إن حالتهم وأوضاعهم اتغيرت على قد ما أنا خايف، وإحنا عايشين فى حى راقى ومانرضاش إن حد يبوظ سمعة المكان بتاعنا».
 
وداخل مكتب عقارات يجلس محمد الكومى، سمسار قديم بالمنطقة، يستمع إلى حديث الناس حول تخوفهم من الزائرين الجدد، ويرد على ادعائاتهم: «إحنا بنحب نطلّع إشاعات ونخوّف بعض بالوهم، لكن الحقيقة بتبقى عكس كده»، ويوضح الرجل الخمسينى للناس أن قلقهم لا مبرر له قائلاً: «الناس دى جاية فى مكان راقى جداً، وأكيد المكان هيغير من طريقتهم وأسلوبهم، وأكيد واحد كان عايش فى عشة واتنقل لمكان يليق بآدميته إنه يتغير ويبقى مواطن محترم، وأكيد فيهم الحلو وفيهم الوحش». وأكد أن أسعار الشقق لن تتأثر فى المنطقة، بل ربما تزيد مع مرور الوقت: «فيه شقق بمنطقة الجامعة الحديثة خلف منطقة الأسمرات، الشقة هناك بتوصل لـ400 ألف جنيه، وفيه شقق بـ600 ألف كمان وهتزيد فى الوقت اللى جاى مش هترخص»، ثم يضيف ساخراً: «هوه فيه شقق أسعارها بتقل؟، ده كلام فاضى»، الرجل الذى يعمل سمساراً بالمنطقة فوق الـ6 سنوات يشير إلى تفاوت الأسعار حسب المساحة ورقى المكان وأنها لن تتأثر بالسلب بعد قدوم سكان العشوائيات.
 
الأمر ذاته يؤكده محمد رشدان، سمسار آخر بالمنطقة: «أى مكان فيه الحلو وفيه الوحش، والناس دى خلاص بقت أمر واقع هنا وفيه ناس قلقانة وناس مش فارق معاها، وفى كل الأحوال المنطقة اللى حواليها مش هترخص بالعكس بقى ده ممكن تزيد، عشان ممكن يتعمل حواليها مشروعات تجارية تستهدف الناس اللى لسه جاية دى»، مشيراً إلى أن السكان رغم قلقهم فإن أحداً منهم لم يقدم على بيع منزله: «كله كلام، لو فيه حد خايف فعلاً كان باع شقته ومشى من هنا لكن ده محصلش ومش هيحصل».

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter