الأقباط متحدون | قلوب ملتهبة بالمحبة
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٨:٣٦ | الجمعة ٣ ديسمبر ٢٠١٠ | ٢٤ هاتور ١٧٢٧ ش | العدد ٢٢٢٥ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

قلوب ملتهبة بالمحبة

الجمعة ٣ ديسمبر ٢٠١٠ - ٣٤: ٠٤ م +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم : القمص . أفرايم الأورشليمي

عندما ظهر الرب يسوع لتلميذي عمواس، سار معهما من أورشليم إلى عمواس، و في الطريق كان يتحدث معهما عن الأحداث الخلاصية التي تمت في أورشليم لكن أمسكت أعينهما عن معرفته، وعندما وصلوا إلى قرية عمواس في المساء، وأراد ان يتركهما، فالزماه للمبيت معهم. ولما اتكأ معهما أخذ خبزًا وبارك وكسر وناولهما، فانفتحت أعينهما وعرفاه. فاختفى عنهما فقالا لبعضهما: "ألم يكن قلبنا ملتهبا فينا إذ كان يكلمنا في الطريق"؟ (لو24: 13 -32).
هكذا نجد الله يسير معنا في دروب الحياة ويرافقنا رحلاتنا اليومية، فهو عنا ليس ببعيد، ولكن كثيرًا مالا نكتشفه حاضرًا معنا، لا من خلال لاهوته أو عمل روحه القدوس، أو حتى من خلال الأشخاص والأحداث التي نواجهها، أو في داخل قلوبنا أو في خلوتنا.
إن انغلاق بصيرتنا الداخلية، وتمركزنا حول ذواتنا أو اهتمامنا بمتع الحياة، أو حتى همومها وأحزانها، أو متطلباتها، لا تمنحنا الفرصة الكافية للتلاقي مع الله. وفى أحيانٍ كثيرة نجد أن هموم الحياة واهتماماتها المادية تربك أو تقسّي القلب، وتجعلنا نركِّز على الضيقة الحاضرة.
إن عالم اليوم يحتاج إلى قلوب ملتهبة بالمحبة نحو الله والناس، لتنفتح لها كنوز السماء، وتقدم المحبة للآخرين، من أي جنس وعرق أو دين أو عقيدة أو رأي، حتى ما تنطفئ روح الكراهية والتعصب والانغلاق والحروب، التي نرى أوزارها تشتعل في كل مكان.
يسوع هو الحق والطريق والحياة.. يسوع المسيح هو الطريق والحق والحياة، وقد جاء ليرافقنا الطريق، ويعلمنا أن نسلك في الحياة بالحق، ونعرف الحق والحق يحررنا. لقد دُعي المسيحيون أولاً أتباع الطريق، فالله هو الذي يقودنا في الطريق، وهو الذي قاد الشعب قديمًا في رحلته في سيناء "كان الرب يسير أمامهم نهارًا في عمود سحاب ليهديهم في الطريق، وليلاً في عمود نار ليضئ لهم لكي يمشوا نهارًا وليلاً" (خر13: 21). كما علم الشعب قديمًا والشرائع وعرَّفهم الطريق التي يسلكونها والعمل الذي يعملونه. وهو أمين وهو أمس واليوم وإلى الأبد معنا "لأن الرب صالح ومستقيم لذلك يعلم الخطاة الطريق" (مر2 : 8).
إننا في رحلة حياتنا نحتاج إلى الصديق المخلص الذي يفسر لنا كل ما جاء عنه في الكتب، وما يختص به وما يجب أن نعرف عن الله والأبدية، بل ونحتاج ان نعرف من خلاله أنفسنا ونقبلها، لأننا في أشياء كثيرة نُعثر جميعنا.

وفي رحلتنا لابد أن ننطلق بثقة لله نحو تحقيق رسالتنا، وخدمة مجتمعنا وتحقيق ذواتنا. ولكل هذا نحن نحتاج للصحبة الإلهية التي ترافقنا. قد تُمسك أعيننا عن معرفته فترة لا لأنه لا يريد أن نعرفه، بل لأنه يريد منا الرغبة الصادقة في البحث عنه وقبوله في حياتنا، فهو لا يقُحم نفسه عنوة بل هو وديع ومتواضع، ويريدنا أن نتبعه، وللعديد من المرات يريد أن يجمعنا حوله، وتحت جناحيه، كما تجمع الدجاجة أبناءها تحت جناحيها.
إننا إذا ما ألزمناه للبقاء معنا لقيادتنا ورعايتنا وحتى لإطعامنا، فهو لا يتوانى عن تعريفنا به وعنايته بنا، فهو يطرق باب قلوبنا لنفتح له ويريد أن يعلن لنا ذاته، سواء بالأحداث التي تمر علينا يوميًا، أو بالكتاب المقدس الذي يهدينا إليه، أو حتى بالأخطار والأمراض التي تلمُ بنا ونستقبلها غالبًا بضيق وتبرّم وعبوس. ولا ندخل في أعماقنا لنكتشف الحكمة فيها والبركة منها، ولو عرفنا ذلك يلتهب قلبنا حبًّا لله في كل ظروف الحياة، أفراحها وأحزانها. عندما نلتقي بالله في الطريق وفى رحلة الحياة معه، نفرح ونُسرّ بالدخول من الباب الضيق، وفي الطريق الكرب ونلتهب حبًا رغم صعوبة الطريق ما دامت يد الله تقودنا، وعلى كتفيه يحملنا ممهدًا الهضاب فإن الصليب تعقبه القيامة، والطريق الكرب والباب الضيّق يؤدي إلى الملكوت السماوي.

 لماذا نفرح؟
إننا نفرح بالخلاص الذي أعلنته لنا السماء "ها أنا أبشّركم بفرح عظيم، إنه ولد لكم اليوم مخلص هو المسيح الرب" (لو2: 10 -11) هذا الميلاد الذي فيه تغنّت الملائكة قائلة: "المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرّة". إن المسيح جاء إلى عالمنا ليدخل إليه الفرح والمصالحة مع السماء، وسيبقى مصدرًا للفرح والسلام لكل من يسير في رفقته، ليجد في كل يوم فرصة للفرح ويقول مع المرتل: "هذا هو اليوم الذي صنعه الرب فلنفرح ولنبتهج به" (مز 118) فاجعل يا عزيزي كل يوم فرصة للفرح، وقدّم كلمة طيبة لكل من يقابلك، كن بسمة للمحزون ورفقة طيّبة لأصدقائك ومعارفك، خدمة صالحة وصلاة صادقة من أجل الجميع. حتى لو صادفتك ضيقة فافرح بها عالمًا أنها ستنتهي لخيرك وصلاحك، وإن منحك يومك ليمونة مُرّة فأنت قادر بالله وبحكمتك أن تصنع منها شرابًا طيب المذاق.
إن الفرح أحد ثمار الروح القدس في المؤمن، والروح القدس هو الذي يلهب الإنسان بنار المحبة. تلك النار المقدسة التي أراد الله أن يشعلها لتحرق وتنقّي وتطهّر من الخطية، وتقدس وتعطي حرارة في الصلاة والخدمة. إن المسيح المقدم جسده ودمه الأقدسين يعمل في الأسرار لكي ما يختفي فينا، ويعمل بنا ويكون هو العامل في تنمية شخصياتنا ووزناتنا ومواهبنا، من أجل أن نحمل بُشرى الخلاص، ونكون شهودًا أمناء للرفقة الإلهية. لكي لا نحيا نحن بل يحيا المسيح فينا. قلوب ملتهبة بالروح... اطلب الروح القدس وثماره ومواهبه لك وللكنيسة ولكل العالم. مقدمًا تواضعًا ووداعةً وجهادًا، لتؤهل لشركة الروح القدس الناري، و ليمنحك حكمة ونعمة وبركة، ويكون حولك سور من نار، وعمود نار في وسطك، ويحل بالإيمان في قلبك، ويُفجِّر داخلك أنهار ماء حيّ مشبعة.
القلب الملتهب بالحب يشعر بآلام الآخرين، ويريحهم ويرثي للساقطين ويقيمهم، ويعمل على تخفيف الألم البشري على قدر طاقتهم، دون تحيز أو تمييز، وبحكمة ودون عثرة.
صل لكي ما يحل عليك الروح القدس الناري، الذي حلّ قديمًا في عليّة صهيون على التلاميذ، لتكرز بفضل من دعاك من عالم الظلمة إلى نوره العجيب، هذا الروح القدس نصلّي إليه فهو روح الله الذي ينير ظلام القلوب، ويخلق ويجدد وجه الأرض ويهدى الضالّين، ويرد الخطاة ويقود العالم قادة وحكّامًا وشعوبًا، من أجل قيادة العالم نحو السلام العادل والحوار والقبول والتعاون، من أجل بناء مستقبل أفضل. نصلّي للروح القدس لكي ما يقود الناس شعوبًا وأفرادًا نحو احترام الواحد لأخيه من أي جنس وعرق ودين. ويقع العبء الأكبر على قادة الفكر والسياسة والدين، كل واحد في موقعه لقيادة المجتمعات نحو الأفضل. صلِّ ليكون لنا الوعي والالتزام المنفتح بالحب والاحترام من أجل البناء لا الهدم، والتوفيق لا التفريق، فنحن صورة الله الحلوة، ولكل منا حقه في الحياة الحرّة الكريمة، وعندما نقدم المحبة والتعاون والتقدير لابد أننا نجده، فما يزرعه الإنسان إياه يحصد.
إننا نصلّي من أجل أن يرشدنا الله وهو ضابط الكل، والكون وقادر أن يقودنا وُيوجّه دفّة مستقبلنا أممًا وشعوبًا وأفرادًا إلى الطريق الذي يريد ويسرّه لتحقيق بناء الملكوت السماوي على الأرض وفي السماء.

عالم يحتاج للحب
من اجل قلوب ملتهبة بالمحبة الإلهية، من اجل أرواح طاهرة ونقية، من اجل عقول تعمل لخير البشرية، من اجل خلاص الرعاة وكل الرعية، من اجل عالم أفضل يحيا المحبة الحقيقية. نصلي ونقرع ونسأل ربّ البرية، واثقين في رحمته السرمدية وعنايته وحكمته الأزلية. فاستجب لنا وامنحنا قلوباً نارية. عالمنا محتاج للحب الطاهر، وللبعد عن الشكلية والمظاهر، فالخطية صار لها سلطان قاهر، والأمراض انتشرت وبشكل ظاهر، فإلى من نلجأ يا رب إلا إليك يا خالق البشرية، نحتاج لقيادتك الإلهية كربّان ماهر. الرأفة بعالمك فأنت وحدك قادر. امنحنا قلوبًا تحبك وتحب الغير وتعمل من أجل إدخال البسمة وعمل الخير. هبنا قلوبًا نارية. تسعى لخلاص وإسعاد البشرية. نضرع إليك فاستجب للصلاة. امنحنا المحبة والإيمان والرجاء، لنكون ُصنّاع حياة وطريق نجاة، وبسمه للقلوب وعلى الشفاه. نصلّي ونبتهل فاستجب للصلاة.
 




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :