الأقباط متحدون - تعريض تركى
أخر تحديث ١٤:٤٢ | الثلاثاء ١٩ يوليو ٢٠١٦ | ١٢ أبيب ١٧٣٢ش | العدد ٣٩٩٤ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

تعريض تركى

حمدي رزق
حمدي رزق

من أجل 15 قاضياً ربعاوياً تمت محاكمتهم لعامين، وصدر بحقهم قرار عزل من مجلس التأديب بالمجلس الأعلى للقضاء، هاجت جحافل الإخوان والتابعين، وسال مداد الحبر ليغرق الصحف الزرقاء والحمراء، وتخصص كُتَّاب إخوان ومتأخونون فى نقض الأحكام وتسييسها تسييساً، وتنحنح المتنحنحون بوصفها بـ«المذبحة القضائية» تعريضاً بنظام 30 يونيو!

وتجبَّر خليفتهم التركى «قردوجان»، وعزل 2745 قاضياً، على رأسهم «ألب أرسلان ألطان» عضو المحكمة الدستورية، أعلى محكمة فى البلاد، وهو أكبر شخصية قضائية تركية، وتوقيف 11 من أصل 140 من أعضاء المحكمة القضائية العليا صدر بحقهم قرار توقيف، وأربعة من أصل خمسة من أعضاء المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين.. والبقية تأتى.

وكأن على رؤوسهم الطير، وران عليهم صمت الخشوع فى حضرة السلطان، لم نسمع إدانات، ولم نقرأ تغريدات البوم، ولا تتويتات ولا تدوينات ولا فسفسات المفسفسين على الفيس، سكتم بكتم، انكتموا، ولم تحرر أعمدة تتحدث عن جبروت وتجبر وفاشية، لم يتطوع أحدهم بوصف المذبحة التركية، «قردوجان» على قلبهم زى العسل، وبعضهم يلعق العسل من تحت النعال.

من كان يتباكى على قضاة «بيان رابعة»، من كان ينوح (من النواح) على جماعة «قضاة من أجل الجماعة»، ومن كان يتمزق ألماً على مصير قضاة المقطم، جفت إذ فجأة دموعهم، وخرست ألسنتهم، وعميت أبصارهم، وتعطلت أقلامهم عن السؤال، واختلت موازينهم، هو استقلال القضاء فى مصر فقط؟!

هل كانت نفرتكم خالصة حقاً لوجه القضاء واستقلاله، أم من قبيل المكايدة السياسية، والمماحكة الإخوانية؟ هل كانت حمقتكم لوجه العدالة أم لوجه الجماعة؟ هل تؤمنون حقاً باستقلال القضاء، أم باستقلال القضاء عن الوطن ملتحقاً بالجماعة؟

لماذا الصمت على «مذبحة قردوجان»، بالعدد هذه أكبر مذبحة قضائية فى التاريخ المعاصر؟

من يسوغ لـ«قردوجان» العصف بالقضاء على صدى المحاولة الانقلابية العابثة عليه أن يلحس بصقته فى حق القضاء المصرى أولاً، وأن يقطع لسانه عن السيسى، قطع لسانكم، ومن يرى فى المذبحة التركية تطهيراً لقضاء، بالقياس تطهير بتطهير، فليكمل المجلس الأعلى للقضاء فى مصر تطهير ثيابه من النجاسة الإخوانية، وبلاها تحقيقات ومحاكمات قضائية، طالما «قردوجان» بجرة قلم، وبكشوف معدة مسبقاً فعلها واستسغتموها منه!

عجباً انقلاب عسكرى ينتهى بإحالة 2745 قاضياً إلى التقاعد، لم نر قضاة أتراكاً يتوشحون ويخرجون إلى الشوارع داعمين للانقلاب، ولم يصدر عن القضاة بيان حقير يساند الخائن الجاسوس، ولم يصدر عن المحكمة الدستورية العليا فى تركيا ما يُشتم منه تأييدٌ للانقلاب، إذن الكشوف معدة، والقضاة مرصودون، وتطهير القضاة العلمانيين خطة ممنهجة، تفكرك بخطة مهدى عاكف لعزل ثلاثة آلاف قاض، نفس السيناريو بالضبط.

وبافتراض، وبالقياس على ما يزعمون، أنه جرى إحالة المناهضين لـ«قردوجان» إلى التقاعد، بافتراض أن القائمة التى أُجبرت على التقاعد متهمة بالضلوع فى الانقلاب، ألا ينبغى محاكمتهم أولاً، وهل هذا يعنى أن البقية الباقية من قضاة تركيا من إخوان «قردوجان» قضاة السلطان؟

خرستم ليه يا غجر؟ أين مقالات رجال «قردوجان» فى القاهرة؟ أين المنظمات العدلية والحقوقية؟ أين نقابات الحريات؟ أين صوت وأقلام أساتذة الحقوق؟ أين منظمة العفو الدولية، وهيومن رايتس ووتش؟ صمتكم تعريض بالضاد، والتعريض ثانى أقدم مهنة على وجه الأرض.. فعلاً تعريض تركى!
نقلا عن المصري اليوم


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع