الأقباط متحدون - فى المسألة القبطية (1)
أخر تحديث ٢٢:٣٩ | الاثنين ١٨ يوليو ٢٠١٦ | ١١ أبيب ١٧٣٢ش | العدد ٣٩٩٣ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

فى المسألة القبطية (1)

كمال زاخر
كمال زاخر

هذا العنوان ينتسب لأدبيات منتصف القرن التاسع عشر، تأثراً بمصطلحات علم المنطق وأدواته التى كانت تشغل نخب ذاك الزمان، ثم تطور الأمر لتتحول «المسائل» إلى «قضايا»، ثم تصبح «إشكاليات»، وعندما يغيب المنطق نجد أنفسنا أمام مصطلح «الأزمات»، وبالتوازى كان نظام الحكم ينتقل من «دولة الملل والطوائف» إلى النظام السلطانى فالنظام الملكى، فالنظام الجمهورى، الشمولى فالديمقراطى الدستورى، بحسب مواثيق الحكم تباعاً.

واقع الأمر أن الأزمات القبطية ارتدت إلى المربع صفر، لنجد أنفسنا نبدأ فى طرحها من جديد، مع ارتداد الذهنية السائدة إلى «الملل والطوائف» التى يتم التعامل فيها مع الأقباط على أنهم «طائفة» تبحث عن حقوق تحتجزهم فى خانة «الرعايا» وعند كثيرين ينظر إليهم وكأنهم «جالية» فى وطن، فوجدت نفسى حتى أكون متسقاً مع الواقع المعيش أرتد بقلمى إلى مصطلح «المسألة القبطية».

دعونا نقرأ معاً ما أصدره السلطان العثمانى فى محاولة منه لمواجهة بوادر انهيار خلافته أمام التغيرات الدولية العاصفة حوله، كان هذا عام 1856، حين أصدر ما يعرف بـ«الخط الهمايونى» الذى ينظم بناء دور العبادة فى جميع الولايات التابعة للدولة العثمانية، ويطبق على كل الملل والأديان غير الإسلامية، وفيه يقرر:

1- المساواة بين كل مواطنى الدولة العثمانية فى كل الحقوق والواجبات.

2- ينتخب بطاركة (رؤساء) الكنائس من كل الملل وتكون فترة انتخابهم حتى مماتهم ولا يحق لأحد نزع سلطة البابا البطريرك إلا من كنيسته على وجوب إبلاغ (إبلاغ فقط وليس أخذ الموافقة) من الباب العالى باسم البابا الجديد فى كل مرة.

3- السلطان شخصياً وفقط له الحق فى ترخيص بناء وترميم الكنائس والمقابر الخاصة لغير المسلمين (حتى لا يترك الأمر لنوازع معاونيه).

4- إعفاء الكنائس من الضرائب أو المصروفات.

5- تشكيل مجلس مكون من رجال الكنيسة (كهنة أو رهبان) ورجال من خارج الكنيسة (مسيحيين غير الرهبان والكهنة) لإدارة شئون الملة والمعروف باسم المجلس الملى العام مثل المجلس الملى القبطى الأرثوذكسى والمجلس الملى الكاثوليكى، وغيرها لكل ملة وطائفة.

6- عدم إجبار أى شخص على ترك دينه.

7- محو كل الألفاظ التى تمس فئة من الناس مثل الدين أو الملة.

8- يكون حق التعيين فى مناصب الدولة المدنية والعسكرية للكفاءة دون تمييز فى الدين.

9- إلزام كل مواطنى الدولة بالخدمة العسكرية.

10- تكون الدعاوى القضائية بين المسيحيين والمسلمين فى دواوين (محاكم) خاصة يرأسها قضاة من الطرفين.

وهو -كما نرى- قانون تقدمى حتى بمعايير عصرنا، ولا أعرف ما ومن يقف وراء حملات تشويهه حتى بين الأقباط، واعتباره أصل كل الشرور التى تطاردهم، بينما نراه يقرر مبادئ الدولة الحديثة؛ المساواة وحرية الاعتقاد وعدم التمييز، وتحصين المراكز القيادية الكنسية ضد العزل، ودعم مشاركة الأقباط فى إدارة شئونهم الكنسية، ومنع الإدارة الحكومية من التدخل فى قرارات بناء الكنائس.

ومع التشويه نكتشف أننا نتقدم للخلف إذا صح هذا التعبير، فبعد أن كان للأقباط دورهم البارز فى دعم مطالب الأمة التى تقدم بها الوفد المصرى بزعامة سعد زغلول إلى سلطات الاحتلال، فكان المنفى فى انتظار الزعيم والوفد، مرتين 1919 و1921 وكان بينهم سينوت حنا ومكرم عبيد. إذ بنا وبعد سنوات قليلة يسند الملك فؤاد تشكيل الوزارة أكثرة من مرة إلى إسماعيل صدقى، الذى شهدت فترات توليه رئاسة الحكومة ولادة تيارات الإسلام السياسى، وميله لمغازلتها. وخلالها تصدر شروط العزبى باشا، 1934، لبناء الكنائس ومعها يبدأ مسلسل محاصرة بناء الكنائس والتضييق عليها، وهو محل لقاء مقبل.
نقلا عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع