الأقباط متحدون - دويدار ..وسر المواجهة والعشق والتفتح 2
أخر تحديث ١٤:٥٤ | الاربعاء ١٣ يوليو ٢٠١٦ | ٦ أبيب ١٧٣٢ش | العدد ٣٩٨٨ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

دويدار ..وسر المواجهة والعشق والتفتح 2

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

بقلم / ماجدة سيدهم

.السر الثاني .. العشق

*******************
                          "  ماعنديش مساحة فاضية للأموات
                                          روحي متعبية ... سكر نبات ...!"

طوبى لمن  لاحت له القصيدة  بالمغادرة قبل الدخول المرغم  إلى هيكل العشق ،طوبى لمن إنتبه وهرب  من طوفان " الرسول العاشق " محتميا بشراع الظل أو بكتف الإتكاء ، طوبى لمن مزق ملح البحر وطعن خاصرة  الحرف  المدرج في أسفار الشعر، بل  وأحرق بإخلاص  كل اللعنات  المسكونة في تعاويذ البوح لذاك الذي نعت نفسه بالخلود فأصاب (..أنا ضد الممات ..) ، طوبى لمن أشهر في وجه القصيدة  كل حكايا التمرد وهذي الموت الحي ، لمن  أحيا  كل الصهيل  بعد طلقة رصاص ،هكذا يطوف عالم  الحصان    المضفر بالمفاجآت  كل  رحابات  البرية ،  بينما يتبع الداخلون معه الصفير طواعيه ،كمؤمنين بالنبوة ، ينتعلون  العري فضيلة حسناء  ،مقتفين  أثر النور للدرب  الواثق ،فيما يذهب يتحمل وحده  مشيئة الدخول إلى ملكوت الإنسان ، وكرزات  بتولات تنادي بالحياة ( يارب تعبت من مصاحبة الأموات ..عترني في بنت عايشة ..أو بتحب الحياة ..أو بتتفرج عليّ وأنا بقلع هدومي ..وبمشي في السكك عريان..ويشاوروا عليّ ..رغم إن روحه متعبية ميتين ..قدر يعيش الحياة .. نفسي في بنت واحدة بتحب الحياة  ..) ..

 وفيما نحن نجوب  بين ممرات ومزهريات الصهيل ، راح  يحكي  إلينا  كأميرات الإنتظارعن  بطولات الفارس  ومغامرات البحّار  وشجاعة العاشق  ( .. بكافح الغرق ..عشان خاطر.. عيون بنات حلوين ..ع الشط منتظرين ..ولد نهار.. ولد كل المصريين ..ومراكب خدها في حضنه ونام ..وشفايف شمس اتبلت من ريقه ..وكلام من حبيبة كبرت .. تسبيلة عين للعين ..في شهور الحر.. ولمس ايدين .. وخطوة بنت رايحة للولد.. نافورة قلبي ..بتنيم تراب الشوارع.. تحت رجلين البنات ..)، وحين  غفا  الحلم منا على كتف الشغف  راح يسكب علينا  ثلج المرح ،  ..يدفعنا  للمثول  كي  نغني معه  ( بربي على وشي شجر.. يحميني من عفار السكك .. بربي ف قلبي عصافير.. وبنات ..على كتفها كمنجات ..تطرد الأوجاع .. وعزفها ينبت في جسمي شعاع ..بزرع في روحي نعناع .. وأطير بعيد عن الرعاع ..عن الأحياء الميتين ..) ..

هكذا يقود "  الرسول العاشق  " صلوات  العشق المبين واختراع التغيير  (بختار بدايه  جديده للأمطار.. كنوع من  التغييرلشكل المطر..بين ولد وبنت ..بيتولدوا من جديد..فى بوسه ..من شفايف كاسين ويسكى...)  ثم  يميل إلينا كي  يمنحنا  مسابقات الإجادة ومقدرتنا على الإستيعاب ، ومن منا  ستربح الفوز بكسر القيود والخروج من سبي النساء  العظيم ، نحن  اللواتي اعتدنا  الاختباء والإكتفاء  بالحكايا عن العشاق والتلصص عبر  السياج ، منبهرات  بشجاعة  الإبداعات الممكنة، و يطرح علينا السؤال ( فينك ياحوا ..لو تقدرى تسامحينى ..على طردنا الشنيع من الجنه ..حقدر أسامحك على خروجك من ضلوعي ..ونهجانى فى البحث عنك ..فى رئه الشيطان ..لو تقدرى تمنعينى من حبك ..حنساكى..وأكون معاكى نسيان..!)  هكذا يكشف عورات  التردي  المخيف ..

ولما  طال  زمن الإرتباك والإجابة  راح بلطف الصادقين  يرفع رداء القلق و يكرر النداء ( مستنيكى ..تفتحى جنازير النهار..بصوابعك النمنم..أنا المسجون..وبإختصار.. فى وشك المسمسم..يابنت بتشيل ..من على روحى الغبار..  ماتخافيش مش حبطل دفاع عن حريتي .. عن حبيبتي ..) ..

صحوة  وتر
***********
  وفيما  كنا  نركض خلف  شغف الحكاية  وصولا  لتفاصيل النهجان، ارتطم جميعنا  بهول  المفاجأة  مرة أخرى ، ليخرّبنا  الشاعر كعادته ، فللوهلة الأولى قد يظن القارئ  أن ثمة خصوصية تشعل الحكاية ، غير أن البوح  كله   يفضي للمطلق ، الأنثى المطلق ( براهن علي حوا ..)  هكذا يتألق  الجسد الحي  ،الالتحام  الحي،  الانشطار الحميم  للاكتمال  المضني،  الخصر ،الخمر وذاك البلل الموحي بالحياة ، فنذهب تباعا  نفتش عن  وجودنا في الحضور  اليافع   للحبيبة   وفي تلك   المساحة  المقدسة  للعشيقة ،  ورغم البهجة  في  سرب البنات  وصولو  الكمنجات ،نعنعات الشبابيك ، ثمرات  التوت  ، شهقة الرمانات  ونزاع  القطط على سمك  الشفايف..أيضا  يرمي البوح كله إلى الحضن الغائب للوطن و فكرة العدل والحرية والأمان و ذاك الحلم الأعظم  بإطلاق سراح عشق البنات و وعي البنات وقصائد البنات  ، ليحطم هكذا فحولة مجتمعات ذكورية ملتبسة المفاهيم  (واقف في زوري وطن.. مانع حبيبتي مني . ومتدينين الهجوم الجديد..على الأعضاء التناسلية ..والعادة الشهرية)..

  يوجه السؤال متصاعدا ( إيه الحكمة في الحياة .. والعيشة في بلاد بتكسر العشاق وبتغربهم في المنافي..؟ دا هو المرار بعينه.. ) ، لكنه يتقدم كل الوقت  بالمبادرة و يمحنها الأمان  ( برمي عليكي السلام.. )  ، يحفز فيها المواجهة  واتخاذ القرار  ( افتحي الشبابيك للبحر.. )   بل ويثابر يدعم فيها  المحاولة  ( الشعر حيخليكى خالدة للأبد..حيطان بيوت....جغرافيا وتاريخ الجدود..ريحة مطر..وذكريات..الشعر حيخليكى حيه في الأغانى..ونشيد الجنود..غزل البنات..علم الوطن..الشعر حيخليكى نور..خشي ف ضلوعى..أسكنينى ..ألحقي ليكى سكن..الشعر حيخليني آدم..والشعرحيخليكى..أمبارح..ودلوقتى.. وغدا ..) ،و لا يلبث  يحث  للمزيد من الثقة والإيمان  بالتجربة ، يرافق كل المحاولات  المخلصة  حتى يستقيم فيها الانحناء واثقا  من  صلاحية اليقين  بالأنثى( اختارتك..من بين ..كل أوجاع الحياه..خشى بين ضلوعى..أسكنى..يا منحة الله..أستقيمي ..حنبتدى الصلاه..) ..

  هكذا  تكمن فخامة الجمال  في هذا الاحترام الناصع  للجسد  بمعزل تام عن سموم الشهوات العابرة .. إذ يكشف متسع الصهيل  هنا عن حقيقة واحدة وحيدة   أن صانع  الكلمات  غارق حتى الدم ، حتى الهذيان في عمق الروح  الأعظم  " الإنسانية  "  (واقف في وسط علامة إستفهام .. غرقان في دم الكلام ) ، لتطل الوحدة  مرة أخرى بشراسة ( وحداني في التوهة .. وحداني في الهم ..روحي بقت مجهدة ..وبمسح عمري من على وشي بأكمامي مليان فراغ ..متعبي وجد  وبُعد ..أنا آدم عريان بلا  كون ..وحيد بلا مضمون .. ) ، لكنها الحقيقة  الأكيدة  إذ كلما اقترب المرء من  الإنسانية والتحم بها  ازداد شعوره بالوحدة  وارتقى بالترفع والاستغناء ( الإنسانية وطن .. تراب بيحن لتراب ..)   قانعا بذاته ملتحما بشرف الكلمة (أنا  الرسول الفنان ..أبو حبتين عقل على حبتين خانكة وجنان ) ..

 رغم  زحمة الأصدقاء ومرح الندماء،  رغم امتداد الولع بسرد حكايا العشق لكنه  بعيدا ينصرف وحده مترفعا ، بل يكاد يكون هو الموطن الأمثل  للوحدة والانفراد ، فكثيرا ما تكشفنا لغتنا و كشفته لغته وساتره الوجداني والأخلاقي  النبيل ، مفردات هي تبوح بالوحدة  ( انا كنت واحش نفسي  م العمر اللي فات ..عياطي .. كمنجاتي .. بقولهالي .. بقولي .. حتة من لحمي ..أسمعني ..مستغربني .. حاسس بحالة فقد..يـُتم ..طلعت م المولد بلا حمص ..قاعد مستنيني عشان أكلمني .. بديني ظهري .. مابردش علىّ ..خشيت عليّ امبارح ..لقيتني متمدد وحيد ..) لمدلوها  الواضح عن مساحة إنفراد  لا بأس بها  والتى  تلازم الدرب  وصخب الضحكات ، يتعاطاها  ببسالة  ، لتضفي  بدورها  كل هذا البريق  وكل تلك الوداعة  في نص شديد العفة والجاذبية ، بل  ويعلنها أنه  ليس ثمة اكتمال للمرء  دونما التحام الروح  بقيم  الحب والجمال  والأمان والاستقرار والتى دونها  يعيش الإنسان وجعا  ( وحيد بما فيه الكفاية ..للبحث عنك ف الحنايا..والخلايا..ورعشتى ..لما تنفجر كمنجات الشجن  جوايا .. وحيد بواجه الدهشة .. والربكة ..والفزع .. والفراغ .. في دنيايا ..)  ،ثم  يبوح  كما النبلاء (أنا وتر كمنجة ..فضل يرن ..يرن ..لحد ما مات م العياط ...أنا الوتر النازف في كمنجة متعبية سفر..)  .

في تفاصيل السرد المضيء نجد روحا مفرطة في الإنساينة ، إذ يسلك   الشاعر  مترفعا بفلسفة الإستغناء والتجرد  بينما يمتلئ كلية  بشهامة  الفرسان   ( بزرع خلايا جديدة في روحي ..علشان ماستسلمش للسقوط ..لكن الأغنية  بتحميني من السقوط ..بحتمى بالشعر من ضوافر الوحده..وبحتمى بالأغانى من غُربه الأوطان ..ومش  حبطل دفاع  عن حريتي ..عن حبيبتي .. ) ، يالها من براعة  في أسمى تجليات الجسد بالتوهج  ، فيما يتكيء وحده على  سمو  نزفه   (بغالب هيجان الكمنجات ف دمي.. وبكتم كورال الهزيمة ..وساعات بيكون النزف أقوي من الجناحين ..) لذا يرتفع جدا ويضحك ..

صولو
********
يستمر" الرسول العاشق " في  مسيرة الصهيل  يؤسس ثورة إلى الأفضل ، فهو الشاعر غير قابل للامتلاك أو التداول أو المساومات (أنا مش حموت غير مكتمل  ..أنا مش هاموت ناقص في وشي خربوش ..وف ضهري طعنة.. ورئتي مليانة تراب ..وكحتي تجيب آخر الملكوت.. لازم افرج الدنيا على مخلوق عجيب ..ما متش من حروب وهزايم وخيانات ..وتجريف روح ..ومات ألف مرة من عياط وردة وحيدة في الشباك ..لازم افرج الدنيا على مخلوق عجيب اتخلق لها.. تقلع له روحها.. تاخده ف حضنها ..تطبطب عليه ..لازم افضح الدنيا ..وأعريها  قصاد  نفسها ..أنا مش حموت ناقص كمنجة ..ولا بوصة ناي على شط روحي.. مش حموت ناقص أغاني ولا عندي حرمان عاطفي ..وفكرتي عن الخلود ..رقصة ابدية ..أنا مكتمل فرح ..) ..

.. العشق في  عالم  الحصان  هو حالة  إنسانية رفيعة  وحالة  نزف مستمرة  ،متجردا عن ذاته ملتحما بروح الكلمة  عشق المجمل ،الحياة ،الشعر ،الوطن  و....ينطلق منها  مدفوعا بوحي روحي  لكل الأجواء ،لذا هو ليس في حاجة لأعداد  فائقة من المعجبين   بل لمؤمنين  بالحياة   يتبعون الهداية مبشرين  بأنه  آخر الصادقين  ( مافيش غيرك يصدقني.. ويطبطب رعشتي ف عمري.. بأني آخر الصادقين ..) ..

 هكذا وصلنا  لآخر طريق العشق ،ولازلنا في دهشة  من  سطور خلت من خصوصية الإلهام،  اللهم إن بالغ  الشاعر وأتقن  ببراعة التفوق في إخفاء سره الجميل ( قلبي بحر غويط .. مستحيل يتعرف أسراره .. كرهت  مين ..بحب مين ؟ ومين لازق ف جدرانه ومين بيعيش عشانه ؟ مين حبه غارز في محبتي ..قلب الرسول ..مش أي حد يدخله .. مش أي حد لقلبه ..ينول ..) عداها خديجة ( انا بغني لخديجة  الطبطبة ..حنية الكون  والأمان ..قلب  البلاد السليم ..حب عمري العظيم ...) وما العشق لغير المجاز  (فرحان بخروجي للمطلق .. للمجاز ..)..

اللهم نقف عند بوابات السر فيما نحصد  القيمة الأسمى للحياة  (  فلب الرسول جاي علشان العقول ..تعرف  بأن العدل والرحمة والإنسانية هي دي الدنيا ..وهو دا المحصول ..) .وفي هذا أيضا أعترف بهزيمتي  في الجولة الثانية  وأعلن فوز إنسانية الحصان ..


\السر الثالث ..  التفتح
*****************
                                         مع أنه موت
                                   لكن بيصحي فينا حياة
                              والخير.. والأسئلة الصعبة
                    الموت بيحللي قيمة الكون ..وقدرة  ربنا على الملكوت
                                 مع أن كلمة موت بتنهي شيئ
                                    لكنها بتبتدي ألف شيء
                                أنا بحب ربنا رغم الموت ..
                                     ************
  على هذا الأخضر المرتفع .. تتجلى ذروة  التفتح الإنساني  وفخامة التصوف الأخلاقي ، حين  صنعت    أسرار الكلمات  إزعاجا مفاجئا  وإطاحة بالمألوف ، كأن المطر يسقط  للأعلى وألسنة النار تمتد  كي تلتهم أطراف المغيب ، يبادر "رسول التفتح " بالدخول للعمق الأعمق   في  لعبة الهجوم المتكرر  ( مع أنه موت.. لكن بيصحي فينا حياة .... الموت بيحللي قيمة الكون ..)،  يشق في الجمود  وهج  اليقظة والتفكير لحتى  أدمن جموع المحتشدين  والسائرين معه   لذة  اندلاع تلك الهجمات الشرسة ، والتى رغم  حدتها  ولطفها  تصيب  كل عابر بالقصيدة  الشعور بالبهجة  والتشبث  بالممكن ،  راقص  حاذق ، يجيد تصويب  الأهداف في مرمى الفوز بالنور، هذا يحدث حين يصير الموت مدعاة للتفتح  والانطلاق ..!..

و فيما يصعد  قمة  النار والصقيع  معا  منفردا باليقين - جلس الجمع  ينصتون بشغف إلى   فخامة تعاليم  النزف الطالع عن وترالبوح  (  تعلموا مني  لأني كائن ضد التألم ..براوغ الألم برقصة الفرح ..تعلموا مني لأني مش بنحني ..وسقوطي مش وارد على الأرض.. ولو سقطت بسقط لفوق .. فوق ..مافيش رسول بينحني لحد ..عمري مامشيت عكس أرادتي ..ولا عمر دراعي مانتنى تحتي ..طول عمرى ..بدفع من عمرى إنى الفنان..تعلموا مني  لأني ما بعترفش بهزيمة ..تفزع حصان روحي..وتبحطر صهيلي ..إيماني بالنصر خلاني ..أكمل السبق ..حتى لو على عكاز..وأقابل الناس بضحكة الجنرلات ..) ..

ينتصف النهار ولازال  العطاش للفهم يلتقطون عنه  جل الوصايا  ( ثبت روحك على وجع كرامتك ..ها يطلع منك راجل بيعرف يثور .. بعدها حتموت واقف على رجليك ..تحترمك الشجر ..والدم اللي نازف من الأبدان ..خليك لو مرة واحدة عندك شرف.. واصعد سلالم كبرياء روحك ..وامسك بقبضة ايدك السموات ..ماتكومش نفسك فيك واتمدد براك ..حس بكرامة الإنسان اللي جواك . وأرقص علي صولوا كمنجه.ماتموتش ناقص ضحكة ..نط .. نط فوق ..فوووووق أوي ..ما تنزلش ع الأرض .. الأرض للحشرات..) ..

وبين  الشوارع التعبى يذهب " شاعر التفتح "   يعلم  ويدعم  جموع  المتطلعين (  اوعى تجادل كفيف عن عظمة الشوف ..والفرق بين الضلمة وفخد نور مكشوف ..اوعى تضيع وقت مع ميت ..اقرا لروحه الفاتحة.. واتركة للحساب.. وحاسب من دخلة الأغراب على ضلك الممدود.. واوعى تسلم رقبتك لمجتهد جاهل ..أكبر خديعة لروحك أنك تحب اللي خان غيرك..اللي يخش في بهجتك حبه واللي يمرر دنيتك كبه ..أوعى تصاحب جعان .. أو تسلم حلمك الدافي لعريان .. دقق كويس في صوابع  الأحضان..اوعى تنهزم روحك لو حتى دمك ساح ..ازازتين بيرة يفكوا لك جوارحك .. يرجعوا لك ملامحك على الكون تصالحك ..)..

دعوة للحياة
**********
السير بين  دروب  برية الحصان  يحتاج الى الإيمان بتحقيق الأفضل  لذا ينطلق "  رسول  التفتح " فاتحا للهواء مساحات الضحك ، يداعب هذا ،  يعانق تلك  مبشرا بالتغيير  الآتي (ماتصدقش اللى بيعيّط عليك ..صدق اللى يخليك ماتعيّطش..افرد وشك وإدي ضهرك للكل ..افتح شبابيك البحر ف نن عينك .. ماتخليش البؤس يولف مرة عليك .. لو ماعرفتش تمشي ..طير ..لو ماقدرتش تحلم ماتنامش .. لو قلبك ما اتهزش مرة ارميه البحر .. لو ماعملتش خير ملتخليش الشر يقرب ليك.. افرد عمرك خليه يمتد ..نفض غبار الليل..وامسح  إزاز روحك .. امشي في أي اتجاه كل البلاد أرضك ..عاوز تشوف نفسك  بحق وحقيق ..اقلع  هدوم روحك.. كلنا عرايا  بنخبي إيه مننا قدام المرايا ؟ طير..الطيران حيغير نظرنك للكون.. )..

 يلتفت إليهم .. يطلعهم خلاصة التجربة  من أجل التطهير  (...عاوز تشوف نفسك بجد .. ولع في وناسة روحك شموع المستحيل ..قناديل.. وعيش زي خلق الله درويش ..انتبهوا .. الدين أي دين.. لو ماكنش فيه عدل.. يبقى يترمي في صفيحة الزبالة .. والرسل لو ما عطوش الفقير..قليل الحيلة رغيف عيش ..يبقى زي البشر المعفن. الحق أقول لكم ..أنا رغم الفساد والضلال وبـُعد الحل .. لسايا إنسان. .) ،  يقتسمون معا خبز الحرف ونبيذ التطلع - يضحك ويرفع عن عيونهم  حيرة السؤال  (  لاتنزعجوا ..أنا  مش بدين الخطيئة –كل  مافي الأمر أن ملتي المحبة ..وبحب اشوف البنت الجميلة.. مابتحبش ولد دميم )  كأنه يطمئن على إيمانهم :  هل أثقلت عليكم بأناشيدي ومزامير صهيلي ..

.قيامة
*****  ولما كانوا يتناولون فيما بينهم فسحة مع نرد الذكريات   ( البلي  ..السخسخ ..النحلات الخشب .. العلسية ..شباك الكحك ..اذان المغربية ..لمة الطبلية ،. طيارة ورق..حارة وعتب ..طوق البنات ..كورة شراب ..نشيد بلادي بلادي . رنة صاجات العرقسوس ...)   ينطلق  عنهم مسرعا حيث نزف الحصان لازال في الحيز هناك  يمتد ، يميل إليه ..  ومن  كبريائه  يقترب جدا  ( ماتخضنيش على قلبك الجوهرة..أنا اللي طالع بيك ..في بداية التكوين .. لبداية المهزلة .. ماتخضنيش عليّ ..أوعي تنهزم روحك..لو حتى دمك ساح ..جرحك مش أول الجراح  ولا أخر الجراح ..) ، ولما  ظل الجسد  الممدود بلا حراك  راح  بالصراخ  الحي يبث في روحه  الصعود  -و يحسم معه  هزل المشهد  (.. انتبه .. ماتبصش وراك ..على  حد أنت  قدامة .. لسه السباق في أوله ..ياحصااااااان.. اللي نفسك فيك ..اعمله ..إصهل ..رفس.. وأنطلق ..سبقك ولازم تكمله.. انتبه .. انتبه .. في الحرب بين اتنين ..لازم واحد يموت.. وأنا لازم أكون من الأحياء .. المؤمنين ..)   حتى صار  دويا مخيفا ، حين انتفض الحصان مريعا ،  صهيلا هائلا  ، أشعل الساحة بالرعدة والارتباك ، ونحن الذين  كنا حسبناه قاب طلقة رصاص أو موتنا الأكيد ،  صارت الضجة والقيامة المرعبة   من  موات رديء ، إذ بـُعث  فيه الامتداد وإخضرار النداء  من جديد، هكذا  يركض " رسول التفتح "  يملأ الساحات  بالرقص والتهليل  ( صهل الحصااااااان من تقل أحلامــــــي ..) ..

انتصار
*****
 قارب الوقت بنا على المغادرة   حين تقدم المشهد  فخامة الحصان ، ولما سألوه عن سر المواجهة والعشق والتفتح  ضجت الساحة  بالصهيل  ( مافيش نبي عاطل ولا الملايكة بتطلع تنوس ديابة ..مافيش حق باطل ..والدنيا رايحة رايحة للغلابة ..) ،  كانت هذه  أيضا اللافتة الجديدة التي  علقت على  مدخل البداية  الأفضل ، يتحدى  جهالات الحماقة (انتو اللي رايح ..وأنا اللي جاي ..) ،  لذا  ما أٌغلق النداء  ولا خفُت الصهيل ، وتظل الحياة مساحة شاسعة تحتمل كل تلك الإختلافات والمفارقات  والمغفرات ..بل وتأتي في  كل الصباحات بالكثير من المفاجآت  السارة ، هكذا يتقدم موكب الصهيل سيدنا  الحصان  للبدء بمطلع  التبشير ..

تشكل وصايا " دويدار ..رسول  التفتح " ثورة  فكرية مضفورة النضج  والتألق ، هي حالة نزف خالصة لإعادة تشكيل الوجدان بالجمال  وصياغة التفكير بالفهم  ، ثورة على النمط ، على الخرافة ، لضخ  تيارات النور في مسارات السؤال ، كي يعود  المرء إنسانا  كما يليق بالإنسان ،و كما ينبغي الدخول بإفتخار إلى عهد الحصان.. .

قبل الخروج
********أعترف .. حين  وقعت فريسة الهوس بإقتناء "الحصان"  ومحاولة   فهم  ما يجاوره من صهوات  وقصائد  أخرى كثيره ومغايرة ،  ما كنت أدرك كم الخطا الفادح الذي سقطت فيه،  ولا حسبت كل هذا الأرق المضني الذي نال مني إثر اندفاعي وتهوري  دونما لجام  يقود، أو كبح لتصورات الانطلاق المهيب ،فأنت هنا لا تتناول  نصوصا شعرية  قاب غلافين ، لأننا بالفعل سنكون في مأزق مخيف  بل ورفيع المستوى، فالسابح  في عالم  نزيف الحصان  يجد من الصعوبة بحال  أن يختزل الرؤية  الفكرية والحالة الشعرية  في  تعليق  أو إشادة  أو إنبهار أو حتى دراسة فائقة  مهما بلغت  ، لكنا نتكلم  حالة سرمدية من الصعب الامساك بأي من  أطراف بداياتها الشاسعة   حيث لا منتهى لها ، حالة  متميزة  في شجاعتها وأدواتها  وطموحاتها  ،جاءت  كلها في خطوط مستقيمة حادة  الرؤية والاختراق ، أجل ماتوصف به هي نخوة الإبداع وشرف الرسالة ..فحين خاطب  الجموع مؤكدا أنه الرسول الفنان لم  يتجاوز بالغرور أو التعالي  ، لكنه بالحق أصغى جيدا لصوت  ذاك  الإلهام الفوقاني   ، دونما التباس ،  آمن بالشعر فصدقته الرؤى واحترمه الله ، فكم من أنبياء  في عصور  النبوءات القديمة  كتبوا الشعر نصوصا إلهية  صارخة ، وصار بعدهم  جل الإيمان، لذا أعترف بهزيمتي  مجددا وأعلن  كل الحين   فوز سيدنا  الحصان  ..

ولن ينتهي ..

قد نغلق الآن الغلاف  لكن مافلح  عبر التاريخ  مَن  حاول حد  السريا ن الهادر ..شكرا عبقرية الحصان ..!


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع