الأقباط متحدون - قراءة هادئة فى ملف شائك (٤)
أخر تحديث ٠٤:٢٤ | الاثنين ١١ يوليو ٢٠١٦ | ٤ أبيب ١٧٣٢ش | العدد ٣٩٨٦ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

قراءة هادئة فى ملف شائك (٤)


تراكمت مشاكل الأقباط عبر السنين بفعل مجموعة عوامل مركبة ومعقدة تفاعلت معاً، فأنتجت معضلة حقيقية جرحت قيمة المواطنة وطعنت مبدأ المساواة ولطخت وجه مصر، تفاعلت عوامل قانونية، عرفية، ثقافية وسياسية، فكانت معضلة الأقباط اليوم. المشكلة تضرب بجذورها فى أعماق التاريخ، سنوات قليلة بعد دخول العرب مصر عام ٦٤٢ للميلاد، كانت مصر بلد الحضارة، العلم والتاريخ، وكانت بلد الماء، الخضرة والثروات على النحو، الذى وصفه بدقة المؤرخ العربى ابن إياس فى سلسلة كتبه، وتحديداً تلك التى يصف فيها أرض مصر وانبهار العرب بالحقول والزروع المنتشرة فى كافة أرجاء البلاد. سنوات قليلة وبدأ الاعتبار الدينى ينتج آثاره فى التمييز والتفرقة وكانت أساليبه المبتدعة سبباً فى تحول غالبية أهل البلاد عن الديانة المسيحية، وتعرض من بقى على دينه لسلسلة من الضرائب (الجزية) والتمييز فى الملبس والمسكن والمسلك. لم يتوقف التمييز والاضطهاد إلا سنوات قليلة على مدار أربعة عشر قرناً، وأسفرت هذه المسيرة عن تركة من القوانين والأعراف قيدت حرية بناء الكنائس وإصلاحها وترميمها، وكثيراً ما قيدت ممارسة الشعائر والطقوس.

وعلى الرغم من التحسن الذى طرأ على حال الأقباط فى عهد مؤسس مصر الحديثة الألبانى محمد على، فإن الموروث كان من القوة بحيث أوقف مسيرة إرساء قيم المواطنة والمساواة. وإذا كانت وطأة هذا الموروث قد تراجعت فى الحقبة شبه الليبرالية بعد ثورة ١٩١٩، وتحديداً بعد دستور ١٩٢٣، فإنها كانت فترة قصيرة انتهت عام ١٩٥٢. وفى عهد الثورة جرى التركيز على بناء المكونات الاقتصادية والاجتماعية للمواطنة، وتم تحجيم تفاعلات الموروث الثقافى دون تشريع جديد ينظم بناء الكنائس، إصلاحها وترميمها، حتى مشاركة «عبدالناصر» فى بناء الكاتدرائية المرقسية بالعباسية جرى دفنها فى عمليات للقطاع العام حتى لا يستقر مبدأ أن الدولة تبنى كنائس على النحو الذى رواه الراحل هيكل عن عبدالناصر فى تفكيره الخاص بالمساهمة فى بناء الكاتدرائية المرقسية بالعباسية.
 
جاء «السادات» وعادت معه التركة التاريخية الثقيلة ونتائج تحالفه مع المملكة العربية السعودية وفتح الأبواب لرياح الوهابية، والتحالف مع جماعة الإخوان وإنشاء الجماعة الإسلامية وظهور تنظيم الجهاد، ورعاية السادات لكل هذه التنظيمات التى استخدمت السلاح ضد اليسار والقوميين أولاً، ثم المسيحيين وأخيراً الدولة المصرية ذاتها، وفى عامه الثانى جرى الصدام بين الدولة والكنيسة على خلفية الصلاة فى بيت للخدمة بمدينة الخانكة بالقليوبية فيما عُرف بأول حادث طائفى فى مصر منذ عقود.

استدعى السادات كافة القيود القانونية والعرفية التى تقيد من عملية بناء وإصلاح وترميم الكنائس، ومنها الشروط العشرة المعروفة بشروط العزبى باشا وزير داخلية مصر فى العقد الثانى من القرن الماضى أو الخط الهمايونى ووضع السادات قرار بناء وإصلاح وترميم الكنائس بيد رئيس الجمهورية. فى عهد مبارك لم تتغير المعادلة، وإن اتسمت العلاقة بالشد والجذب بين الكنيسة والدولة، واستمر الخلاف حول بناء الكنائس، إصلاحها وترميمها العامل الأول فى أحداث العنف الطائفى فى البلاد. وعلى مدار العقود الثلاثة الماضية جرى الحديث عن قانون موحد لنظيم بناء دور العبادة، وهو ما اعترض عليه شيخ الأزهر مؤكداً عدم حاجته لقانون خاص بالمساجد لأنه لا توجد مشكلة أصلاً فى بناء المساجد وإصلاحها، فجرى الإعلان عن إعداد قانون للكنائس بالتفاهم بين الدولة والكنيسة، وعلمنا أن القانون ذهب إلى مجلس النواب، فما أهم بنود القانون، وهل تم الاتفاق بين الدولة والكنيسة على هذه البنود؟

نقلا عن الوطن

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع