"الآثار القبطية في وادى النيل".. كتب يؤرخ لفن العمارة القبطية
كتبت: ميرفت عياد
صدر عن مكتبة الأسرة كتاب"الآثار القبطية فى وادى النيل – دراسة فى الكنائس القديمة" ضمن سلسلة "العلوم الاجتماعية"، من تأليف "سومرز كلارك"، وترجمة "إبراهيم سلامة"، ومراجعة وتقديم دكتور "جودت جبرة".
ينقسم الكتاب الذي يقع في حوالي 330 صفحة، الى خمسة فصول هي: "مقدمة تاريخية، الشكل العام للعمارة، وصف الرسومات التخطيطية، وصف الرسومات من حلفا إلى فيلة، الكنائس التي بعد أسوان شمالاً".
عمارة الأديرة والكنائس القبطية القديمة
يتحدث الكتاب عن عمارة الأديرة والكنائس القبطية القديمة، سواء التي اندثرت ولم يتبق منها سوى الأطلال، أو التي اُهتدي إليها بالبحث والتنقيب، ولا شك أن الدراسات الوصفية التي قدمها المؤلف مع المساقط الأفقية التي أورد رسومها التخطيطية، تمثل تراثًا إنسانيًا رفيع المستوى، معتمدًا في هذا على كتاب "الكنائس القبطية القديمة" بجزئيه لمؤلفه الرحالة "ألفريد بتلر"، إلا أن هذا الكتاب تحدث باستفاضة عن الآثار القبطية في النوبة والسودان، كما توسع في عرض العديد من الأديرة، مثل "الدير الأبيض" و"الدير الأحمر" اللذان يقعان بالقرب من "سوهاج"، وكنائس "نقادة" وغيرها الكثير.
لغة المصريين القدماء حفظتها الكنيسة القبطية
ويشير الكتاب إلى أن على ضفتي نهر النيل الخالد، تعاقبت أعظم حضارات العالم، الفرعونية، واليونانية، والبيزنطية، والرومانية، والإسلامية، وتلتقي جميع هذه الحضارات عند الحضارة القبطية دون غيرها، فعلى سبيل المثال لا الحصر، تمتد جذور اللغة القبطية في تربة مصر الفرعونية، فهي لغة المصريين القدماء، التي حفظتها الكنيسة القبطية في مخطوطاتها وكتبها، ومازالت تنطق بها في طقوسها وصلواتها، كما أن الكثير من الكلمات القبطية مازالت تتردد على ألسنة شعب مصر، ومازال الفلا ح المصري يستخدم الشهور القبطية، وأصولها المصرية القديمة، في تنظيم زراعاته على مدار العام.
الفن القبطى يلتقى عنده جميع فنون مصر
يحتفظ الفن القبطي بكثير من خصائص الفن المصري القديم.. هذا ما يؤكده الكتاب الذي يصور جدران العديد من الكنائس والأديرة القديمة، التي تزدان بالصور المرتبة في صفوف منتظمة، لتُعبر عن الديانة المسيحية، كمنظر السيد المسيح في هالة المجد، أو القديسة العذراء مريم تحمل الطفل يسوع، وأيضًا يظهر الكثير من صور الشهداء والقديسين، وقد صور الفنان القبطي الصليب -رمز المسيحية- مشابهًا للعلامة المصرية القديمة، وهي مفتاح الحياة، معبرًا بذلك عن مصريته الأصيلة، إلا أن الفن القبطي تأثر أيضًا بالفن اليوناني، والروماني، والبيزنطي، وأيضًا تأثر في مراحله الأخيرة بالفن الإسلامي، فالفن القبطي هو الفن المصري الوحيد الذي تلتقي عنده جميع فنون مصر.
تاريخ المسيحية فى بلاد النوبة
وقام المؤلف بإعداد العديد من الرسومات، والمساقط الأفقية، ومقاطع مختلفة، لعدد كبير جدًا من الآثار القبطية والنوبية المسيحية، في وادي النيل، وقد بدأ عمله عام 1893، واستمر لعدة سنوات ثم نشر كتابه القيم عام 1912، وهو يعد بذلك من أوائل العلماء الذين ألقوا الضوء على هذا التراث الهام، كما أنه أول من وصف عددًا كبيرًا من كنائس وادي النيل العريقة، ومع إنشاء خزان أسوان عام 1902، تعرضت الآثار القبطية والنوبية المسيحية -مثل غيرها من آثار وادي النيل، الكائنة جنوب أسوان- لخطر زحف المياه عليها، وقد واجهت الحكومة المصرية هذا الموقف بعمل العديد من المسوحات الأثرية، وتسجيل ودراسة المعابد المصرية، وفي ستينيات القرن الماضي قامت بعثات علمية متخصصة، من كل أرجاء العالم، بإجراء حفائر، في كل مناطق النوبة المصرية والسودانية، و كان من أهم نتائجها العثور على كنائس قديمة، مزدانة بمناظر ذات ألوان رائعة، ألقت ضوءً جديدًا على الفن النوبي المسيحي، كما تم العثور على الكثير من الكتب والمخطوطات والوثائق، التي زودتنا بالكثير من المعلومات عن تاريخ المسيحية في بلاد النوبة.
الآثار المسيحية فى وادي النيل
ويعتبر الكتاب مرجعًا في غاية الأهمية، وسجلاً نادرًا للآثار المسيحية في وادى النيل، وقد سبق "سومرز كلارك" عصره بفترة تزيد على نصف القرن في اهتمامه بهذا التراث، ولم يفقد هذا المرجع أهميته، رغم صدور موسوعة القبطيات عام 1991 في ثمانية مجلدات ضخمة، والتي تحوي المساقط الأفقية الأكثر دقة، والمزودة بالمراجع الخاصة المذكورة في هذا الكتاب، ورغم تكثيف الأبحاث في العمارة القبطية، وآثار النوبة المسيحية، في النصف الثاني من القرن العشرين، والتي تظهر بوضوح في المجلدات التي تصدر عن المؤتمرات الدولية، لـ"الجمعية الدولية للدراسات القبطية" و"الجمعية الدولية للدراسات النوبية" سيظل هذا الكتاب مرجعًا لا غنى عنه، لمن يريد القراءة عن هذه الآثار الخالدة من تراث وادي النيل.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :