الأقباط متحدون - وزارة ثقافة بلا ثقافة
أخر تحديث ٠٠:١٦ | الخميس ٧ يوليو ٢٠١٦ | ٣٠ بؤونة ١٧٣٢ش | العدد ٣٩٨٢ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

وزارة ثقافة بلا ثقافة

رامى جلال
رامى جلال

نظرياً فإن وزارة الثقافة هى المسئولة عن أمور مثل إدارة الأبنية الثقافية، ومتابعة أنشطة، ورعاية المثقفين فى الدولة (وليس مثقفى الدولة فحسب)، وهى وزارة تحتاج إلى وزير لديه قدرات إدارية عالية. لكن على أرض الواقع يوجد على رأس الوزارة دوماً مسئول مراسم يُسمى مجازاً وزير ثقافة، وتنحصر مهامه فى وضع المساحيق لتظهر شبه الدولة كدولة، وذلك عبر الاكتفاء بافتتاح الفعاليات، وحضور الندوات، واستقبال الضيوف. ولذلك يبقى ملف الثقافة ساكناً طوال الوقت.

حوالى عشرة وزراء ثقافة لمصر منذ 2011 حتى الآن، وما زال الحال على ما هو عليه، وسيظل كذلك؛ لأن وزارة الثقافة لا تحتاج لمثقف وكفى، ومنصب وزير الثقافة لا يتطلب شخصاً أكمل قراءة ثلاثية نجيب محفوظ أو حفظ ديوان محمود درويش واستوعب أسماء عواصم دول العالم وعملاتها، فهذا قد يفيد فى الفوز فى برنامج «من سيربح المليون»، أما الثقافة المصرية فتحتاج لما هو أكثر.

ولأن المستوى الثقافى للوزير هو كل ما يشغل الجميع، فكان سبب انتقاد وزير ثقافة وزارة أحمد شفيق هو أنه «صاحب كافتيريا» (يقصدون ساقية الصاوى)، ومقاربة رفض وزير ثقافة الإخوان هى أنه ما زال مدرساً بالجامعة ولم يؤلف الكثير من الكتب، بينما الذى يجب أن يشغلنا دوماً هى أمور من قبيل التاريخ الإدارى للوزير وإنجازاته السياسية مثلاً.

وزير الثقافة الحالى، «حلمى النمنم»، رجل محترم ممن شاركوا فى تشكيل وجدان جيل عبر كتاباته، وهو أحد الذين أعملوا معاولهم لهدم جدران الرجعية التى يختبئ خلفها دعاة الظلام وقاطروا عربات الأوطان إلى الخلف. وهو سياسى ذكى يجيد اختيار معاركه، والفساد ليس منها، وقد دخل، عند توليه المنصب، فى سجال مقصود مع التيار السلفى ليحصن نفسه ضد تقلبات المثقفين؛ فمنصب الوزير مُعرض دوماً للهجوم لأن جزءاً كبيراً من أزمة المثقفين مع أى وزير ثقافة تنبع من إحساس كل فرد منهم أنه أثقف المثقفين وبناء عليه لا بد أن يكون هو نفسه الوزير. بينما حقيبة وزارة الثقافة تحتاج فيمن يحملها أن يكون إدارياً قوياً، مثقفاً ملماً بالسياسة.. ووزارة الثقافة نفسها هى مطية للجميع؛ فمن يريد أن يصبح معارضاً يهاجم الوزارة لأنها بلا أسنان كالوزارات السيادية، فـ«السيف أصدق أنباء من الكُتب». ومن هنا فأى وزير ثقافة فى مصر معذور، فهو يربح المعركة إذا تمركز إعلامياً عبر الوجود فى الفعاليات والافتتاحات وتنظيم الأوبريتات ستينية المضمون. وبالتالى فلماذا يشغل باله بفساد وزارته؟!

أية نشاطات بروتوكولية لن تدفع وحدها الثقافة المصرية شبراً واحداً، ووزارة الثقافة لا يجب أن تكون جزيرة منعزلة؛ لأن الثقافة متشابكة مثلاً مع وزارات التعليم والتعليم العالى والشباب والرياضة (أقترح تعيين نائب لرئيس الوزراء ينسق ويشرف على عمل هذه المجموعة الوزارية).

نحتاج لمن ينفذ رؤية ثقافية واضحة ذات مدى زمنى محدد.. من الممكن لتلك الرؤية أن تتمثل فى تخليص الوزارة من ملفات الفساد المتراكمة ومن مئات الموظفين العالقين.. ومن الممكن أن تكون الرؤية هى تمكين -أو حتى احتواء- الشباب الذى هو فرصة وخطر فى آن، ووزارة الثقافة لديها إمكانيات استثمار تلك الفرصة ودرء ذلك الخطر، لكن الاكتفاء بالمراسم سينقل الوزارة من فشل لآخر.
نقلا عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع