الأقباط متحدون - أمريكا طبخت الإخوان وتجبرنا على هضمهم!!
أخر تحديث ١٣:٤٥ | السبت ٢ يوليو ٢٠١٦ | ٢٥ بؤونة ١٧٣٢ش | العدد ٣٩٧٧ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

أمريكا طبخت الإخوان وتجبرنا على هضمهم!!

خالد منتصر
خالد منتصر

وصلتنى رسالة مهمة من د. حاتم أيمن فيها نبوءة بعودة الإسلام السياسى لسدة الحكم، إذا تصورنا أن مشروعهم ليس «خلفة أمريكا»، التى يشار إليها بأصابع الاتهام مباشرة. يقول د. حاتم فى رسالته:

نشرت الحكومة الأمريكية رسمياً، ولأول مرة وثائق سرية رسمية أمريكية تثبت بما لا يدع مجالاً للشك تورط الحكومة الأمريكية فى التخلص من شاه إيران وصعود الخمينى إلى سدة الحكم بمباركة الرئيس الأمريكى السابق جيمى كارتر (الذى كان، وبالمناسبة، ضيفاً متكرراً فى مصر. أطل بوجهه عدة مرات أثناء التمهيد لحكم الإخوان وأيضاً بعد استيلائهم على الحكم، وكانت آخر زيارة له لمصر فى أكتوبر 2012) وفى بعض تلك الوثائق المنشورة أمس خطابات سرية من الخمينى من منفاه (الذى كان يصرح وقتها علناً أن أمريكا هى الشيطان الأكبر) يرجو فيه الحكومة الأمريكية أن تسمح له بالعودة لإيران وتمكينه من حكم البلاد مما يؤكد شكوك الكثيرين أن الخمينى وربما مشروع الإسلام السياسى برمته كان صناعة أمريكية.

وبرغم أن الدور الأمريكى فى تمكين الإسلاميين من حكم إيران كان دائماً مثار سخرية الكثيرين باعتباره جزءاً من نظرية المؤامرة، فإن الاعتراف الأمريكى المفاجئ بدور الغرب فى إسقاط الشاه يدق ناقوس الخطر أن شكوك الكثيرين حول الدور المشبوه الذى لعبه الغرب فى إحياء (الصحوة الإسلامية) منذ السبعينات ليس على المستوى السياسى فقط، بل وعلى المستوى الاجتماعى أيضاً ليست ضلالات وهمية أو إحدى متلازمات مرض البارانويا، كما يروج البعض، بل هى ومنذ قيام الغرب بزرع البذرة الأولى للصحوة الإسلامية سنة 1928 (أو 1745 إذا شئنا أن نكون أكثر دقة) هى جريمة مكتملة الأركان كان هدفها وما زالت تخريب واحتلال العقلية العربية تمهيداً لتخريب واحتلال الأرض العربية، لأن، وكما شرح لى أحد الأصدقاء مؤخراً، إحدى أهم النتائج المترتبة على المشروع الإسلامى المصنوع فى الغرب هو انهيار (الأرض) كأحد الأعمدة الرئيسية المؤسسة للشخصية المصرية وفقدان الارتباط بالأرض يؤدى تلقائياً أيضاً إلى فقدان الارتباط بكل من عليها من بشر وهو ما يفسر كثيراً من المظاهر السلبية فى حياتنا اليومية فى علاقاتنا بالآخر وفى علاقتنا بالأرض التى نعيش عليها.

وتنبهت على الفور أننا كمجتمع ما بعد ٣٠ يونيو، ربما نكون قد سقطنا فى الفخ الذى حذر منه الكاتب الراحل فرج فودة، والذى نبه فى كتابه قبل السقوط المطبوع سنة 1985 أن المشروع الإسلامى ينقسم إلى ثلاثة أقسام رئيسية: مشروع ثورى (سياسى) وثروى (البزنس) وتقليدى (اجتماعى)، والملاحظ أنه برغم نجاح المجتمع المصرى فى التخلص من الشق الثورى للمشروع الإسلامى بطريقة مبهرة فى الثلاثين من يونيو لأسباب كثيرة أثارت قلق المجتمع وشكوكه تجاه الحكام الجدد كان من أهمها العلاقة المريبة بين جماعات الإسلام السياسى والغرب.

إلا أنه، وعلى ما يبدو، أن المجتمع المصرى قد أخطأ عندما ظن أن مهمته قد انتهت بالإطاحة بالإخوان من الحكم، لأن الشق الثروى (البزنس) بدأ يطل برأسه من جديد وعاودت الجمعيات (الخيرية الإسلامية)، التى كانت تمد اعتصام رابعة بالغذاء والسلاح، نشاطها ولو على استحياء، أما على المستوى التقليدى (الاجتماعى) فحدث ولا حرج فلم يحدث أى تغيير إيجابى فى المجتمع إطلاقاً وما زالت «الدولة الإسلامية العميقة» إذا استعرنا تعبير الكاتب مجدى خليل تسيطر سيطرة مطلقة على سلوكيات المجتمع المصرى، وعلى سبيل المثال فإن تكفير المخالف، بل تحريم ثقافة الاختلاف من الأساس وفرض ثقافات وظواهر مجتمعية معينة بدون أى نص شرعى قطعى والسخرية من بعض الأئمة الذين يحاولون على استحياء الاجتهاد وإعمال العقل، وبل وسجن من هم أكثر جراءة منهم، ما زالت كل تلك السلبيات من الأساسيات التى تحكم الشخصية المصرية بفعل عقود من التخريب والتشويش الممنهج لعقول المصريين ومن الأمثلة المضحكة المبكية التى اكتشفتها قريباً أن بعض أصدقائى من المدخنين لا يدخنون الشيشة إلا وهى فى الميمنة، لأن وضع الشيشة على اليسار على ما يبدو يذهب عنها بركتها.

أفيقوا يا سادة.. فالشخصية المصرية على مدار تاريخها، وحتى عام 1967، كانت غنية بالروافد والانتماءات وإذا لم ينهض المفكرون فى هذا الوطن لإعادة بناء مفهوم الأرض والمواطنة كأحد الأعمدة الرئيسية المؤسسة للشخصية المصرية بجانب الانتماء الدينى بالطبع واللغة وبجانب الهويات والانتماءات الأخرى، التى تحدث عنها د. ميلاد حنا فى مقدمة كتابه، فإن الشق الثورى (السياسى) للمشروع الإسلامى المصنوع فى الغرب سيطل برأسه من جديد، وبمنتهى القوة والعنف، وسيأتى هذه المرة على الأخضر واليابس.
نقلا عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع