الأقباط متحدون - دور جديد للحكومة
أخر تحديث ٢٠:٤١ | الاثنين ٢٧ يونيو ٢٠١٦ | ٢٠ بؤونة ١٧٣٢ش | العدد ٣٩٧٢ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

دور جديد للحكومة

فريدة الشوباشى
فريدة الشوباشى

يستطيع المرء بغير كبير عناء، أن يلمس فداحة ما آل اليه حال الوطن العربى، على أيدى المتسربلين بعباءة الإسلام، بعدما كشفت ثورة يونيو، الغطاء عن مخطط كبير، وعميق والأهم، شرير. فلدينا الآن، ملايين اللاجئين، ومناطق شاسعة، يشيع فيها الخراب والدمار، والحروب الطائفية والمذهبية بين أبناء البلد الواحد،!!.. وهذا الموضوع لا يكفيه مساحة مقال، بل يحتاج الى عشرات وربما مئات الكتب والأبحاث، كى نصل الى احصاء المآسى التى وصلنا اليها، ودائما تحت راية رافعى الشعارات الإسلامية والخلافة والدعوات الى التفتيت لانفراد كل طائفة أو مذهب أو عرق، بـ «فتقوتة» من الوطن، وكأن الاستحواذ عليها نصر مؤزر، وانتصار لمنهج التعصب ورفض الآخر، وهو أقصى ما كان يصبو اليه بامتياز، الحلم الصهيونى.. هذا ويرصد المتابع لمجريات الأمور، بروز أسلوب جديد، وخبيث كالعادة، تنتهجه هذه التنظيمات وصولا الى اهدافها، بعدما جردها الشعب بمساندة جيشه، من الكثير من اسلحتها التى ارادت بها تقويض الدولة المصرية، بحيث يسهل بعد ذلك تنفيذ كافة المخططات.. ويكمن الاسلوب الجديد الذى تفتقت عنه أذهان هؤلاء، فى «تكليف الدولة بمهام مطاردة المفرطين فى شهر رمضان، وكذلك تعقب تاركى الصلاة» !!...

ومن ثم يتغير دور الدولة من تأمين حياة كريمة لمواطنيها وأجيالها القادمة، الى تشتيت جهودها سعيا الى تنفيذ تعليمات التنظيمات والحركات المتعطشة الى فرض نفوذها وهيمنتها، بالتفتيش فى الضمائر وفق منهجها وفهمها هى للدين، كوسيلة لفرض رؤيتها وضمان سيطرتها على مقاليد الأمور.. مع التذكير بأن هؤلاء لم يكلفوا دولة مرسى، أبدا، بمثل هذه المهام.. ولم نسمع لهم صوتا ولو خافتا، يدعو الى عقاب المفطرين وتاركى الصلاة..

ونلاحظ جميعا أن الصورة التى أراد البعض تصديرها، للخارج عن مصر عبر أنباء مطاردة المفطرين وتاركى الصلاة، لا تمت من قريب أو من بعيد، لمهد الحضارة التى اتسمت بالسماحة والوسطية طوال تاريخها، وحتى العقود الخمسة الأخيرة.. فى ظنى، أن الدولة انسحبت من مسئولياتها يوم رضخت لتعصب بعض مواطنى قنا، الذين تظاهروا ضد تعيين محافظ قبطى، والحقت ضررا فادحا بصورتها فى عيون مواطنيها، ليس المسيحيون منهم فقط، بل فى عيون الأغلبية الساحقة من المسلمين.. كان حادث قنا علامة فارقة، حيث اقتصرت الحوادث الطائفية قبله على تعدى متعصبين تابعين للحركات الأصولية والاخوان على مواطنين مسيحيين، أو كنائسهم.

وقد كان تدخل الدولة، فى كل مرة، تدخلا خجولا واحيانا على مضض، بعقد جلسات عرفية لا تتفق ووضع دولة ضاربة جذورها فى عمق التاريخ.. أما انصياع الدولة لتجاوز المتعصبين، وجبروتهم وازدرائهم لكل قيم الإسلام الذى يكفل حرية الاعتقاد وحرية العبادة، وكذلك لمبدأ المواطنة الذى يساوى بين ابناء الوطن الواحد، بغض النظر عن العرق أو الجنس أو الدين، فقد كان معيبا بحق.. وهو ما يؤكده سلوك العدو، حيث لم تسأل إسرائىل يوما عن ديانة المصرى الذى تستهدفه، ولم تطلب فرزا، يضع المسلمين فى جانب والمسيحيين فى جانب آخر، قبل شن عمل من أعمالها العدوانية.. وارتوت ارض المعارك فى بورسعيد وفى سيناء، بدماء مصرية، مسلمة كانت أم مسيحية.. ومن قنا الى العامرية، حيث اندلعت موجات الغضب الشرس ضد بناء كنيسة أو ترميمها، لا أدرى، وكأن بناء ألف كنيسة يمكن أن يهدد الإسلام، وكأنهم لا يعرفون أن مصر، كانت اغلبيتها الساحقة، من المسيحيين الذين دخلوا الإسلام، بدون حرق كنائسهم أو تهجيرهم أو مطاردتهم.. وفى حادث العامرية المحزن والمخجل معا، كان دور الدولة باهتا مهزوزا.. نعرف جميعا ما عانته مصر من جراء تنامى نفوذ تنظيمات الإسلام السياسى بتواطؤ، تصور ان باستطاعته السيطرة عليها، وهو ما يصور لهذه التنظيمات أن بوسعها الاستمرار فى تنفيذ المخطط، بأساليب وحيل اخرى، مثل التفرغ لمطاردة من تعتبرهم هذه التنظيمات مخالفين للإسلام وكأن مصر كانت، قبلهم من كفار قريش.. التغاضى عن تطبيق القانون، وبصرامة، خطر يهدد الدولة ووحدة الوطن..
نقلا عن الاهرام


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع