الأقباط متحدون - هل تدمير إسرائيل ممكن؟
أخر تحديث ٠١:٠٢ | الأحد ٢٦ يونيو ٢٠١٦ | ١٩ بؤونة ١٧٣٢ش | العدد ٣٩٧١ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

هل تدمير إسرائيل ممكن؟

مراد وهبة
مراد وهبة

 محاولة إبادة اليهود فى زمن هتلر بالتعاون مع الحاج أمين الحسينى، مفتى القدس، تلزم منها محاولة تدمير دولة إسرائيل لكى ينتهى الوجود اليهودى على كوكب الأرض. وأظن أن هذا اللزوم كان كامناً فى العقل اليهودى منذ استيلاء هتلر على السلطة فى عام 1933 حتى انتحاره فى عام 1945. واستؤنف فى 29 نوفمبر 1947 وهو اليوم الذى قررت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة تقسيم فلسطين إلى دولتين: دولة عربية ودولة يهودية. وكان الجزء المخصص للدولة العربية أكبر من الجزء المخصص للدولة اليهودية، ومع ذلك قبلته إسرائيل ورفضته الدول العربية. أما «حدتو»، وهى اختصار لمنظمة شيوعية مصرية اسمها الحركة الديمقراطية للتحرر الوطنى، فقد أعلنت فى جريدتها «الجماهير» أن قرار التقسيم سيئ ولكنه الأفضل لأن البديل التورط فى حرب دينية، أو بالأدق حرب صليبية بين العرب واليهود وبدون استعداد من قبل العرب. وإثر نشر هذا الإعلان واجهت «حدتو» حملة شرسة بدعوى سيطرة اليهود على الحركة الشيوعية المصرية، وعلى التزام الشيوعيين المصريين بموقف الاتحاد السوفيتى الذى كان منحازاً إلى قرار التقسيم. والمفارقة هنا أن الرئيس جمال عبدالناصر قال فى حديث له إلى مراسل «نيويورك تايمز» الأمريكية ونشرته جريدة «الجمهورية» بتاريخ 23/5/1955: «ليست لدينا أى مقاصد عدوانية ضد إسرائيل أو ضد أى أمة أخرى. وإننى كجندى أود أن أقول إننى شاهدت كثيراً من ويلات الحرب بحيث أصبحت أشعر بالرغبة المخلصة فى السلام». وقد جاء هذا التصريح متسقاً مع ما رآه فى حرب 1948 من هزيمة ساحقة للقوات الحربية المصرية. والمفارقة الثانية أننا، بعد هذه الهزيمة، انزلقنا إلى هزيمة أخرى فى يونيو 1967. ومعنى ذلك أن رؤية «حدتو» منذ عام 1947 كانت صائبة وجديرة بأن تُروى. وهذا دليل على أن العرب، فى حينها، لم يكن لديهم لا الوعى بأزمة الوضع القائم ولا برؤية لوضع قادم.

 
وفى 15 مايو 1948 تأسست دولة إسرائيل فى غياب دولة عربية. وفى اليوم ذاته قامت الحرب بين العرب واليهود وانتهت بهزيمة العرب فى حرب كانوا يجهلون مغزاها ومداها. ولكن مما هو جدير بالتنويه أن الفضل فى هذه الهزيمة مردود إلى أنها كانت مدعمة من الإخوان المسلمين ومصر الفتاة والنظام الملكى.
 
أما ما حدث فى حرب 1973 بقيادة الرئيس أنور السادات، فكان على نقيض ما حدث فى حربى 1948 و1967 إذ دخلت مصر، فى حينها، فى عملية سلام أفادت منها إلى حين، إذ سرعان ما عُزلت مصر عن الدول العربية، ومن ثم انتقلت الجامعة العربية إلى تونس، واتهم السادات بالخيانة ولهذا قررت الجماعات الإسلامية التى كان يحتضنها سياسياً ومالياً وعسكرياً قتله عمداً فى عام 1981. وقررت النقابات، وفى مقدمتها نقابة الصحفيين، منع التطبيع الثقافى مع إسرائيل، ومَنْ يرفض يُفصل ويُعزل اجتماعياً وسياسياً وثقافياً بحيث يمكن القول إن «منع التطبيع الثقافى» قد ارتقى إلى مستوى المطلق، فأصبح عقيدة يلتزم بها الإنسان ويستشهد من أجلها.
 
ومع ذلك فثمة سؤال لابد أن يُثار:
 
ما مغزى منع التطبيع الثقافى بالرغم من وجود تطبيع سياسى بين المسؤولين فى كل من مصر وإسرائيل، وتطبيع اقتصادى فى مجالات محددة؟
 
إن التطبيع الثقافى يعنى اتصالاً بين الشعبين المصرى والإسرائيلى فى جميع المجالات وبلا تحفظ، ومن ثم يستلزم الاعتراف بـ«وجود إسرائيل»، وعندئذ تصبح عملية السلام مرنة وقابلة للتطور والتقدم.
 
والسؤال بعد ذلك:
 
كيف يمكن إحداث تطبيع ثقافى؟
 
بالعلمانية.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع