عند الرجوع لكتب السنة وأحاديث الرسول أشعر أن ما يروج له الآن دين جديد غير دين الرسول محمد «صلى الله عليه وسلم» لأن المرأة لديها حقوق ضمنها لها القرآن والسنة لكن تأثيرات عصر الجاهلية غلبت ما ورد من حقوق وتم اختزال واجتزاء لكثير من هذه الحقوق، بل واتهام من يتلفظ بكلمة حقوق المرأة وكأنها أفكار غربية دخيلة على ثقافتنا العربية الإسلامية فى إطار ممارسة إرهاب فكرى لكل باحث عن الحق والحقيقة.
من هذه الحقوق الذمة المالية للشابات والنساء، وقد أقرت الشريعة الذمة المستقلة لهن، مما يخولها التعامل مع أموالها سواء من ميراث أو ناتج عمل بكل حرية دون ممارسة أى وصاية من أحد ودون سؤال، وهو ما أكدته الأحاديث النبوية ومنها «عن ابن عباس رضى الله عنه قال شهدت مع الرسول صلى الله عليه وسلم العيد (أضحى أو فطر) ثم أتى النساء فوعظهن وذكّرهن وأمرهن بالصدقة فرأيتهن يهوين إلى آذانهن وحلوقهن يدفعن إلى بلال».
دلالة الحديث أن النساء لم تكن تحت ضغط وإرهاب نفسى يجبرها على العودة للمنزل أولاً لأخذ الإذن، ما يحد من حريتها فى التصرف، من كانت ترتدى حلياً خلعته وتصدقت به لأنه مصاغها جزء من أموالها، تتصرف فى حدود مالها بما يمليه عليها ضميرها، وقد كان فى ذلك الوقت العديد من النساء تاجرات ولهن قوافل للتجارة، ومن أشهر الأمثلة السيدة خديجة، فقد كانت صاحبة مال وتجارة حتى إنها استأجرت الرسول واستأمنته على أموالها وتجارتها.
رغم كل هذا عند مراجعة ما يشاع الآن وما يوجد على شبكة الإنترنت وأقوال بعض المشايخ بأن من حق الزوج أخذ أموال زوجته، أتعجب من أين جاءوا بهذه الأحكام التى تحول المرأة إلى جارية امتلكها الزوج بما تملك وليست إنساناً له حقوق.
اليوم وفى ضوء الظروف الاقتصادية هناك حتمية لعمل المرأة وتعاون الزوجين لضمان حد أدنى للحياة الكريمة، ورغم أن النساء تساهم بكل دخلها أو ما تملك فى المنزل إلا أن هناك محاولة دائمة لإيهامها أن هذا فرض عين عليها أو ضريبة تفضل زوجها عليها بأن سمح لها بالعمل، بل يظل هناك حالة دائمة من إنكار الدور التى تقوم به والإصرار على التعامل بأنها وما تملك ملك زوجها بل ويعبر عن تضرره الدائم من عملها بدلاً من الامتنان لدعمها له.
هذه الثقافة عجيبة ومخالفة لكل مبادئ الشريعة وكل حقوق المرأة فى الإسلام، بل إن مثل هذا السلوك يأتى فى أحكام «الأخذ عنوة» أو «السحت» وليس فى إطار حق الزوج، لأن المرأة إن ساهمت فى الإنفاق من مالها فهو تفضل منها تؤجر عليه، وبدلاً من خلق حالة من الإحباط العام عند السيدات اللاتى يضعن كل دخلهن فى خدمة أسرهن يمكن التفاهم والاتفاق على الدخل وإسهام كل طرف فى الدخل والإنفاق لتعميق روح التعاون والمشاركة.
ففى كتب السنة رغم أنها حفظت للسيدات ذمة مالية مستقلة تقدر تتصرف فى فلوسها بإرادتها لكنها أوصت أن الأقربين أولى بالمعروف، ووردت أحاديث كثيرة عن صحابيات لعبن دوراً مهماً جداً لدعم أزواجهن، ففى حديث عن امرأة عبدالله رضى الله عنه ذهبت للرسول عندما قال «تصدقن يا معشر النساء ولو من حليكن» فقالت له إن زوجها رقيق الحال فأيهما أولى تتصدق خارج البيت أم تسهم معه فى البيت فأوصى لها بدعم زوجها وسيحسب من حسناتها وصدقاتها وأجرها.
أى أن مساهمة المرأة فى الإنفاق «تصدق» تؤجر عليه وليس «سحت» ينزع منها.
نقلا عن المصري اليوم