حب الاستطلاع قادنى على الإفطار إلى مشاهدة حلقة من برنامج «مينى داعش»، بصراحة حاجة تسد النفس، لا فكرة ولا حوار ولا موقف يستوقف العقل للتفكير أو تنبعث من مفارقاته ضحكة صافية من القلب، فقط إمعان محزن فى ابتزاز وإذلال مواطن أعزل ضعيف جاء يبحث عن فرصة عمل، «جناينى» فى حديقة داعش المكفرة من الإنسانية.
حالة من التنطع اللاأخلاقى واللاإنسانى تقوم بتأديتها مجموعة من الشباب العابث، والرجل المذعور فى مصيدة داعشية، يهرتلون بأى كلام، ويسخرون من خوفه، ويهينون كرامته، ويورثونه خوفاً ورعباً، خشيت على الرجل أن يُصاب بأزمة قلبية وسط حالة من الصراخ الهستيرى، دقائق من الخوف فى منزل الرعب.
ما الرسالة التى يبغون توصيلها للمشاهدين المذعورين، إذا كانوا يسخرون من داعش فهم يقدمون داعش كما تحب أن تصور نفسها، مخيفة مرعبة، وإذا كانوا يرومون مشاهدة كثيفة أشك أن تتحمل أعصاب الصائمين دقائق هذا الهراء الممزوج بالصراخ، على صدى صوت التفجيرات والمسدسات والجعجعات الصاخبة، فلا تستطيع أن تميز حتى أنه اسكتش ساخر، رعب أزلى يتفزع منه الكبار، ويحذر من تعاطيه الصغار!.
للأسف هذا الفريق الداعشى ضل الطريق فنياً، لم يقدم فكرة، ما الفكرة، التنفير من داعش، ومَن قال إن هناك مَن يستعذب وجوه القتلة أصلاً، لم يقدم طرحاً، السخرية من داعش، ومَن قال إن هناك مَن أضحكته صرخات «الجناينى» المذعور، النكاية فى داعش، يكفى داعش أنها صارت على المائدة الرمضانية، دعاية فجة ومباشرة لقطيع من القتلة والإرهابيين.
استباحة البشر وكرامتهم وإهانتهم والسخرية من إنسانيتهم، والقسوة المفرطة على أعصابهم، داعش لم تنجح فى تصدير هذا الاسكتش المرعب إلى البيوت المصرية الآمنة، داعش آخر جماعة أو فصيل يمكن السخرية من جرائمه، هذا فصيل عنوانه سفك الدماء، لماذا تصدرون إلينا هذا النموذج الممعن فى الوحشية، أتحذروننا من داعش؟.. لم يصل التحذير قطعاً، وصلت الرسالة الداعشية الحمقاء إلى مبتغاها.
هذه النوعية من البرامج الوحشية لا يقف على رأسها عقلاء، يهتبلنا هستيريون فوضويون بأفكار مهووسة، مغرقة فى العنف والإرهاب، والأنكى والأمرّ يستحلون الآيات القرآنية مطبوعة على ملابسهم الكاريكاتورية، ما الفارق بين داعش ومينى داعش؟.
للأسف الخيط الرفيع بين الواقع الإجرامى الداعشى، وبين ما يقدمه فريق البرنامج من اسكتشات فضائية، سقط فى بئر الدعاية الفجة للعنف والإجرام واستحلال الدين.
مينى داعش تقليد عبيط لمشاهد عبيطة درجت عليها السينما المصرية فى تصوير كفار قريش فى سلسلة أفلام «فجر الإسلام»، ملابس عجيبة أقرب لتخيلات ما يرتديه الشيطان فى جهنم الحمراء، ولحى طويلة مشعثة، ووجوه مربدة، وأصوات زاعقة، وقبضات مكورة، تهديد ووعيد، وثأر وانتقام، وإنى أرى رؤساً قد أينعت!
مينى داعش نموذج كريه لبرامج المقالب السخيفة التى تستحل شاشة رمضان لتورثنا قرفاً على قرف، برامج الرعب الأسود، تستلزم وقفة مجتمعية حقيقية وواعية لدور الشاشة فى تهيئة العقول للتفكير، ما يقدم سحل وتسطيح وتتفيه للعقل الجمعى، العقل الخائف دوما يعجز عن التفكير!
مردود هذه البرامج مخيف، هناك مَن يروج للخوف، لماذا الإصرار على تخويف المصريين، ويذهب إلى تغييب العقول، محزن مثل هذه البرامج تقدم دعاية مجانية لدواعش هذا الوطن، مثل هذه الاسكتشات العبثية تستحل كل القيم الأخلاقية من أجل ضحكة بائسة لا تعلق بالشفاه، انصراف المصريين عن هذه البرامج الداعشية دليل على ذوق المصريين الذى استقبل «أفراح القبة» استقبالاً حسناً، ولفظ الدواعش، وأشاح بوجهه عنهم!
نقلا عن المصري اليوم