أقر قيادي بارز في جماعة «الإخوان المسلمين» بأن تثبيت النظام في مصر أوضاعه داخلياً ودولياً «لا يدفع باتجاه تحقيق مصالحة» بين الحكم والجماعة التي تعاني أعنف أزماتها منذ نشأتها في العام 1928، نافياً تكهنات زادت أخيراً بانفتاح الجانبين على تخفيف حدة الأزمة، خصوصاً بعد تصريحات لوزير عن إمكان المصالحة. واستبعد حصول مصالحات «قبل عشر سنوات على الأقل، إلا في حال حصول مفاجآت».
وكان الجدل زاد خلال الأيام الماضية في شأن المصالحة مع جماعة «الإخوان»، لا سيما بعد تصريحات أطلقها وزير الشؤون القانونية والبرلمانية مجدي العجاتي أكد فيها «إمكان المصالحة مع من لم تتلوث يداهم بالدماء، وفقاً لقانون العدالة الانتقالية الذي تناقشه الحكومة تمهيداً لعرضه على البرلمان المصري».
وأكد قيادي إخواني بارز للحياة اللندنية، أن «ليس من الوارد حصول أي مصالحات في هذه المرحلة، فالوضع الداخلي مستقر، كما أن الحكم يتلقى دعماً خارجياً لم يحدث من قبل. هذا وضع لا يدفع لحصول أي مصالحات، بل سيبقى الوضع على ما هو عليه. لا بوادر لانفتاح، الأوضاع في السجون كما هي، الأحكام تصدر تباعاً، وقوائم الإفراجات لا تضم أحداً من الإخوان».
وكشف أن «معظم قادة الجماعة موزعون على السجون، ويتم الفصل بينهم بحيث لا تجري لقاءات أو جلسات بينهم... حتى حين تتحسن الأوضاع داخل السجون يكون ذلك طفيفاً للغاية، وليس مستقراً، بحيث تعود الأوضاع إلى السوء سريعاً». وأضاف: «ليس في الوارد القريب الانخراط في مصالحة مع الحكم... سيبقى الوضع على ما هو عليه حتى عشر سنوات على الأقل، بانتظار مفاجآت».
وكانت «الحياة» كشفت عملية تصنيف تجري للإسلاميين داخل السجون على أساس التشدد، اعتبرها مراقبون خطوة نحو إطلاق مراجعات. لكن القيادي في «الإخوان» قلل من الخطوة، وإن أقر بعملية الفرز.
لكنه أوضح لـ «الحياة» أن غالبية من يتحدث إليهم الأمن داخل السجون «مجموعات من خارج الإخوان أو من العناصر غير الفاعلة». وقال: «من يجدونه يبتعد من الإخوان ويبدأ اللوم عليهم يتحدثون إليه ويبعدونه من الآخرين ويتم عقد جلسات معه». لكنه أكد أن «تلك الإجراءات تبقى فردية وليست في إطار استراتيجية للمصالحة الجماعية، وبالتالي هذه المبادرات لن يكون لها تأثير كبير، بل على العكس فمن يتم عزله من السجناء والجلوس معه من قبل الأمن يُنظر إليه كخائن من قبل زملائه».
ورأى أن عملية التقاضي في ما يخص الأحكام بالإعدام والسجن بحق قادة جماعة «الإخوان» وكوادرها «سيطول أمدها، فكل تلك الأحكام تم الطعن بها أمام محكمة النقض، وننتظر تحديد جلسات للنظر في الطعون مطلع العام المقبل» عقب انتهاء العطلة القضائية في مصر. وتوقع قبول المحكمة تلك الطعون، «وبالتالي ستسقط كل تلك الأحكام وتعاد المحاكمة... وحتى حين تصدر أحكام في إعادة المحاكمة، لدينا فرصة ثانية للطعن وإعادة المحاكمة للمرة الثالثة، لكن أمام محكمة النقض نفسها». وقال إن «صدور أحكام نهائية لن يكون قبل ثلاث سنوات». ورأى أن «التعاطي مع قضايا الإخوان سيبقى محكوماً بالطابع السياسي»، لكنه استبعد تنفيذ أحكام الإعدام.
وأقر بأن الانقسامات الحادة داخل «الإخوان» أفادت نظام الحكم، «وزادت من الصورة الذهنية السيئة عن الجماعة». لكنه أشار إلى أنه «في حال رغب المسؤولون بالحديث إلى الجماعة، فهم يعلمون جيداً إلى من يتحدثون... من بيده القرار داخل السجن، والبداية يجب أن تأتي من الحكم بإشارات على الانفتاح. وعندها ستجرى مراجعة معمقة داخل الجماعة، لكن الآن الكل في الإخوان يعلم أن هذا النظام ليست في نيته أي مصالحة وبالتالي الطرف الآخر يصعد أيضاً».
وأعادت الأحكام في قضية «التخابر مع قطر» المتهم فيها الرئيس السابق محمد مرسي وقياديون في «الإخوان»، السجال بين القاهرة والدوحة. واستنكرت الخارجية المصرية رد الفعل القطري على الأحكام، ووصفته بأنه «ليس مستغرباً ممن كرس جهوده لتجنيد أبواقه الإعلامية لمعاداة مصر».
وكانت الدوحة انتقدت بشدة الحكم في القضية. وقال مدير المكتب الإعلامي في الخارجية القطرية أحمد الرميحي إن «هذا الحكم عارٍ عن الصحة ويجافي العدالة والحقائق لما تضمنه من ادعاءات مضللة تخالف سياسة دولة قطر تجاه جميع الدول الشقيقة، ومن بينها مصر». وأضاف أن «تهمة التخابر مع قطر الموجهة إلى الرئيس السابق وصحافيين مرفوضة من أساسها ومستغربة».
ورد عليه الناطق باسم الخارجية المصرية أحمد أبو زيد، قائلاً إن «صدور مثل تلك البيانات ليس مستغرباً ممن كرس الموارد والجهود على مدار السنوات الماضية لتجنيد أبواقه الإعلامية لمعاداة الشعب المصري ودولته ومؤسساته». وأضاف أن «القضاء المصري الشامخ لا يضيره إطلاق مثل تلك الإدعاءات المرسلة التي تكشف نيات من يبوح بها، وجهله بتاريخ القضاء المصري ونزاهته ومهنيته الممتدة لعقود طويلة... التاريخ والشعب المصري لن ينسى من أساء إليه».
واعتبر أن «العلاقات والوشائج الأخوية التي تربط الشعب المصري بالشعب القطري الشقيق ستظل راسخة لا تهتز، وستبقى مصر شقيقة وفية ترعى مصالح جميع الشعوب العربية، ولا تتدخل في شؤون الدول الأخرى، وتحافظ على أمن أمتها وسلامتها».