الأقباط متحدون - هكذا تم تجريف العقل الإسلامى
أخر تحديث ٠٥:١٦ | الخميس ١٦ يونيو ٢٠١٦ | ٩بؤونة ١٧٣٢ش | العدد ٣٩٦١ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

هكذا تم تجريف العقل الإسلامى

رامى جلال
رامى جلال

آية قرآنية كريمة، وحديث نبوى شريف، وقول لأحد العلماء، ومأثور شعبى فلكلورى. أربعة محاور ساهمت بشدة فى تشكيل عقل الأمة الإسلامية ووجدانها، ونتج عنها وعن تفسيراتها وتأويلاتها تشوهات وتجريفات لا بأس بها فى فكر الأمة التى تعانى الآن كثيراً، ويُنظر لها من قطاع عالمى واسع على أنها أمة فاشلة، والبعض يخفف هذا التوصيف القاسى إلى «أمة متعثرة» أو «أمة فى محنة». لكن بمعايير متعددة لا يمكن وضعنا فى مراكز متقدمة إلا على مقاييس سلبية، وهذه حقائق وليست جلداً للذات، وعلينا تغييرها والإيمان بقدرتنا على ذلك.. دعونا بداية نكف عن الاستناد إلى المحاور الأربعة الآتية:

المحور الأول: الآية القرآنية (أنتم الأعلون)
يغالى المسلمون فى تفسير تلك الآية من منطلق نازى لا يختلف كثيراً عن «ألمانيا فوق الجميع» ونظريات سيادة الجنس الآرى.. ينتج عن هذه التفاسير أن يتحول الأطفال إلى بالونات منتفخة جاهزة للانفجار فى أى وقت، إما بفعل الإحباط عقب الاحتكاك بالواقع، أو بفعل حزام ناسف بعد الاصطدام بأى آخر.. أو فى أقل الأضرار، يضيع الشخص عمره فى البحث عن كلمة هنا أو جملة هناك لمحاولة بناء منطق يستخدمه لهدم معتقدات الآخر، ليثبت أن المسيحى مُشرك واليهودى كافر والبوذى مخرف والهندوسى مجنون وهكذا.

المحور الثانى: الحديث الشريف (إذا بليتم فاستتروا)
قُصد به ألا تجاهر بالمعصية، لكن العامة يفهمونه كرخصة لفعل المعصية سراً! وهذا حوّل الناس لمجموعة من المنافقين يفعلون الموبقات فى الخفاء، وانتقل هذا للمستوى الأوسع، فأصبح المجتمع كله متديناً شكلياً، يضع نفسه مكان الله، ولا يتحدث إلا عن الدين والأخلاق والشرف، إلا أن الكواليس تحمل عشرات الملايين من جرائم الشرف وملحقاتها! (بالمناسبة منطوق الحديث مختلف فى كتب السُنة لكن المعنى واحد).

المحور الثالث: قول عالِم (إسلام بلا مسلمين)
هو قول الإمام محمد عبدة حين زار أوروبا وقال: «وجدتُ فى أوروبا مسلمين بلا إسلام، ووجدتُ فى بلدى إسلاماً بلا مسلمين». وهذا قول يدل على شوفينية صارخة واستعلاء ممجوج، إذ يفترض أن الأصل فى كل الديانات والمعتقدات، عدا الإسلام، هو اللاأخلاق، وأن أى مبادئ جيدة يطبقها غير المسلمون هى من صميم الإسلام وحده.. بالمناسبة، عندما يقوم هذا الغرب نفسه بأى شىء لا يعجب المسلمون فإنهم يقولون بكل بساطة «الحمد لله على نعمة الإسلام»، وعندما ينبهرون بتقدمهم يقولون «لهم الدنيا ولنا الآخرة».. أقوال حسب الطلب.

المحور الرابع: مأثور شعبى (هذا لا يعبر عن الإسلام الحقيقى)
أى مسلم يقوم بأى فعل سيئ فى أى مكان بالعالم، ستجد من ينتفضون مرددين هذا القول المأثور، حتى أصبح قولاً مبتذلاً. والواقع الذى لا بد أن نعترف به أنه لم يعد هناك إسلام واحد، بل تحول لعدد كبير من الفرق المتصارعة والمتضادة التى لن تتلاقى، ولكن المسلمين يريدون طوال الوقت أن يوضحوا أنهم وحدة عالمية واحدة، وهذا غير صحيح، وغير منطقى.

خاتمة:
مشكلتنا لها شقان: الأول هو الإغراق فى «ماضٍ سحيق»، وتحويله إلى «ماضٍ بالمساحيق» وتجميله وتقديسه وتهذيبه وتشذيبه، ليتم فى النهاية تقديم نسخة من المدينة الفاضلة التى لا يخطئ سكانها الذين هم أصل كل خير وصل إلى البشر منذ عهدهم إلى الآن.. الشق الثانى يتعلق بعدم وضع أنفسنا أمام مرآة مستوية بل تحت مجهر مكبر، فنظن أننا الأعظم والأكبر والأضخم والأفضل والأحسن، كل ذلك على طريقة (أنا مش قصير وقزعة أنا طويل وأهبل) فيما يتعملق من هم حولنا أكثر وأكثر.
نقلا عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع