الأقباط متحدون - فى مثل هذا اليوم 16يونيو 1827م..
أخر تحديث ١٣:٠٣ | الخميس ١٦ يونيو ٢٠١٦ | ٩بؤونة ١٧٣٢ش | العدد ٣٩٦١ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

فى مثل هذا اليوم 16يونيو 1827م..

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
كتب : سامح جميل
فرنسا تعلن الحرب على الجزائر على حين غرة، وتبدأ حصارها لها لمدة ثلاثة أعوام حتى تمكنت من احتلالها. ..
حادثة المروحة كانت الذريعة أو السبب غير المباشر لإعلان فرنسا الحرب على الجزائر ومن ثم احتلالها.
جرت الحادثة في قصر الداي حسين عندما جاء القنصل الفرنسي بيار دوفال  إلى القصر، وهناك طالب الداي بدفع الديون المقدرة ب 20 مليون فرنك فرنسي، عندما ساعدت الجزائر فرنسا حين أعلنت الدول الأوروبية حصارا عليها بسبب إعلان فرنسا الثورة الفرنسية. فرد القنصل على الداي بطريقة غير لائقة بمكانته إضافة إلى أن الداي صاحب حق، فرد الداي حسين بطرده ولوح بالمروحة. فبعث شارل العاشر بجيشه بحجة استرجاع مكانة وشرف فرنسا. وهذه الذريعة كانت السبب في الحصار على الجزائر سنة 1828 لمدة 6 أشهر وبعدها الاحتلال ودخول السواحل الجزائرية.
 
حاولت الإدارة الفرنسية عند احتلالها للجزائر أن تضفي الشرعية على هذه الحملة ,هادفة من خلال ذلك إلى إقناع الرأي العام الفرنسي قبل العالمي بمصداقية هذا الفعل ,مؤمنة أنه لا وجود لنتائج إيجابية دون مقدمات -سواء كانت صادقة أو كاذبة - ,و بذلك قامت بتعبئة الرأي العام الفرنسي قبل موعد الحملة، وتصوير هذه الأخيرة على أنها حملة لاسترجاع هيبة وشرف فرنسا الذين داسا عليهما داي الجزائر ’’حسين ’’ فيما اصطلح عليه بحادثة المروحة. لكن : هل يمكن أن يسير حوالي 40 ألف جندي فرنسي من تولوز -احدى الموانئ الفرنسية جنوبا- لتأديب الداي وديوانه؟ هل يعقل أن نبرر تواجد الاحتلال الفرنسي بالجزائر لمدة قرن وأزيد بمهمة إعادة شرف فرنسا وهيبتها ؟
الخلفية التاريخية
تعود الجذور التاريخية لحادثة المروحة في الأساس إلى أزمة الديون التي نشبت بين الايالة الجزائرية -العهد العثماني - والحكومة الفرنسية ,إذ دعمت الايالة فرنسا بالحبوب خاصة بعد العزلة التي فرضت عليها أروبيا بسبب اعلانها لمبادئ الثورة الفرنسية وحقوق الإنسان ,و محاولتها الضرب بيد من حديد على الأنظمة الملكية الرجعية، فكانت بدلك الايالة خير صديق وحليف لفرنسا باعتراف حكامها انفسهم ,و حدث أن توسطت شركة يهودية يتزعمها الاخوة بكري عمليات دلك التبادل ,و قد كانوا أذكياء في خلق أزمة سياسية بين الايالة الجزائرية والحكومة الفرنسية ,و قد ساعدهم في دلك المخطط قنصل فرنسا بالجزائر ’’دوفال ’’ الدي تطاول على أعلى مرتبة قيادية بالايالة انداك ,’’الداي حسين’’، عند استفساره عن سبب تأخر الحكومة الفرنسية في الرد على رسائله وبرقياته ,فرد عليه القنصل قائلا ان حكومتي لا تتنازل لاجابة رجل مثلكم).
و قد شكل رد القنصل الفرنسي بتلك الطريقة إهانة واستفزازا صريحا للداي وديوانه ,مما جعله يطرده من مجلسه ,ملوحا له بمروحيته. لم يرق الادارة الفرنسية سلوك الداي, طالبة منه الاعتذار في أجل 24 ساعة ورفع الراية الفرنسية على الجزائرية وشروطا أخرى اعتبرها الداي بمثابة اهانة له وللايالة حتى عنه سخر من ذلك ,فيما معناه ,(لم يبق لفرنسا الا أن تطلب زوجتي).....
 
الا أن المتمعن في هده الحادثة والتي اقترنت في تاريخ الجزائر كتوطئة لدراسة الاحتلال الفرنسي لهدا البلد, والدارس للجذور التاريخية لعلاقات فرنسا مع الايالة الجزائرية ,يكاد يجزم أنه لا يمكن أن يكون هدا السبب هو الدافع الحقيقي لاقدام فرنسا على احتلال الايالة -حتى أنه وجد من الباحثين من نفى حادثة المروحة- لأنه وببساطة حدثت قبلها مراويح أعظم وأشد كما عبر عن دلك الباحث ’’مولود قاسم نايت بلقاسم ’’ في كتابه(شخصية الجزائر الدولية وهيبتها العالمية)، فقد سبق لداي الجزائر أن طرد قنصل فرنسا في ملكية لويس الخامس عشر ,بل أكثر من ذلك أن مبعوث هنري الرابع الخاص كاد أن يقتل في الجزائر ,دون أن تتحرك الإدارة الفرنسية ساكنة ,و الأشد من ذلك محاصرة السفينة الجزائرية للميناء الفرنسي سان تروبي بالقرب من تولون عام 1802، واستيلائها على الكثير من العتاد والأجهزة الفرنسية حتى استشاط نابليون غضبا، قائلا انها لفضيحة للجمهورية).
بعد كل تلك الأفعال وهجومات الايالة الجزائرية بغض النظر عن شرعيتها أو لا (أطلق الأروبيون على هجمات الايالات العثمانية بعمليات القرصنة، فيما رأى المسلمون أنها جهاد بحري),لم تتحرك الادارة الفرنسية للقيام برد فعل عنيف وتسير حملة لإعادة اعتبارها، بل بقيت ردود أفعالها مقتصرة على الأقوال والتنديد فقط، على الرغم من أن كل تلك الحوادث السالفة الذكر ,و التي تعتبر أكثر حدة من التلويح بالمروحة وتعد كمساس بسيادة فرنسا ,فلماذا صمتت قبل 1827 ؟و رفعت صوتها بعد دلك التاريخ متحركة برد فعل عسكري ؟. كانت الادارة الفرنسية تدرك حقيقة موقع الايالة الجزائرية والثروات التي تزخر بها، خاصة تلك الموجودة بخزينة الايالة, وقد تأتى لها دلك بعد نجاحها في اعداد تقارير واقدامها بمشاريع تجسسية ,أحدثها حملة ’’بوتان’’ عام 1808 ,هدا فضلا عن دوافعها الأخرى التي لا يمكن اغفالها من محاولة لتنصير الشمال الأفريقي وادخال ما اصطلحت عليه فيما بعد بينابيع الحضارة والتقدم إلى البلاد البربرية !
و يبدو أن دوافعها الحقيقية هده لم تكن غائبة من قبل، بل كان الستار فقط مسدولا عليها ,وفي الوقت الذي ضعفت فيه الايالة والأم التي كانت تحتضنها ,و التي أصبحت تعرف بالرجل المريض ,سنحت الفرصة للإدارة الفرنسية أن تزيح دلك الستار ,متخذة من حادثة المروحة مقدمة..

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter