الأقباط متحدون - تخدير الرأي العام!
أخر تحديث ١٩:١٥ | الاربعاء ١٥ يونيو ٢٠١٦ | ٨بؤونة ١٧٣٢ش | العدد ٣٩٦٠ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

تخدير الرأي العام!

عبد القادر شهيب
عبد القادر شهيب

 حتى لو أقيل أو استقال وزير التعليم لن تتوقف عملية تسريب امتحانات الثانوية العامة، وعمليات الغش الفردي والجماعي فيها أيضًا.. لا تنسوا أننا نعيش ظاهرة تسريب امتحانات الثانوية العامة منذ عدة سنوات، رغم أننا نغير وزير التعليم أكثر من مرة في العام.

 
وأيضًا الملاحقة الأمنية لأصحاب صفحات تسريب الامتحانات على مواقع التواصل الاجتماعي، لن تنهي ظاهرة الغش والتسريب وإلا كانت قد انتهت السوق السوداء للعملة، ونحن نغلق يوميًا العديد من مكاتب الصرافة، ونلقي القبض على العديد من تجار العملة.
 
الغش وتسريب الانتخابات له أسبابه الاجتماعية والتعليمية معًا، وإذا لم نواجه هذه الأسباب بصراحة وصرامة وقوة سوف يستمر هذا الغش، ولن يتوقف، بل ربما يزيد أكثر، وكلما أغلقت صفحة غش وتسريب على مواقع التواصل الاجتماعي سوف يظهر بدلها عدة صفحات.. فقد منعنا الطلاب من حمل التليفون المحمول في لجان الامتحانات فاستخدم متعهدو الغش والتسريب بطاقات الائتمان!
 
وأسباب الغش والتسريب الاجتماعية تكمن في اختلال منظومة القيم الاجتماعية، حينما لم نعد نحترم قيمة العمل، واستبحنا الكسب السهل السريع والحرام أيضًا.. أي تحقيق الكسب بالوسائل الحرام، وبغير العمل.. بذلك صار الغش مقبولا اجتماعيًا وليس مستهجنًا.. الغش في كل شيء وكل عمل، وليس في الامتحانات فقط.. بل صار الكبار لا يكتفون بتلقين أولادهم فنون الغش، وإنما يساعدونهم في ذلك، ويتصادمون مع من يمنعهم من هذا الغش.. وأظن أننا لا ننسى بعد الغش الجماعي في امتحانات الثانوية العامة الذي نعايشه منذ عدة سنوات، والذي يتم تحت إشراف أولياء الأمور!
 
أما أسباب الغش التعليمية فإنها تكمن في فساد المنظومة التعليمية كلها ابتداءً من المناهج الدراسية، وأسلوب التدريس القائم على التلقين والحفظ، وحتى المدارس التي فقدت دورها التربوي.. ولن نحرز تقدمًا في مواجهة تسريب الامتحانات إلا إذا غيرنا أسلوب هذه الامتحانات؛ لنقيس قدرة الطلاب على الفهم والاستيعاب وليس الحفظ.. ومفهوم بالطبع أن ذلك يقتضي أولا تغيير المناهج الدراسية تغييرًا حقيقيًا وليش شكليًا، على غرار ما اعتدنا القيام به، كلما كثرت شكاوى أولياء الأمور فقمنا بحذف بعض المواد لتقليل نسبة الحشو في هذه المناهج.. وإذا حدث هذا سوف تعود المدارس لتمتلئ بالطلاب الذين هجروا ولاذوا بمراكز الدروس الخصوصية؛ لأنهم لن يحتاجوا التلقين وإنما سوف يحتاجون لإعمال العقل.
 
لذلك.. ما أعلنت الحكومة عن القيام به لمواجهة الغش والتسريب في امتحانات الثانوية العامة لا يكفي.. بل هو مجرد تخدير للرأي العام حتى امتحانات العام المقبل.
نقلا عن فيتو

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع