محمد حسين يونس
علاقه المصريون بالهتهم ( التناسلية) نجدها في جميع عصور التاريخ القديم .
فهناك قصة زوجة الكاهن الذى عاش في زمن خوفو وانجب منها (رع) ملوك الاسرة الرابعة (بناة الاهرامات).
كذلك ما نقشته الملكة حتشبسوت بأن الاله آمون أنجبها بعد أن عاشر امها اى أنها ابنة مباشرة للرب.
واغلب ملوك مصر كان لهم القاب مرتبطة ببنوة الاله حورس لهم بما في ذلك رمسيس الثاني .
الاسكندر بعدما غزا مصر ذهب الي معبد آمون بالواحات وعاد منتفخا بعد أن اعترف به آمون ابنا له.
كهنة مصر( مثقفي ورجال اعلام زمنهم ) كان لهم علي مر التاريخ عادتين .. الاولي محو أسماء السابقين من ملوك من علي جدران المعابد واحلال المعاصرين مكانها مدعين أن الملك الذى يخدمونه هو صاحب كل الانجازات السابقه واللاحقة .
والثانية هي تزوير التاريخ وتأليف مآثر وانتصارات لاسيادهم اما مبالغ فيها أو لم تحدث.
اشهر من زور التاريخ كان تحتمس الثالث الذى ازال كل ما يتصل بعمته حتشبسوت (التي شاركته الحكم لفترة) بعد وفاتها
كذلك رمسيس الثاني الذى الف له الكهنة معركة (قادش) التي اباد فيها منفردا جيشا بكامله انهار خوفا ورعبا من طلعته البهية.
الملوك والكهنه ( البطانة بعد ذلك )وجهان لعملة واحده تفرزها الديكتاتورية التي حكمت مصرمنذ تاريخها الاول وحتي الزمن الذى عاد فيه مثقفي مصر للسير علي درب الاجداد مؤلهين رؤسائهم ومدبجين لهم قصائد المدح وقصص الانتصار .
وهكذا عندما ألــَه المصريون رئيسهم ، كما لو كان إبنا ( لرع) أو ( آمن )أويحمل لقب (حورس) كان بامكانه أن يتواجد وسط آلاف من البشر وهو آمن ، حتى لو حملوا عربته فوق الأكتاف وساروا بها.
عبد الناصركان ذلك الرجل الذى يتحرك بين الجماهير دون حراسة ..شكل عربته بعد خطبة الازهر تحيطها الجماهير أو عند زيارته لدمشق يحملها المستقبلون لوحة يجب أن يحفظها كل سياسى ليعرف أن بالامكان فى ظروف معينة أن يأمن لنفسه بين حشود الشعب ولا يحتاج لجيوش الأمن التي تكلف ميزانية الدولة الخربانة ملايين الجنيهات .
و مع ذلك فلقد كان (أى عبد الناصر) ديكتاتورا من نوع تعبده الجماهير التي عندما غادرها خرجت كشعوب بكاملها من المحيط للخليج تشيع البطل الأسطورى الذى رسمت صورته أجهزة البث والدعاية الموجهة وطبعتها في عقولهم وقلوبهم.
يقول وليم شيرر : (( ليس فى وسع انسان لم يعش مثلما عشت فى سنوات طويلة فى بلد يحكم بطريقة جمعية أن يدرك بسهولة ، مدى الصعوبة فى التخلص من النتائج المفزعة للدعاية المخططة والمستمرة لذلك العهد ، وكثيرا ما أجد نفسى فى المواجهة إما فى البيوت أو المكاتب أو فى محادثات عرضية مع إناس لا أعرفهم فى مطعم او مقهى ، فأجد منهم تأكيدات غريبة وعجيبة ، تصدر من أشخاص يبدو عليهم التعلم والذكاء ، ومع ذلك فمن الواضح انهم كانوا يرددون كالببغاوات بعض التفاهات التى استمعوا اليها فى الاذاعة أو قرأوها فى الصحف ، وكثيرا ما كنت أندفع بالاغراء الباطل المنبثق من داخلى فى قول الحقيقة ، فأجد أمامى فى غالب الحالات تشكيكا فى صحة ما أقول أو صمتا مرعبا وكأننى قد كفرت بإله خالق )).. إنتهى الجزء المقتطع من كتاب وليم شيرر عن هتلر وليس عبد الناصر
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ، سألوا واحدة من المتحمسات للنازى .. كيف تم هذا ؟
فردت : لقد تم كل شئ بسرعة وعلى خطوات بحيث تسربت هذه الأفكار الى دمائنا ببطء يوما بعد يوم ، وكانت الانتصارات القومية تجعلنا لا نرى الواقع التعس الذى نعيشه ، وتصبح كل أعمال العنف التى تحيطنا ، ثمنا مناسبا لعودة الكرامة
أن تعمل تحت رئاسة الديكتاتور((الذى يملك رقبتك)) مخاطرة تتطلب أن يكون لديك مجموعة من المهارات الخاصة.. فعليك أن تكون قادرعلي قرأة أفكارة ورغباتة دون أن ينطق ثم تتبناها كما لو كانت أفكارك الشخصية.. وأن تتقن اختفاؤك في ظلة لا يشعر بك الاهو .. واذا ماحدث واضطرتك الظروف لان تتكلم فعليك أن ترجع كل الأفكار والقرارات والانجازات لتوجيهات سيادتة ..بالاضافة لاهمية أن تكون يقظا تعرف اتجاهات القوى .. ولا تقوم بالوشاية الا في الوقت المناسب مع عدم تحديد مصدرها عليك أن تبنيها للمجهول مثل((بيقولوا))..((اشاعات))..((سمعت)) فتتجنب المواجهة ومعارك لا تعرف نهايتها وتظل مغسول اليد نظيفا
هكذا كنت وهكذا كان جيلى و هكذا رست ملامح و تقاليدالمواطن المصرى (الشريف ) مع فارق أن البعض منا بعد هزائم لم تتوقف و سقطات متتالية عرف أن الحقيقة لها أكثر من وجه .
و مع ذلك فلازال أخرون يتمسكون بالسراب ويتخيلون لو أن ناصر حكم مصر مثل محمد على ( 17 مايو 1805 حتى 2 أغسطس 1849 ) بمعنى أربعة واربعين سنة بأن الحياة في رايهم كانت ستكون أفضل.
سؤال البداية لازال مطروحا عليك عزيزى القارئ(( ماذا لوحكمنا (ناصر) حتي اليوم؟))عليك أن تجيب عليه بشرط ولو أمام نفسك علي ألا تكون من تلك الأجيال التى ولدت ونشأت وترعرعت وكبرت وعملت وتزوجت وهى لا تعرف إلا رئيسا وحيدا