الأقباط متحدون - «جراند أوتيل».. الدراما كما يجب أن تكون
أخر تحديث ١٥:٤٠ | الثلاثاء ١٤ يونيو ٢٠١٦ | ٧بؤونة ١٧٣٢ش | العدد ٣٩٥٩ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

«جراند أوتيل».. الدراما كما يجب أن تكون

خالد منتصر
خالد منتصر

 منذ فترة طويلة، ومنذ مسلسل «فاروق» تحديداً، لم أشاهد مسلسلاً تاريخياً يسعى نحو الـperfection أو الرغبة فى الكمال من ناحية الإكسسوار والأزياء والتفاصيل التاريخية والجو والمناخ المناسب للزمن الذى تدور فيه الأحداث، حتى شاهدت مسلسل جراند أوتيل الذى برغم أنه لا يناقش أحداثاً سياسية ولا ينتمى إلى مسلسلات الطرابيش، إلا أنك تشم وتتنفس رائحة ذلك الزمن والتاريخ من خلال الشاشة ودقة التفاصيل وجمال الكادرات وشياكة اللقطات. المسلسل مقتبس، ولكنه ممصَّر، فيه نكهة المحروسة بامتياز وختم «صنع فى مصر» الذى لا تخطئه العين. كتبه السيناريست تامر حبيب بحرفية عالية، وحافظ على إيقاعه اللاهث المخرج محمد شاكر خضير، أكبر صعوبة أن تحافظ على إيقاع سريع لاهث جذاب فى لوكيشن ضيق محدود مثل لوكيشن الفندق، فحركتك محصورة فى غرف وأجنحة ومطعم ومطبخ... إلخ، لا بد أن يكون الحدث ملتهباً حتى لا تمل العين، وهذا ما حدث بالفعل، «على» يبحث عن شقيقته «ضحى» عاملة الفندق، هذا أول الخيط، مثل بكرة التريكو المعقدة تتصاعد الأحداث وتتشابك وتتعقد وتتفكك، من خلال وجبة درامية بها كل المشهيات، علاقات حب بكافة ألوان طيفها، الحب الشهوانى الغريزى ما بين «مراد» مدير الأوتيل والعاملات، الحب بدون أمل ما بين «على» و«نازلى» ذات الحسب والنسب وبنت صاحبة الأوتيل، الحب العطاء بلا حدود ما بين «أمين» عامل الأوتيل الطيب الحنون و«ورد» عاملة النظافة، الحب المتوجس ما بين «سكينة» المسئولة عن الخدم ورئيس الجرسونات الجديد، هناك أيضاً الخيط البوليسى المشوّق الذى يتابع مقتل «ضحى» ثم مقتل «ماهر» عامل الريسبشن، هناك الخط الطبقى ما بين مجتمع الكريمة والثروة ومجتمع القاع والخدم، خطوط متقاطعة متشابكة منحت المسلسل ديناميكية شديدة التميز، جعلت المشاهد فى حالة توتر مزمن وترقب دائم وانتظار متلهف للحلقة التالية، لا توجد رطرطة فى الحوار، ولا بطء فى الحركة، ولا ترهل فى الأحداث رغم محدودية الحركة، وتلك هى المعادلة الصعبة. التمثيل فى هذا المسلسل شديد التميز والتفرد والتوهج والتألق. عمرو يوسف، بكل مواصفات الجان الوسيم، ينحّى تلك الوسامة جانباً ويستخدم كل أدواته التمثيلية، وخاصة العين التى هى نافذة الروح فى الأداء التمثيلى وهى رادار الإرسال والاستقبال الروحى لدى الممثل. عمرو يوسف مشروع نجم أرجو ألا يحرق نفسه فى تقديم البرامج، محمد ممدوح، الشهير بتايسون، غول تمثيل من النوع «التقيل» وسارق كاميرا مع مرتبة الشرف وفائز مزمن فى حلبة التمثيل بدون قفازات ولا أقنعة، أنوشكا مفاجأة أخّرها الغناء كثيراً عن اتخاذها المكانة المناسبة ما بين جيلها فى طابور نجمات التمثيل، محمود البزاوى، بعيداً عن أفلام الكوميديا المستهلكة، ممثل متمكن من أدواته، فاهم لطبيعة الدور، مثقف فى زمن بخيل بالممثلين المثقفين، أمينة خليل وجه جديد مختلف، هادئ، جذاب، لم تطله يد البوتوكس والفيلر بعد، كانت الدراما تنتظره كثيراً كفاكهة فى غير أوانها، أعتقد من طريقة أدائها أنها تعلمت هذا الفن فى الخارج. أحمد داود الذى يؤدى دور مراد حفظى سيكون، وأراهنكم، جوكر الدراما المقبل وفرسها الأسود وأطلب منكم فقط أن تلقوا نظرة على صورته فى الواقع وفى المسلسل وأيضاً تقارنوا بين دوره فى جراند أوتيل ودوره المختلف تماماً فى سجن النسا لتعرفوا أن مخزون بئره فى الدراما ما زال فيه الكثير والكثير.

 
«جراند أوتيل» مسلسل كسب الرهان وكسب قلب الجمهور واكتسب المصداقية، تحية المسلسل هى تحية لكل من يسعى إلى الكمال الفنى فى زمن اللكلكة.
نقلا عن الوطن

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع