بقلم :حنا حنا المحامى
قبل أن أطرق هذا الموضوع أود أن ألقى نظره تاريخيه عاجله على أوضاع المسيحيين والمسلمين فى مصر.
كانت مصر دوله مسيحيه. وحين غزا مصر عمرو بن العاص فرض جزيه على المسيحيين. ومن يرفض أن يدفع الجزيه عليه أن يعتنق الاسلام أو يقتل. كانت النتيجه أن اعتنق الكثير من المسيحيين الاسلام تخلصا من سداد الجزيه ومن لم يتمكن من سداد الجزيه ولا يريد أن يعتنق الاسلام فضل أن يقتل على أن ينكر المسيح الذى افتداه. (وعبارة افتداه يمكن أن أشرحها لمن يريد ذلك بصفه خاصه). وبذلك أصبح الاغلبيه من المصريين مسلمين.
مع تعاقب القرون اندمج الدم المصرى وأصبحوا إخوه يتلاحمون فى السراء والضراء. إلى أن جاء الاستعتمار البريطانى ولعب لعبه غير شريفه على وتر الدين حتى يزرع الفرقه بين المصريين تطبيقا لمبدأ فرق تسد. وللاسف نجح فى ذلك نجاحا كبيرا. فزرع روح الفتنه بين المسيحيين والمسلمين. وحتى يرضى المسلمين أوعز إليهم بأن تكون السلطه فى أيديهم فقط. فأوعز إليهم بأن يكون رئيس الدوله مسلم ورئيس الحكومه مسلم وأغلب الوزراء مسلمين.
استهوى المسلمين هذه التفرقه التى تعطيهم فرص أكبر للسياده وتمسكوا بها. إلا أن الخديوى وجد فى بطرس باشا غالى الكفاءه التى تؤهله ليكون رئيسا للوزراء. هنا وجدها الانجليز المستعمرون أنها فرصه ذهبيه لزرع الفرقه الدائمه بين المسلمين والمسيحيين. وفعلا سهلوا للوردانى السبل وجندوه وقام بقتل بطرس باشا غالى. وهنا قامت الفتنه بكل نجاح وتمكن الانجليز من تثبيت بذور الفتنه حتى ترسخت تماما بن المسلمين والمسيحيين فثبتوا أقادمهم فى مصر.
على ذلك أصبح من الثابت وترسخ تماما أن يكون رئيس الدوله مسلما ورئيس الحكومه مسلم, وأغلب الوزراء والقيادات من المسلمين. وضمانا لذلك أوعزوا أن ينص دستور سنة 1923 على أن يكون "دين الدوله الاسلام." علما بأن الدوله شخص اعتبارى لا دين له.
أراد الخديوى اسماعيل أن ينزع هذه الروح الدخيله على المصريين فقام بتعيين بطرس باشا غالى رئيسا للوزراء. وجد الاستعمار البريطانى أن سياسته فى الفرقه والتفرقه على وشك الانهيار. فما كان من الاستعمار إلا أن أوحى بأحد الاجراء لقتل بطرس باشا غالى وفعلا قام بهذا العمل بنجاح أجير اسمه "الوردانى".
كانت النتيجه أن ترسخت تماما لعبة المسلمين والمسيحيين فى الوزارات المختلفه. وزاد من هذا التمسك أن الاغلبيه المسلمه سوف تستفيد من هذه الفرقه. فأصبح من الثابت أن يكون رئيس الحكومه مسلما وأغلب الوزراء مسلمين.
وحنى يقنع المتطرفون أنفسهم بصحة هذا المبدأ وفى نفس الوقت يستأثرون بالسلطه لان النص جاء على هواهم بصرف النظر عن كونه مفيد لوحدة الدوله وتماسكها أو لا فقد نصوا على مبدأ خيالى وهو دين الدوله الاسلام علما بأنه لا دين للدوله ذلك أن الدوله شخص اعتبارى لا دين له.
كانت النتيجه أن حقق الاستعمار الانجليزى أهدافه وعمل على وجود الفرقه والتفرقه بين المسلمين والمسيحيين فى مصر.
حتى ثورة 1952 جاءت خلوا من أى مسيحى. ألى أن قام قداسة البابا كيرس السادس بشفاء ابنة عبد الناصر. وهنا وهنا فقط بدأ مسار الثوره يتغير فأصبحت الجامعات بالمجموع. ألا أن عبد الناصر قد صدم حين رأى أن نسبة القبول للمسيحيين تفوق نسبة المسلمين. هنا حول جامع الازهر إلى جامعه مدنيه تدرس كل فروع العلم كالجامعات المصريه, ألا أنه تكون قاصره بالطبع على المسلين لان مادة الشريعه الاسلاميه تدرس بها.
ومع محاولة عبد الناصر لازالة عناصر وعوامل الفرقه والتفرقه إلا أن هذا لم ينجح لانه قد سبق السيف العزل. كما أن محاولته تكون محدوده لانه خرج من عباءة الاخوان المسلمين. فعلا قد حاولوا اعتياله لانه خرج من مخططهم ولكنه اعتقلهم جميعا بلا استثناء.
كما سبق القول كانت قد ترسخت بل استهوت فكرة أن يكون رئيس الحكومه مسلما وأغلب الوزراء مسلمين. فكان أن خصصوا وزارتين للمسيحيين إحداهما التموين.
ولكن يتعين أن ندرك أن وجود هذا المبدأ يرسخ فكرة التفرقه بين المسلمين والمسيحيين. ومن يتمسك بهذا المبدأ وهم الاغلبيه الآن لا يعنيه قوة مصر وبالتالى لا يعنيه تماسك مصر ذلك أن صاحب القرار الاخير هم المسلمون وهم الاغلبيه .
إلا أن المسلمين قبل المسحيين لوتمسكوا بمصلحة الوطن وقوته سوف يعيدون النظر بلا أدنى شك فى هذه السياسه لان فى تماسك أى وطن سر قوته.
لما كان المسلمون بوصفهم الاغلبيه هم أصحاب القرار فقد تلاعبوا بصوره مهينه بالتعداد بالنسبه للمسيحيين حتى أنه فى عهد الرئيس مبارك والمدعو العادلى واللذان لعبا على لعبة الدين ألعابا أقل ما توصف به أنها فذره أعلنوا أن تعداد المسيحيين يقل عن خمسة ملايين. ولما وجدوا أن القذاره قد اكتشف أمرها بواسطة المسلمين قبل المسيحيين عدلوا التعداد إلى خمسة ملايين, أى أقل قليلا من تعداد المسحييين بشبرا فقط.
خلاصة القول أن لعبة الاقلال من المسيحيين سواء فى التعداد أو فى الحقوق يضعف مصر علما بأنه لا تثريب إطلاقا إعلان الحقيقه لانهم أيا ما كانت النتيجه فهم لم يكونوا الاغلبيه ولن يكونوا أصحاب سلطه. أما إعلان الحقيقه فمن شأنه وجود التماسك وإعلاء مبدأ "الدين لله والوطن للجميع" وهذا هو سر قوة الدول القويه مثل أمريكا وانجلترا وفرنسا. فهذه الدول على سلبيل المثال لا الحصر بها من المهاجرين على كافة الاديان ويمارسون كافة الشعائر ولكن ذلك لا يؤثر فى انتمائهم الوطنى لدولة المهجر فيتبوأون أعلى المراكز دون أى تفرقه ولكنن المعيار هو الكفاءه لا غير.
هذا المبدا –مبدأ وحدة الوطن لا الدين – هو سر قوة أى دوله فى العالم. فهل لمصر الغاليه أن تتسلح بمبدأ الوحده حتى تكون من أقوى دول العالم؟