بقلم: هويدا العمدة
عجبت جداً عندما رأيت ما حدث من رد الفعل على أزمة أنفلونزا الخنازير التي اجتازت مصر مؤخراً، عجبت عندما رأيت حالة الصمت التي اجتازت كل المنظمات الحقوقية والهيئات الدولية ونشطاء المجتمع المدني والمجتمع الدولي والمحلي، حقوق الإنسان وحقوق الحيوان كل هذا أين هم؟!.
فلا بيان واحد يشجب أو يدين أو يرفض ما يحدث من أية جهة أو كيان منظم، بل كلها اجتهادات فردية، بل وموقف الكنيسة أيضاً، الجميع تخلى عن الأقباط وتركوهم يقفوا بمفردهم أمام كل ما يحدث.
فإذا كان القرار بالتخلص من الخنازير بهذه السرعة غريباً فالأغرب هو موقف كل هؤلاء مما يحدث والجميع في حالة الصمت.
فأين كل هؤلاء من هذه الأزمة الكبرى والتي وقع فيها الأقباط فريسة سهلة لتأكلهم الأسود؟ ولماذا تخلى الجميع عن الأقباط ووقفوا بمفردهم منعزلين محاولين تعلية صرخاتهم للدفاع عن ثرواتهم ولقمة عيشهم فيتم القبض عليهم والتعدي والضرب و...... إلى آخره؟ فوقفوا بمفردهم أمام كل ما يحدث لهم من تدمير وخراب لأموالهم وبيوتهم والقبض على أبنائهم.
اصرخي يا آلام الأقباط يمكن حيطان الكنائس تسمعكوا أكثر من قاداتها ونشطائها، فيكون لها أذن تسمعكم وقلب يعطف عليكم ولسان يتكلم عنكم، اصرخوا كمان وعلوا اللسان ربنا سمعكم ولن يترككم.
فلا تخافوا ولا تقلقوا فوعود الله لكم كثيرة جداً ومعزية جداً.
فخرج قرار التخلص من الخنازير بحجة أنفلونزا الخنازير رغم أنه لا توجد حالة واحدة مصابة ولا تكشف وزارة الصحة المصرية في مصادرها الرسمية عن وجود حالة واحدة مصابة بالفيروس، كما أنه لا توجد حالة عدوى واحدة أو حالة وفاة واحدة كما في حالة الطيور.
وبالرغم من هذا صدر القرار وسرعان ما أخذ طريقه في التنفيذ للقضاء نهائياً لا على الخنازير بل على ثروة من ثروات الأقباط، وبالتالي تظهر حالات الجوع والفقر والبطالة في الأقباط.
فمن المعروف لدى الجميع أن هذه الثروة هي ملك للأقباط فقط حيث أن الخنزير محرّم في الشريعة الإسلامية، وعلى هذا الأساس سرعة القرار وسرعة تنفيذه شيء ليس بغريب، فهو أمر طبيعي وعادي جداً نتيجة لأنه مكروه ومحرم، أما الغريب فعلاً فهو موقفنا نحن وتخلينا عن هؤلاء الغلابة الذي لهم رب يتولاهم طالما أنه تخلى عنهم الجميع وتركوهم بمفردهم يواجهون الصعاب!
فإن كان المبدأ الحقيقي هو فعلاً التخلص من المرض قبل وصوله، إذاً فمن باب أولى التخلص من الطيور والقضاء نهائياً عليها حيث وصل فيروسها بالفعل وأصاب حالات كثيرة ومتفرقة في البلاد بل وسجل حالات عدوى وحالات وفاة للإنسان بسبب أنفلونزا الطيور.
كما أنه يوجد أيضاً في بعض من العالم جنون البقر.. فهيا لنرفع شعار القضاء على الثروة الحيوانية في البلاد لا ثروة الأقباط فقط، وبالتالي الإعدام والتخلص النهائي من (الطيور والبقر والخنازير).
فكان يجب التعامل مع أزمة الخنازير مثلما تم التعامل مع أزمة أنفلونزا الطيور، وكان يجب الحفاظ على الثروة القبطية مثل الحفاظ على الثروة القومية، فالأقباط جزء وكيان لا يتجزأ عن القومية.
فنحن جميعاً حريصين على أنفسنا وعلى بلدنا الحبيبة فلا أحد سيقبل تعرض أسرته أو أقاربه أو جيرانه للخطر، ولكن التعامل مع أي أزمة يجب أن يكون بحرص شديد وليس الإهدار للثروات بهذه الطريقة الغير محسوبة بدقة، فلا لإهدار الناتج القومي للبلاد والأقباط جزء منه.
فأين الوقاية، وأين التطعيم، وأين الفحص الدوري بالكشف المستمر من قبل الطب البيطري؟ وأي مجرد اشتباه في الحالة المصابة تعدم فوراً وبدون مقابل كمان.
والآن وفي ظل تلك الأزمة.. أين اللجان المخصصة لتسليم الأموال واستلام الخنازير؟ أم هو دهم من قبل القوات والتخلص من الخنازير وخلاص وأياً كانت النتائج لا يهم الأمر؟.