"تحدي هذا العام تنظيم امتحانات منضبطة"، جملة رددها الدكتور الهلالي الشربيني، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، مرارًا قبل أشهر من بدء امتحانات الثانوية العامة، مؤكدًا عزمه على وقف المهازل التي تشهدها امتحانات الثانوية العامة منذ ثلاث سنوات بتسريب أسئلة الامتحانات بعد بدءها بدقائق.
ومع أول أيام الامتحانات، تسقط كلمة الهلالي، بتحدٍ آخر دخلته معه صفحات الغش الالكتروني عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث لم تكتف بنشر أسئلة امتحان اللغة العربية كما هو معتاد فقط، بل نشرت نموذج إجابة الامتحان بعد نحو 30 دقيقة من بدءه، وامتحان التربية الدينية قبل بدءه بساعة ونصف، مما اضطر الوزارة لإلغاءه لعدم توافر امتحان بديل.
وأشارت أصابع الاتهام إلى وزارة التربية والتعليم، وبالتحديد "المطبعة السرية" التي يوجد بها نموذج إجابة امتحان اللغة العربية، فعلى غير العادة كانت الاتهامات توجه إلى الطلاب الذين يقومون بتصوير الامتحان عقب دخولهم اللجان مستغلين حالة الارتباك التي تشهدها في الدقائق الأولى، أما هذه الواقعة عكست الآية.
حالة من الارتباك عاشتها وزارة التربية والتعليم، وكذلك طلاب الثانوية العامة وأولياء أمورهم على مدار يومين، اتخذت خلالهما وزارة التربية والتعليم عدة قرارات، أهمها إبلاغ النيابة العامة بالوقائع؛ ما أسفر عن القبض على 12 مسؤولًا من المطبعة السرية ومراكز توزيع الأسئلة، وتشديد الرقابة الأمنية على المطبعة السرية؛ ضمانًا لعدم خروج أي معدات أو أوراق يمكن أن تؤثر على سير التحقيقات؛ توطئة لتحقيقات النيابة العامة.
وأصبح الطلاب يترقبون تسريب امتحان اللغة الإنجليزية، المقرر أن يؤدوه، اليوم الثلاثاء، أو تسريب نموذج إجابته بعد بدءه كما حدث بامتحان اللغة العربية، إلا أن ما حدث هو تداول صفحة "شاو مينج بيغشش ثانوية عامة"، الامتحان بعد 10 دقائق فقط من بدئه رغم إعلان الجهات الأمنية إلقاء القبض على مسؤولي الصفحة.
نشر الامتحان بعد بدءه بعشر دقائق، وحصوله على 3 آلاف إعجاب، وقاه الإلغاء، حيث فرقت الوزارة بين نشر الامتحان بعد بدئه تحت مسمى التداول، ونشره قبل بدئه تحت مسمى التسريب، حيث يلغى في الحالة الثانية فقط، وفق الوزارة.
كتاب دوري أوقع الهلالي في بئر الشائعات:
أصدر الهلالي قبل بدء الامتحانات بنحو أسبوع، كتابًا دوريًا منع بموجبه كافة قيادات الوزارة بمن فيهم الدكتور رضا حجازي رئيس عام امتحانات الثانوية العامة، ومحمد سعد نائب رئيس عام الامتحان ورئيس الإدارة المركزية للتعليم الثانوي، من الإدلاء بأي تصريحات خاصة بامتحانات الثانوية العامة لوسائل الاعلام، وقصر التصريح على بشير حسن المتحدث الإعلامي للوزارة، وذلك لعدم حدوث بلبلة بالامتحانات التي أرادها أن تكون منضبطة.
فخلال اليومين الماضيين، ظهرت الكثير من الشائعات، المتعلقة بنشر امتحان اللغة الانجليزية ونموذج إجابته أكثر من مرة، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ما جعل الطلاب يفقدون الثقة في الوزارة، خاصة مع إلغاء المؤتمر الصحفي الذي كان يعقده محمد سعد رئيس الإدارة المركزية للتعليم الثانوي بعد انتهاء كل امتحان، لتوضيح حقيقة ما يحدث والتفريق بين التسريب ونشر الامتحان، حيث اكتفت الوزارة ببيانات ترسلها على فترات متفاوتة لا تجيب عن كافة الأسئلة، وتصريحات المتحدث الإعلامي المقتضبة وفق التعليمات.
مقترحات في "درج الوزارة"
قال طارق نور الدين معاون وزير التربية والتعليم السابق، إن الخطة الاستراتيجية للوزارة 2014/2030، التي وضعها الدكتور محمود أبو النصر وزير التربية والتعليم الأسبق، كان بها جزء خاص بحلول لمواجهة ظاهرة الغش الالكتروني بامتحانات الثانوية العامة.
وأشار إلى أن برامج الخطة التي تم وضعها لمواجهة "بعبع" الثانوية العامة تضمنت: مشروع المواد المؤهلة، تغيير طرق وضع الامتحان، مشروع الطباعة اللامركزية في كل القطاعات على التوازي، ومشروع "الامتحان المشفر".
وأوضح نور الدين، خلال تصريحات صحفية، أن فكرة "الامتحان المشفر" تقوم على طباعة الامتحان قبل موعده المقرر بساعة واحدة في كل اللجان بالتعاون مع وزارة الاتصالات، من خلال توزيع "كود مشفر" يسمح لرئيس اللجنة بطباعة الامتحان داخل لجنة النظام والمراقبة، للقضاء على أخطر مرحلة يمر بها الامتحان وهي نقله من مراكز توزيع الأسئلة.
وأكد نور الدين اندهاشه من موقف الوزارة بعدم النظر إلى برامج الخطة الاستراتيجية، مؤكدًا أن بها الكثير من الحلول المدروسة والجاهزة للتنفيذ.
من جانبه علق بشير حسن المستشار الإعلامي لوزارة التربية والتعليم، على مقترح نور الدين، لمصراوي، بأنه لا يوجد ما يسمى بالامتحان "المشفر"، لافتًا إلى أنه هذه الافكار قد تكون من اقتراح معاون الوزير السابق، وليست بالخطة الاستراتيجية لتطوير التعليم.
حملات لإغلاق "شاو مينج"
في الجهة المقابلة طالبت صفحة "Thanawya Sarcasm Society" نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، بعمل حملة "reports" للإبلاغ عن صفحات الغش الالكتروني، عبر الفيس بوك، وذلك لإغلاقها.
وأكدت الصفحة، أن ما تقوم به صفحة "شاو مينج بيغشش ثانوية عامة" من نشر الامتحانات وإجاباتها، لن يؤدي إلى إصلاح المنظومة كما تزعم، بل إلى ضياع مبدأ تكافؤ الفرص بين الطلاب، حيث يقضي أحدهم نحو 10 أشهر لمذاكرة المادة، ليتمكن آخر من دخول اللجنة بهاتفه المحمول ويحصل على الإجابات النموذجية للامتحان.
وأكدت الصفحة أن تسريب امتحانات الثانوية العامة، سيؤدي إلى ارتفاع معدلات التنسيق، وضياع أحلام طلاب كثيرين في دخول الكليات التي يريدون الالتحاق بها.
وقد تضامن مع الصفحة، عدد كبير من صفحات التواصل الاجتماعي المهتمة بالشأن التعليمي.