بقلم : د. أميرة علي | الاثنين ٦ يونيو ٢٠١٦ -
٥٠:
٠٥ م +02:00 EET
كمواطنين -أو على الأقل أشباه مواطنين ذوي حقوق دستورية نظرية- في وطننا الحبيب، فيتعين علينا التوقف ملياً أمام حوادث العنف الطائفي المتكررة في أنحاء المحروسة، وأحدثها -إلا أنه للأسف لن يكون آخرها- هو ما حدث في المنيا.
يجب أن نبحث عن حلول لمأساة الطائفية العفنة في مجتمعنا، وحيث إننا نحيا -على حد تعبير السيد الرئيس- في “شبه دولة”، فيجب علينا أن نأخذ على عاتقنا البحث عن سبل مجتمعية لكفاح الطائفية والعنف الطائفي. وفيما يلي بعض الخطوط العريضة التي يمكن أن نبدأ بها:
“الإحتواء” ممنوع والزعل مرفوع
لقد آن أوان التخلص من التعامل مع العنف الطائفي بمبدأ “المعلهش.”، التهدئة والإحتواء والطبطبة في جلسات عرفية وزيارات تطييب خاطر، وقعدات مساطب غير مقبول. وإن كان مقبولا للدولة من باب “ترييح الدماغ”، فيجب أن يرفضه المجتمع المدني.. أن نرفضه نحن! أن نكرس أقلامنا وأصواتنا لإعلاء صوت الحق والدفاع عن المظلوم.. حملات التوعية للجماهير ذات أهمية قصوى، فكل قصةٍ تُحكى وكل تغريدة تُكتب، توثق وتؤرخ حال المجتمع.
مواجهة الواقع ورفع الوعي الجماهيري
يحاول البعض تهوين ما يحدث بوصف أن له علاقة بتقاليد و”شرف”، كما ينكر البعض صحة الواقعة، بالرغم من البيانات والروايات المختلفة المؤكدة لها. وفي الواقع فإن هذا إنعكاس لأن الكثيرين ينكرون في قرارة أنفسهم فكرة أن مسيحيي مصر مضطهدون، والسبب في ذلك واضح: كل المصريين مهانون مهدرة حقوقهم، فيصعب على المسلمين منهم فهم أن معاناة الأقليات غير المسلمة أكبر بكثير، ولكن الاعتراف بهذه المعاناة هو أول خطوة في الإصلاح، فيتعين على مثقفي مصر وإعلامييها تسليط الضوء على قضايا الإضطهاد بجوانبها المختلفة.
يجب أن نعتذر جميعا لمسيحيي مصر عن توغل القسوة والعنف وكره الآخر في قلوب السواد الأعظم من مجتمعنا، فصمتنا عن تطرف المتطرفين وسكوتنا على العنف الطائفي هو ما أدى لانتشاره.. نحن مسؤلون جميعاً عن تفشي العنف السلوكي في المجتمع، وإعترافنا بذلك هو أول طريق الخلاص. أبسط ما يمكننا فعله هو أن نستنكر أكثر.. أن نتدخل إن رأينا ظلما واقعا.. ألا نخاف من الإتهامات بالعمالة للغرب، وندافع عن حقوق مواطنة كل المصريين.. ألا نقبل أبداً بالترضيات المجحفة، وألا نقع في فخ لوم الضحية.
الحريات الشخصية ليست رفاهية :
محاولة إعادة إختراع العجلة هو غباءٌ بين، وطريق هلاك الأمم ودمار البلاد. تقدمت الدول وتطورت عندما أخرجت أنفها من شئون الناس الشخصية وما يعبدون ومع من يتناكحون، واهتمت بتقديم الخدمات لهم وحمايتهم.. إن دئبنا نحتفي بالدولة المتدينة حامية “الشرف”، فنحن نشجع المهاويس على التطرّف والعدوانية.
وأخيرا: آن الأوان أن نغضب!
في عام ٢٠١١ سكت البعض عن تعرية فتاة التحرير، لأنها من الثوار، وهاجمها البعض لاختلافات سياسية.
ويبقى الآن السؤال، هل سوف تسكتون عن تعرية الست سعاد، لأنها ليست من ملتكم؟
فإن فعلتم هذا، فتذكروا أن الوطن واحد، وأن دائرة العنف تكبر، وسوف تطولنا يوما جميعا، وسيكون لسان حالنا وقتها مثل الثور الأسود الذي فرط في لحم أخيه، وعندما نال منه الأسد أخيرا قال لافظاً أنفاسه الأخيرة: “إنما أكلت يوم أكل الثور الأبيض.”
نقلا عن za2ed18
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع