شكك قياديون فلسطينيون بنوايا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي أعلن قبوله بمبادرة السلام العربية.
وكان نتنياهو قد طالب بـ"إجراء تعديلات على المبادرة"؛ الأمر الذي أثار العديد من الأسئلة حول حقيقة تصريحاته.
ومع أن رئيس الوزراء الإسرائيلي أعلن رفضه للمبادرة الفرنسية سابقا، فإنه مع ذلك يحاول أن يحقق أقصى استفادة ممكنة من هذا الحراك الفرنسي والإقليمي والدولي، ومن إعادة طرح موضوع مبادرة السلام العربية على أساس محاولة تعديلها، بحسب المحلل السياسي خليل شاهين.
وعبر التصريحات المضللة بشأن مبادرة السلام العربية، يرى المحلل السياسي أن إسرائيل تريد أن تقفز إلى خط النهاية لهذه المبادرة. أي إلى النقطة المتعلقة بالاعتراف بإسرائيل، وإقامة علاقات طبيعية مع عدد من الدول العربية والإسلامية. وتتجاهل إسرائيل، من جهة أخرى، كل ما يضعف ذلك وما هو مطروح عليها، بما في ذلك ضرورة انسحابها من الأراضي المحتلة، ثم إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
وفي كل الأحوال، يوضح خليل شاهين، إن نتنياهو يحاول للدفع باتجاه الانفتاح على المحيط الإقليمي والدول العربية، التي يبدو أن هناك تعاملا سريا بينها وبين إسرائيل. وهذا ما سمعناه اليوم من وزير المالية الإسرائيلي موشيه كحلون، الذي أشار إلى إمكان انعقاد مؤتمر إقليمي تحضره الدول الإقليمية وكذلك إسرائيل؛ ما يشكل فاتحة لتصفيات إقليمية تكون إسرائيل طرفا فيها وتقيم العلاقات معها.
ولذلك، يحذر متابعون لشؤون الشرق الأوسط الفلسطينيين مما تقوم به حكومة نتنياهو من ترويج مضلل بشأن إمكان التعامل مع مبادرة السلام العربية؛ لأن ذلك يعني أن ما تقوم به إسرائيل عمليا هو جني ثمار العملية السياسية أو ثمنها حتى قبل إطلاقها، لتقوم بعد ذلك باستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين بعد اجتماع باريس مباشرة.
قلق في الجانب الفلسطيني
أما بالنسبة إلى الموقف الفلسطيني، فيرى خليل شاهين أن هناك قلقا من الحراك الذي تشهده المنطقة، والذي تصدَره في الخفاء رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، الذي تحرك بتشجيع من بعض الدول العربية باتجاه القاهرة من اجل أن يطرح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اقتراح عقد لقاء قمة برعاية مصرية بين الرئيس محمود عباس ورئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، وكل ذلك أيضا ترافق مع وجود إشارات إلى الدفع باتجاه حكومة نتنياهو من اجل الالتفات على العملية السياسية مع الفلسطينيين بشرط إبداء الاستعداد أولا لتعديل مبادرة السلام العربية.
والرئيس محمود عباس في كلمته أمام اجتماع وزراء الخارجية العرب قبل أيام في القاهرة، أعرب عن قلقه من إمكان تعديل المبادرة العربية.
جاء ذلك عندما أكد أن هذه المبادرة يجب أن تُقبل كما هي، وأنه لا يمكن في واقع الحال إقامة علاقات مع إسرائيل قبل أن تلتزم بالانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة وإقامة دولة فلسطينية مستقلة. وهذه الإشارة من محمود عباس توضح أن هناك معلومات بأن حراكا يجري في الخفاء من اجل القفز عن المبادرة العربية حتى وان لم يجرِ تعديلها رسميا".
بينما يرى المحلل السياسي عبد المجيد سويلم ألا ضغوط تمارَس على الجانب الفلسطيني بشأن المبادرة العربية للسلام؛ لأن الرئيس الفلسطيني، في خطابه أمام وزراء الخارجية العرب، حدد وبشكل واضح ودقيق وغير قابل للتأويل ما تنص عليه المبادرة، وهو الانسحاب من كل الأراضي العربية بما فيها الأراضي الفلسطينية والجولان السوري، ليتم التطبيع مقابل ذلك.
ويستبعد سويلم أن تقبل إسرائيل المبادرة الفرنسية بشروط أو بغير شروط. وحتى لو ذهبت هذه الحكومة باتجاه السلام الحقيقي، فسينفرط عقدها بعد خمس دقائق من بعد هذا القرار. فلا يوجد في إسرائيل الآن من هو جاهز للعملية السياسية. وكل ما في الأمر هو مناورة يقوم بها نتنياهو بالاتفاق مع أفيغدور ليبرمان ونفتالي بينيت باتجاه حلحلة الأوضاع التي تحيط بهم.
ويتوقع المحلل السياسي استمرار المواجهة في حال رفض إسرائيل المبادرة الفرنسية. فـ"نحن في عملية مواجهة مع هذا الاحتلال وكل منظوماته". ويضيف عبد المجيد سويلم: نحن لا نستطيع مجابهة هذا الاحتلال ومشروعاته وخداعه ومراوغاته إلا إذا كان الوضع الفلسطيني متماسكا على مستوى الوحدة الداخلية، وعلى مستوى تسخير كلن الأداء الفلسطيني باتجاه استراتيجية صمود وطني. "ولا أعتقد أننا سننجح إذا بقي الوضع على ما هو عليه".
طبعا، وقبل كل شيء، هم يتحدثون عن دولة يهودية يعترف بها العالم العربي وبتوقيع الفلسطينيين، ويتحدثون بشكل واضح عن أن القدس غير قابلة للحل على الطريقة القديمة، واليوم صباحا (02/06/2016)، كان هناك تصريح لنتنياهو على هذا الصعيد. وثالثا وهو الأهم، ما يريدونه بحسب عبد المجيد سويلم أن يسير التطبيع بوتيرة أسرع بكثير من وتيرة تحديد الانسحابات من الأراضي العربية المحتلة.
وأخيرا، يرى الفلسطينيون إنه من غير الممكن مجابهة إسرائيل من دون أن يكون وضعهم الداخلي متماسكا، ومن دون أن يكون أداؤهم على كل الصعد عنوانه البقاء.