بقلم/القس ايمن لويس
مفاهيم وممارسات خاطئة فى الغفران والتسامح فى الحياة المسيحية .. ..
شائع بيننا نحن المسيحيين فى منطقتنا ، فهم خاطئ عن التسامح والغفران فى مغالاة لتفسير بعض النصوص التى تستقطع من سياقها يستخدمها البعض من المسيحيين لتبرير سلبتهم ، ويستخدمها الاخر تارة لاجهاض اى محاولة لموقف ايجابى ضد الظلم والاضطهاد ، وتارة اخرى سخريه من البعض على عقيدة الضعف والخنوع . ومن النصوص التى اصبحت مستهلكة فى هذا السياق :
متى 5 أحبوا اعدائكم ! .
خر 14: 14 الرب يقاتل عنكم وانتم تصمتون ! .
صحيح اننا نفتخر بهذه النصوص ، لان عقيدة التسامح والغفران فى المسيحية تفرد حصرى يؤكد انه فعلا رسالة ووحى من الرب . لكن فى المقابل يغفل المسيحيون ومعهم الاخرون نصوص اخرى توضح التوازن مع هذه الايات .
* فالايمان المسيحى ينادى بالتسامح والغفران .. لكنه لا يشجع على الضعف والهوان !! ، وتلاميذ المسيح اسوة بسيدهم الذى قدم نفسه على الصليب ، قدموا حياتهم للاستشهاد بلا خوف ونذكر ما حدث مع بطرس الرسول عندما تم تهديده من قبل اليهود حتى يمتنع عن التبشير والتعميد : "لنهددهما تهديدا ان لا يكلما احدا من الناس فيما بعد بهذا الاسم». 18 فدعوهما واوصوهما ان لا ينطقا البتة، ولا يعلما باسم يسوع..19 فاجابهم بطرس ويوحنا وقالا:«ان كان حقا امام الله ان نسمع لكم اكثر من الله، فاحكموا. 20 لاننا نحن لا يمكننا ان لا نتكلم بما راينا وسمعنا" .. وقال بولس الرسول : من أجلك نمات كل النهار ! . وفى التاريخ المعاصر صورة شهداء ليبيا ماثله فى الاذهان ولن تمحى تبرهن على شجاعة المسيحى .. فليس الشجاعة هى تجمع الرعاع والاعتداء على عزل او التخفى والقتل والتفجير ، انه الخسة والندالة والهمجية ، وليس القوة او الشجاعة .
نعم غاضبون ، ولكن لسنا خائفون . فالغضب حق اعطانا اياه الله ، كما انه من سمات الطبيعية للخلائق ! . ولكن تدجرنا وغضبنا لا ينسينا ما اعلنه لنا مسيحنا مما سوف نلاقيه من السفهاء الاشرار الارهابيين ، فقد قال لنا : يو 16: 2 سيخرجونكم من المجامع، بل تاتي ساعة فيها يظن كل من يقتلكم انه يقدم خدمة لله ... مت 10: 28 ولا تخافوا من الذين يقتلون الجسد ولكن النفس لا يقدرون ان يقتلوها بل خافوا بالحري من الذي يقدر ان يهلك النفس والجسد كليهما في جهنم .
* قال المسيح فى نفس الموعظة على الجبل "من غضب على اخيه باطلا" .. يجب قرأت النص جيدا .. «قد سمعتم انه قيل للقدماء: لا تقتل ومن قتل يكون مستوجب الحكم. 22 واما انا فاقول لكم: (ان كل من يغضب على اخيه باطلا) يكون مستوجب الحكم ومن قال لاخيه: رقا (تافه) يكون مستوجب المجمع ومن قال: يا احمق يكون مستوجب نار جهنم متى5 . اذا فمن حقنا ان نغضب عند الاعتداء علينا ، والزاما علينا ان نعبر عن غضبنا ولكن بتأدب وسمو اخلاقى .. اف 4: 26 اغضبوا ولا تخطئوا. لا تغرب الشمس على غيظكم . .
وفى حكمة الخالق الذى يدير الكون ، ووضع له ضوابطه . قنن الرب يسوع مسالك التعبير عن الغضب .
1- ضرورة المجاهرة بالغضب .. وشجاعة الدفاع عن النفس ، وعدم قبول المهانة .. يو 18: 23 اجابه يسوع: ان كنت قد تكلمت رديا فاشهد على الردي، وان حسنا فلماذا تضربني؟ .
2- اعلانه لدى أولى الامر المعنيين . فعندما شعر بولس الرسول بالظلم الوقع عليه صعد شكواه الى اعلى سلطة فى البلاد الى الرئيس !! . اع 25: 11 "لاني ان كنت اثما، او صنعت شيئا يستحق الموت، فلست استعفي من الموت. ولكن ان لم يكن شيء مما يشتكي علي به هؤلاء، فليس احد يستطيع ان يسلمني لهم. الى قيصر انا رافع دعواي" .
3- عدم الصمت والتهاون والتفريط فى الحقوق .. هكذا فعل الرسول بولس مطيعا لوصايا المسيح الرب ، عندما شعر بالظلم والتهديد .
اع 25: 8 اذ كان هو يحتج:«اني ما اخطات بشيء، لا الى ناموس اليهود ولا الى الهيكل ولا الى قيصر" .
اع 25: 10 فقال بولس:«انا واقف لدى كرسي ولاية قيصر حيث ينبغي ان احاكم. انا لم اظلم اليهود بشيء، كما تعلم انت ايضا جيدا" .
. احترام القانون وهيبة الدولة والسلطة التنفيذية والقضائية 4-
مت 5: 25 كن مراضيا لخصمك سريعا ما دمت معه في الطريق لئلا يسلمك الخصم الى القاضي ويسلمك القاضي الى الشرطي فتلقى في السجن .
هذا هو المنهج المسيحى الاخلاقى . فليس من تعاليمنا او ثقافتنا السلوك القبلى الغوغائى ، او الهمجية والبلطجة ، فالتسامح والغفران مقنن ، ويمارس فى البيئة الصحيحة . كمان ان هناك فرق بين التسامح والغفران فى القضايا والمشاكل الشخصية وله قواعده فى منهج التعاملات المسيحية ، وبين المشكلات الاجتماعية والسياسية .
واخيرا المسيحية والمسيحيون ابعد ما يكون عن تكوين الجماعات الجهادية المسلحة والتنظيمات الارهابية تحت اى وضع ، وليس تعبيرنا عن غضبنا حجة للبعض ليعلن تطرفنا .. غاضبون وسوف يزداد غضبنا ويزداد صوتنا علوا . وغضبنا لا يتعارض مع وداعتنا وتسامحنا .
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع