بتدخل الرئيس عبدالفتاح السيسى وتطييب خاطر سيدة قرية «الكرم» وتأكيده أن القانون سوف يطبق على الجميع دون تفرقة وعلى كافة المستويات وأن من أخطأ سيحاسب مهما كان موقعه ومهما كان العدد، بهذا التدخل أُغلقت أخطر صفحة من صفحات هذه الأزمة التى تفاعلت بفعل الإدارة السيئة والعقلية التمييزية وغياب الرؤية. بعد كلمات الرئيس شعر القطاع الأكبر من المصريين الذين تفاعلوا إنسانياً مع هذه السيدة المصرية، والذين ليس فى قلوبهم مرض التعصب الدينى والطائفى، شعروا بالارتياح، لاسيما أن المناسبة التى علق فيها الرئيس على الجريمة كانت جميلة وعزيزة على قلوب المصريين وهى بدء عملية القضاء على العشوائيات التى تلطخ وجه مصر وتمثل وصمة على الجبين.
ما هى إلا ساعات وبدأت برامج التوك شو، وإذا بحملة هجوم واتهامات بشعة تأكل الأنبا مكاريوس أسقف المنيا الذى وقعت الجريمة فى دائرة أسقفيته، كالوا الاتهامات للرجل بأنه طائفى، متعصب، استغل واقعة تعرية السيدة فى فضح الدولة المصرية وأنه طالب بتدخل أجنبى لحل هذه القضية. الاتهامات كاذبة جملة وتفصيلاً، فهذا الرجل الذى أعرفه جيداً ناله النصيب الأكبر من حرائق الكنائس بعد فضّ اعتصامَى النهضة ورابعة بحرق الإخوان وأنصارهم نحو عشرين كنيسة ضمن إبرشية الرجل، وقتلوا وسحلوا مواطنين مسيحيين ولم ينطق الرجل ببنت شفة. أيضاً عندما ظهرت مشكلة دير وادى الريان أسند البابا للأنبا مكاريوس مهمة الإشراف على هذا الدير والسيطرة عليه على النحو الذى لا يعيق تنفيذ المشروعات القومية للدولة، وقد فعل الرجل كل ما بوسعه من أجل مساندة الدولة فى تسوية هذا الملف وتنسيق الخطوات مع المهندس إبراهيم محلل وتوافق على كثير من المواقف، لم يكن الرجل فى يوم من الأيام متعصباً ولا متطرفاً ولا أيد أى مواقف تتسم بالتشدد. كان موقفه فى أزمة سيدة قرية «الكرم» وطنياً خالصاً، فقد طالب بتطبيق القانون على الجميع، ورفض إجراء جلسة صلح عرفية اعتادت الأجهزة الأمنية والمحلية عقدها عقب كل حادث طائفى تنتهى بقبلات بين قساوسة ومشايخ وتظل النار تحت الرماد تعمل لإفراز مزيد من الجرائم الطائفية. ما طالب به الرجل هو تطبيق القانون على الجميع، بل أصدر بياناً رائعاً طالب فيه رجال الدين بالابتعاد عن المشهد وترك القضية للقانون. طالب الرجل بحل قانونى عاجل للقضية محذراً من مغبة عدم الحل وأنه يمكن أن يكون بوابة تدخل خارجى فى شئوننا الداخلية، لم يطالب الرجل مطلقاً بتدخل ولا هدد به، وإنما تمسك بما طالبه به البابا وهو تطبيق القانون.
ولأن تطبيق القانون سوف يكشف تواطؤ مسئولين فى الأجهزة الأمنية والتنفيذية، صدرت الأوامر لعدد من الإعلاميين المعروفين بتلقيهم الأوامر من جهات أمنية بشن حملة على الرجل واتهامه بالتطرف والتعصب والدعوة للتدخل الأجنبى، وهى اتهامات باطلة جملة وتفصيلاً وتكشف عن عقلية أمنية قاصرة، تدير قضايا هذا الملف بقدر كبير من التعصب والانغلاق، تسىء للنسيج الوطنى وتُبعد الأنظار عن الإنجازات التى يحققها الرئيس، فبدلاً من أن يركز هؤلاء الإعلاميون على مشروع الأسمرات الذى افتتحه الرئيس فى نفس اليوم لنقل سكان العشوائيات، انخرطوا فى شن حملة على الأنبا مكاريوس الذى وصفه الشباب القبطى بأسد الصعيد ودشنوا «هشتاج» داعماً له، وكأنهم ومن خلفهم أرادوا تضخيم مشكل مصر الطائفية وعرقلة جهود الرئيس لبناء دولة مدنية حديثة.
يا سادة، الأنبا مكاريوس واحد من أكثر الشخصيات وطنية ومحبة لمصر، وهو مصرى حتى النخاع ومن طين هذا البلد، توقفوا عن نشر الأكاذيب وترويجها، وكفوا عن تكليف الوجوه الكريهة بتوجيه اتهامات لم تعد تنطلى على أحد، ركزوا فى الإصلاح والبناء، إصلاح أحوال البلاد والعباد، وبناء الاقتصاد المصرى ووضع أسس دولة مدنية ديمقراطية حديثة.
نقلا عن الوطن