فى مثل هذا اليوم 27مايو 1832م..
الجيش المصري بقيادةابراهيم باشا يفتح مدينة عكا فى فلسطين بعد إعلان حاكم مصر محمد علي باشا الحرب على والي عكا عبد الله باشا بحجة إيوائه 6 آلاف من المصريين الفارين من التجنيد ورفضه إرسال الأخشاب لبناء الأسطول المصري، واستسلمت عكا بعد حصار دام 6 أشهر...
فكرة طالما كانت تختلج فى نفس عاهل مصر الاعظم محمد على باشا الكبير منذ سنة 1810 الا وهى ضم سوريا الى مصر ، وكان يأمل ان يصل الى حكمها بموافقة السلطان فى تركيا ، فقد سبق ان وعده السلطان بالتنازل له عن بعض الولايات تعويضا له عما خسر من مال ورجال فى شبه جزيرة العرب وفى رودس وقبرص وكريت وبلاد المورة وفى السودان ، الا ان السلطان لم يف بما وعد .
فأعتزم محمد على ان يناله بحد السيف ، وسرعان مانشبت حرب شعواء بين القوات المصرية والتركية بدأت مرحلتها الاولى فى اكتوبر عام 1831 وانتهت فى ديسمبر سنة 1832 ، حيث عاد السلام يرفرف على الدولتين مدى سبعة اعوام الى ان تجددت الحرب ثانية فى عام 1839 .
بدأت حروب الشام بأن ارسل محمد على الى ( عبد الله باشا الجزار ) والى عكا يأمره برد المزارعين المصريين الذين هاجروا الى الشام فرارا من الضرائب ، فأبى بحجة انهم من رعايا السلطان ولهم الحرية التامة فى ان يعيشوا فى اى جهة من املاك الدولة .
وكان لمحمد على فى ذمة عبد الله باشا دينا ، فطالبه به فرفض ايضا ، فكتب محمد على الى والى عكا مهددا بأنه سيرسل ابنه ابراهيم ليستخلص من المال والرجال ( وزيادة واحد ) ( يقصد بالواحد الزيادة عبد الله نفسه ) ، ولما شكا محمد على الى السلطان من تصرفات والى عكا لم ينصفه .
وازاء ذلك لم يجد محمد على مندوحة من ان ينال بالقوة مالم ينله بمنطق الحق ، فتحرك الجيش المصرى فى 31 اكتوبر سنة 1831 تحت امرة ابنه ابراهيم وكان مؤلفا من 30 الف جندى مزودين بكثير من مدافع الميدان والحصار ، وسار الجيش فى ذات الطريق الذى اتبعه نابليون عندما غزا فلسطين وهو طريق العريش ومنها الى خان يونس ثم الى غزة ومنها الى يافا .
وفى 2 نوفمبر سنة 1831 تحرك الاسطول المصرى حاملا جزءا من الجيش وكميات كبيرة من المؤن والذخائر الحربية .
ولقد اقل الاسطول ايضا ابراهيم باشا واركان حربه وسليمان الفرنساوى الى يافا .
وفى 8 نوفمبر سنة 1831 دخل المصريون يافا ، وفى 13 نوفمبر احتلوا حيفا ، وفيها وفد اليهم زعماء قبائل عرب نابلس وطبرية والقدس وقدموا الطاعة .ثم بدا المصريون حصار ( عكا ) ذلك الحصن الذى عجز نابليون عن اقتحامه وارتد عنه خائبا ، وفى اثناء ذلك اراد السلطان اثارة الرأى العام ضد محمد على ، فألف مجلسا كان متفى الاستانه من اعضائه ، واعلن فى 23 ابريل سنة 1831 تمرد محمد على وعزله وتعيين حسين باشا سردارا وواليا على مصر بدلا من محمد على ، الا ان قرار التمرد والعزل لم يثن محمد على عن عزمه فواصل القتال بعزم وبأس .
وفى 5 ابريل سنة 1831 دخل المصريون طرابلس وكانوا من قبل احتلوا صور وصيدا وبيروت وكانت كلها داخلة فى ولاية عبد الله .
وكانت اول موقعة بين المصريين والاتراك عند قرية الزراعة ( جنوبى حمص ) ، فألتقى الاتراك بقيادة عثمان باشا بالمصريين فدارت الدائرة على الاتراك وطاردهم المصريون حتى دفعوا بهم الى نهر العاصى حيث غرق عدد عظيم منهم .
ثم شدد المصريون الحصار على عكا وامطروها وابلا من القنابل وكانت حاميتها تتألف من 6 الاف مقاتل يقودهم ضباط اوروبيون .
وكان سورها منيعا فقاومت مقاومة عظيمة ولكن نتيجة ذلك ان دك السور واقتحمه المصريون واستولوا على القلعة بعد قتال مروع ، واسروا عبد الله والى عكا نفسه بعد ان دافع عنها دفاع الابطال ، وقد ارسله ابراهيم باشا الى مصر فأقام فى جزيرة الروضة ذليلا حتى 22 ديسمبر سنة 1833 .
وبذلك انتهى حصار عكا بتسليمها للجيش المصرى بعد ان استمر ستة اشهر ، وقد تكبد كل من الفريقين خسائر فادحة بلغت فى الجيش المصرى 4500 قتيل وخسرت الحامية 5600 قتيل ، وقد بلغ عدد القنابل التى القاها المصريون على عكا 50.000 وعدد القذائف 203.000 ، على ان هذا الفتح كان له دوى عظم تجاوب فى الخافقين ، لأن عكا هذه قد امتنع من قبل على نابليون من نيف وثلاثين سنة ، وعجز عن فتحها ، فأنتصار ابراهيم باشا فى فتحها هو صفحة مجد وفخار للجيش المصرى .
بعد ان استتب الامر لأبراهيم باشا فى عكا واعاد ترميم قلاعها وتحصينها اراح جنودة ورتب اموره كى يمضى شمالا قاصدا فتح دمشق ، فغادر عكا يوم 9 يونيه سنة 1832 فى جيش مؤلف من 18.000 مقاتل ..!!